تونس: أكدت أولى النتائج الجزئية غير النهائية لانتخابات المجلس الوطني التاسيسي في تونس الصادرة الثلاثاء تقدم حزب النهضة الاسلامي بفارق كبير على اقرب منافسيه وايضا نتيجة جيدة لحزب المؤتمر من اجل الجمهورية بزعامة منصف المرزوقي.

كذلك، ثمة quot;مفاجاةquot; آخذة في التشكل قد تحدثها قائمة quot;العريضة الشعبية من اجل العدالة والتنميةquot; بزعامة الهاشمي الحامدي. واعلنت الهيئة المستقلة للانتخابات انه سيتم الاربعاء الاعلان عن موعد نشر النتائج النهائية وذلك بسبب عدم الفراغ من عملية فرز الاصوات، خصوصا في ولايات تونس الكبرى الاربع ذات الثقل الانتخابي الحاسم.

وحتى قبل اعلان النتائج النهائية بدات المشاورات بين القوى السياسية للتحضير للمرحلة الانتقالية الثانية التي تلي اعلان نتائج الانتخابات. واعلن مصطفى بن جعفر زعيم حزب التكتل اليساري لوكالة فرانس برس بدء مشاورات المرحلة الانتقالية الثانية في تونس مع حزب النهضة الاسلامي الذي يتصدر نتائج انتخابات المجلس التاسيسي.

واوضح بن جعفر ان quot;المشاورات بدأت مع كافة الشركاء السياسيين بمن فيهم النهضة، وهي متواصلة في انتظار الاعلان عن النتائج النهائيةquot; للانتخابات، معربا عن quot;استعداده لتحمل اعلى المسؤوليات في حال حصول توافقquot;.

كما اكد بن جعفر تاييده تشكيل quot;حكومة مصلحة وطنيةquot; تتمثل فيها القوى السياسية الرئيسية. واضاف quot;يجب توجيه رسالة قوية جدا للتونسيين لنقول لهم ان مسؤولين جددا سيتولون الامور ما سيؤدي الى تهدئة الراي العام وطمأنة المستثمرين ومنح الثقة مجددا للشبابquot;. واشار الى ان اي استقطاب ثنائي بين الاسلاميين والحداثيين quot;سيكون مليئا بالمخاطر في المرحلة الحاليةquot;.

وجاءت مفاجأة هذه النتائج الجزئية من تحقيق قائمة quot;العريضة الشعبية من اجل العدالة والتنميةquot; نتائج جيدة. ويتزعم هذه القائمة القيادي في quot;الاتجاه الاسلاميquot; السابق (تحول لاحقا الى حزب النهضة) الهاشمي الحامدي وهو ثري تونسي مقيم في لندن حيث يملك قناة quot;المستقلةquot; التي يمكن متابعتها من تونس.

وهذه القائمة هي موضع شكاوي في تونس وفرنسا بتهمة عدم احترام قواعد الحملة الانتخابية خصوصا للاستخدام وسيلة اعلام خاصة ولجهة التمويل. في هذه الاثناء، اكد مراقبون اجانب quot;شفافيةquot; انتخابات الاحد مشيرين الى quot;تجاوزات لا معنى لهاquot;.

وقال بيان بعثة الاتحاد الاوروبي للمراقبة وهي اكبر بعثة مراقبين اجانب لهذه الانتخابات ان quot;الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تمكنت من تنظيم الانتخابات في اطار من الشفافيةquot; وقالت انها لم تسجل سوى quot;تجاوزات لا معنى لهاquot;.

كما اعلن رئيس بعثة مركز كارتر ان انتخابات 23 تشرين الاول/اكتوبر في تونس كانت quot; سلمية وحرة وشفافةquot;. ونظمت هيئة مستقلة للمرة الاولى في تاريخ تونس الانتخابات بدلا من وزارة الداخلية، وكانت موضع اشادة داخلية وخارجية.

وكان حزب النهضة اعلن منذ الاثنين انه تصدر المشهد السياسي الجديد في تونس وتوقع مسؤولوه ان يفوز بما بين ثلاثين واربعين في المئة من مقاعد المجلس التأسيسي اثر انتخابات الاحد التي نظمت بعد تسعة اشهر من الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي عبر quot;ثورة الحرية والكرامةquot; التي دشنت quot;الربيع العربيquot;.

وبحسب النتائج غير النهائية لتصويت التونسيين في الخارج التي اعلنتها الاثنين الهيئة الانتخابية، فقد حلت النهضة في المرتبة الاولى وحصلت على تسعة مقاعد من ال18 المخصصة لتونسيي المهجر من 217 مقعدا في المجلس التأسيسي. وبانتخاب المجلس التأسيسي تعود الشرعية لمؤسسات الدولة. وتتمثل المهمة الاساسية لهذا المجلس في وضع دستور quot;الجمهورية الثانيةquot; في تونس المستقلة.

وسيتعين على حزب النهضة التفاوض مع تشكيلات يسارية بينها خصوصا حزب المؤتمر من اجل الجمهورية بزعامة منصف المرزوقي والتكتل من اجل العمل والحريات بزعامة مصطفى بن جعفر اللذان يتنافسان على المرتبة الثانية مع توقعات بحصول كل منهما على نسبة تبلغ نحو 15 في المئة.

لكن الصعود الذي لم يكن احد يتوقعه لقائمة quot;العريضة الشعبيةquot; قد يحدث مفاجأة. وتشير كثير من المصادر الى اتصالات جرت بين حزب الغنوشي وحزب المرزوقي (يسار عروبي) المنفيين في عهد بن علي في لندن وباريس، ولكن لم يؤكدها علنا اي منهما.

واتهمت بعض الاطراف اليسارية الاخرى المرزوقي quot;بالتحالف مع الشيطانquot;. غير ان المعارض التاريخي دافع عن ضرورة اقامة حكومة وحدة وطنية واسعة بفريق قوي quot;يملك القدرة على الحكمquot;.

ونفى المرزوقي قطعيا في تصريحات وجود اي تحالف مع النهضة قبل الانتخابات. وقال quot;ننتظر النتائج النهائية ثم سنجمع المكتب السياسي للحزب ومناضليه لتقرير استراتيجيتنا قبل البدء بالمشاوراتquot; مع باقي الاطراف. وقال القطب الحداثي الديمقراطي بزعامة احمد ابراهيم انه quot;دعا دائما الى تحالف القوى الديمقراطيةquot; وانه يظل quot;وفيا لهذا الخطquot;. وبدا بوضوح انه يتجه للمعارضة.

ورغم تقدم النهضة فان المحللين في تونس يؤكدون انه quot;لا يمكنها ان تحكم لوحدهاquot; وسيتعين عليها التعاطي مع مجتمع يملك تقاليد حداثية متمسك بمكاسبه التقدمية ومنفتح كثيرا على اوروبا كما سيتعين عليها طمانة المستثمرين الاجانب.

وستكون سلطات المرحلة الانتقالية الثانية في تونس امام تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة. كما ستكون في مواجهة معارضة يتوقع ان تتشكل اساسا من علمانيين وليبراليين قد يشكلون كتلة تمثل 25 في المئة في المجلس التاسيسي.