تتبادل الأحزاب التونسية الاتهامات بتلقي الاموال القذرة في العملية الانتخابية وسط نقاش حول الانفاق السياسي ومخاوف من سيطرة القوى الخارجية عبر المال السياسي.


بيروت: يتدفق التونسيون إلى مراكز الاقتراع يوم الأحد لانتخاب المجلس التأسيسي، وسط جدل واتهامات متبادلة بين الأحزاب حول مزاعم تأثير quot;الاموال القذرةquot; في العملية الانتخابية الأولى التي تشهدها دول الربيع العربي.

في هذا السياق، تناولت صحيفة الـ quot;نيويورك تايمزquot; الاتهامات المتبادلة بين حزب النهضة الاسلامي والأحزاب الليبرالية، مشيرة إلى أن الليبراليين يتهمون حزب النهضة الاسلامي بأنه تمكن من التقدم على باقي الأحزاب المنافسة بتلقيه دعماً مالياً من حلفائه في الخليج الفارسي. وفي الوقت عينه، يتهم الإسلاميون وبعض المقيمين في المناطق الداخلية الفقيرة، الليبراليين بالأمر ذاته، معتبرين أنهم يعتمدون على أموال نخبة رجال الأعمال الموالية للديكتاتور السابق.

في الانتخابات الوطنية الاولى بعد الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في كانون الثاني (يناير)، يختار الناخبون المجلس الذي سيحكم أثناء وضع دستور جديد للبلاد. لكن النقاش الابرز الذي يدور حالياً، هو الإنفاق السياسي ودوره في المعركة الانتخابية التي يتنافس عليها أكثر من 115 حزباً.

ويدل النقاش على مزيج من الغبطة والقلق الذي يصاحب التقدم في تونس نحو الديمقراطية، فالتونسيون يخشون أن تونس التي تحررت من القهر العلني وفساد حكومة زين العابدين بن علي، ستقع تحت سيطرة القوات الخفية التي تحاول جذب الخيوط من وراء الكواليس عبر المال السياسي.

وقال اريك غولدشتاين، باحث من منظمة هيومن رايتس ووتش الذي تتبع الخطوات في تونس منذ اندلاع الثورة، إن quot;هذه الانتخابات هي العملية السياسية الأولى التي يشهدها التونسون منذ زمن، حيث أن معظم القاعدة الشعبية تكاد لا تملك اي تجربة سابقة في المشاركة السياسية، في الوقت الذي يتنافس فيه أكثر من 100 حزب بكل الوسائل، الأمر الذي سيحدث فرقا كبيراًquot;.

ومن المتوقع أن يفوز حزب النهضة الاسلامي، الذي كان محظوراً في عهد بن علي، بأغلبية الأصوات. ولا يمكن حصر أسباب هذا الفوز المرجح بالنفوذ المالي وحسب، فحزب النهضة يدعم مبادئ معتدلة وحديثة في السياسة الإسلامية التي تنسجم مع تطلعات العديد من التونسيين.

وعلى الرغم من التأييد الواسع الذي يحظى به حزب النهضة، إلا انه كان هدفاً للاتهامات من قبل منافسيه الليبراليين ومسؤولي الانتخابات ذوي الميول الليبرالية الذين يتهمونه بالاعتماد على الأموال الأجنبية في حملته الانتخابية، لا سيما من الخليج الفارسي.

وقال أحمد إبراهيم، مؤسس التحالف الليبرالي الديمقراطي الحديث: quot;الجميع يقول ان حزب النهضة مدعوم من أموال الخليج العربيquot;، واصفاً التأثير الكبير للأموال الأجنبية بـ quot;التهديد الخطير للديمقراطية الهشة في تونسquot;.

وفي حين لم يكشف حزب النهضة عن مصدر تمويله، إلا أن استثمار هذا المال يبدو واضحاً، فالحزب افتتح مكاتباً له في مختلف أنحاء البلاد، وغطت أعلامه كل تونس تقريباً، ووزع على الناس والمؤيدين منشورات وقمصان وملصقات، الأمر الذي يدل على حجم الانفاق السياسي الهائل.

في محاولة للحد من الطوفان المالي في الانفاق السياسي، سعت لجنة الإشراف على عملية الانتقال السياسي في حزيران الماضي إلى فرض قواعد الحد من الإنفاق على الحملات الانتخابية، التي تحظر المساهمات الأجنبية وتمنع المرشحين حتى من إجراء مقابلات مع وسائل الاعلام الجنبية، وهي خطوة يعتقد أنها تهدف أساسا إلى إحباط قناة الجزيرة القطرية من الترويج لصالح مرشحي حزب النهضة.

ورداً على هذه القرارات، انسحب ممثل حزب النهضة من اللجنة. وقال مسؤولون ان هذا الانسحاب سببه تجاوز اللجنة لسلطتها، وفرض القيود من أجل تقليص قدرة الحزب على التواصل مع التونسيين في الدوائر الانتخابية. غير أن أعضاء اللجنة المشرفة على العملية الانتخابية زعموا أن اعتراض حزب النهضة أتى فقط على القيود المفروضة على الأموال الأجنبية.

ويقول مسؤولون في حزب النهضة انهم اتبعوا جميع القواعد التي تطبق على الأسابيع الأخيرة من الحملة الانتخابية، وينكرون أي تمويل أجنبي. وقال رئيس الحزب، رشيد الغنوشي، في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي إن الاتهامات حول الأموال الخليجية quot;لا اساس لها تماماًquot; وإن حزبه يعتمد على أموال المانحين من رجال الأعمال التونسيين، مضيفاً أن سياسته الإسلامية المعتدلة والديمقراطية بالكاد تلقى ترحيباً من ايران والمملكة العربية السعودية وبالتالي فمن المستحيل أن تكون الأنظمة الاستبدادية مصدراً لأموال الحزب.