يتوجه التونسيون غدا إلى صناديق الاقتراع

لم تسجل المرأة التونسية حضورا كبيرا على مستوى الترشح لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي التاريخية الاحد، وسط حالة من التخوف من صعود الإسلاميين وسيطرتهم على هذا المجلس في أول انتخابات تعددية تشهدها البلاد.


تونس: بلغت نسبة النساء على رأس اللوائح الانتخابية المرشحة لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي التاريخية الاحد، سبعة بالمئة فقط على الرغم ممّا تتمتع به المرأة التونسية منذ اكثر من نصف قرن من قوانين تقدمية فريدة من نوعها في العالم العربي الاسلامي، بينما تبدو مصرّة على عدم التفريط بحقوقها، بحسب محللين.
وتنصّ القوانين التونسية على المساواة بين النساء والرجال وتمنع تعدد الزوجات ومنحت المرأة الكثير من الحقوق منها مثلا الحق في طلب الطلاق وتوجد المرأة التونسية في كافة الانشطة والميادين في تونس من عاملات المصانع الى قائدات الطائرات وضابطات الشرطة ومن منصب وزيرة الى قاضية.

وتقول احلام مامي البائعة المتجولة في العاصمة ان عدم التصويت الاحد هو موقف quot;مخز:. وهي تريد ان تدافع عن حقوقها التي يعتبر الكثير من المدافعين عن الحريات انها مهددة وسط ترجيحات بحصول الإسلاميين على افضل نتيجة في الانتخابات.
وبدت الشابة التي ترتدي جينز وتضع نظارات سوداء مترددة ازاء كثرة القوائم المرشحة لانتخابات المجلس التأسيسي. وهي لا تعرف حتى الساعات الاخيرة لمن ستمنح صوتها، لكنها متأكدة من شيء واحد وهو أنها لن تمنحه quot;ابدا للنهضةquot;.

واوضحت quot;انا خائفة من ان يعيدوا تعدد الزوجات وان يجبرونا على ارتداء الحجاب. ربما يجبرون المراة على البقاء في البيت او يغلقون دور السينماquot;.
وفي تونس تقاليد عريقة في مجال حرية المرأة على خلفية اسلام سني مالكي معتدل ومتسامح، دشنها المصلح الكبير الشيخ الطاهر الحداد في بداية القرن العشرين خصوصا من خلال كتابه quot;امرأتنا بين الشريعة والمجتمعquot; الذي دعا فيه الى تحرير المرأة.

ثم فرضها اول رئيس لتونس المستقلة الحبيب بورقيبة من خلال قانون الاسرة quot;مجلة الاحوال الشخصيةquot; وترسخت في السلوك الاجتماعي ومجالات الحياة المتنوعة عبر الاجيال حتى اضحت قيمة مستقرة ومميزة للشعب التونسي.
بل ان بعض المؤرخين يعيدون هذه التقاليد الى القرن التاسع حيث كانت quot;مدرسة القيروانquot; الفقهية اول مدينة للاسلام في افريقيا (اسسها عقبة بن نافع سنة 50 هجرية) تمنع زواج الرجل بثانية، بحسب المؤرخ علية علاني.

ومع ان الغالبية الساحقة من نساء الريف في تونس يغطين رؤوسهن وفق تقاليد البلاد العربية المسلمة كما ان نساء المدينة الكبيرات السن خصوصا حافظن على تقليد ارتداء quot;السفساريquot; الابيض اللباس التقليدي الذي يغطي جسد المرأة حين تخرج الى الشارع، فان quot;ثورة الحرية والكرامةquot; في تونس اسهمت في انتشار الحجاب الذي ظهر في العقود الاخيرة في تونس وكذلك النقاب لدى فئة قليلة.
وتقول رحمة (24 عاما) وهي عاطلة عن العمل ترتدي الحجاب quot;هذا اختياري ولا احد يملك السلطة في ان يفرض عليّ ان ارتدي او لا ارتدي لباسا معيناquot;.

ويعتبر الكثير من الحداثيين والمدافعين عن الحريات في تونس ان هيمنة الاسلاميين على المجلس التأسيسي الذي سيضع الدستور الجديد ل quot;الجمهورية الثانيةquot; في تاريخ تونس، تشكل تهديدا لمكاسب المرأة في تونس.
غير ان زعيم النهضة راشد الغنوشي اكد الجمعة ان حزبه يعتبر ان مجلة الاحوال الشخصية التونسية quot;جزء من الاجتهاد الاسلاميquot;.

وقالت رئيسة احدى لوائحه quot;نحن لا يمكن ان نقمع المرأة ولن نجعلها تقبع في البيت ولن نطرد العاملات من المصانع ولن نفرض اي لباس على اي كان بل سنعمل على تفعيل الدور السياسي للمرأةquot;.
لكن خصوم النهضة يؤكدون انها تتبنى quot;خطابا مزدوجا متفتحا علنا ومتشددا في المساجدquot; والى انها تسعى للسيطرة على قطاع التربية والتعليم.

وقالت مية الجريبي الامينة العامة للحزب والمرأة الوحيدة التي تقود حزبا كبيرا في تونس مساء الجمعة quot;ان النساء بامكانهن باصواتهن قلب الموازين. ونحن بحاجة الى اصوات كل الذين هم مع الاعتدال وضد التطرف والقوى الرجعيةquot;.
ويؤكد المؤرخ فيصل الشريف قدرة الشعب التونسي على التصدي لاي محاولة للعودة الى الوراء في مجال حقوق المرأة التي انطلقت quot;منذ ثلاثينات القرن العشرين مع الشيخ الطاهر الحداد الذي كان يعتبر اضطهاد المرأة مخالفا لقيم الاسلامquot;.

وحصلت النساء في تونس على حقوقهن السياسية في 1956 ويقول الشريف quot;بالنسبة لنا اصبحت هذه الامور عادية. لم يعد منذ زمن طويل يزعجنا ان نصعد الى تاكسي او طائرة تقودها امرأةquot;.