بدأ التونسيون المقيمون في الخارج اليوم الخميسالتصويت في انتخابات المجلس التأسيسي، هذا فيما حذر حزب النهضة الإسلامي الذي يتوقع ان يحقق أفضل نتيجة في الانتخابات من حدوث quot;التفافquot; وquot;تلاعبquot; لإبعاده من الحكم.
حزب النهضة الاسلامي يتوقع ان يحقق افضل نتيجة في هذه الانتخابات |
باريس: يعيش عدد كبير من الاسر التي طالها قمع نظام زين العابدين بن علي الاسلاميين في حي التضامن الشعبي المهمش والاكبر في العاصمة التونسية ما يجعل منه ارضية خصبة لدعاية حزب النهضة الاسلامي لكن ردود فعل السكان ليست دائما مؤيدة للاسلاميين.
وكان حي التضامن من اولى المناطق التي انتفضت ضد نظام بن علي عندما امتدت الثورة التونسية الى العاصمة في بداية كانون الثاني/يناير الماضي.
وفي شوارع الحي المزدحم الذي يقطنه اكثر من مئة الف نسمة عاود quot;الملتحونquot; كما يسميهم معارضوهم في مزيج من الخشية والكراهية، إلى الظهور منذ فرار بن علي في 14 كانون الثاني/يناير.
ويقول برهان بوغانمي quot;عانينا لعقود من الزمان وآلامنا هي التي أجّجت شرارة الثورة واليوم فان النهضة هي المستقبلquot;.
وكان هذا العاطل عن العمل (48 عاما) تعرض للتوقيف في 1981 حين كان يغادر احد المساجد. ويروي quot;كان عمري 19 عاما وكانت سنة امتحان الباكالوريا، ولم اتمكن منذ تلك الواقعة من استئناف الدراسةquot;.
وباستثناء فترة قصيرة اواخر ثمانينات القرن الماضي، فقد تعرض الاسلاميون في تونس للقمع منذ اواسط السبعينات وفي عهدي الحبيب بورقيبة وبن علي. وسجن نحو ثلاثين الفا من انصارهم في التسعينات.
ومثل كثيرين غيره من ناشطي النهضة او انصارها الذين سيصوتون لها الاحد في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، يعتز برهان بماضيه كواحد من ضحايا النظام السابق وبانه تمكن من اثبات وجوده مجددا quot;كمسلمquot;.
وتقول مريم الماجري (30 عاما) مبتسمة وهي تتذكر الرجل الذي نزع عنها حجابها في الشارع quot;لم اعد خائفة اصبح بامكاني ان اضع الغطاء على رأسيquot;.
اما طاهر اللافي الذي تشير آثار حروق في ساقيه الى تعذيب تعرض له خلال اربع سنوات من السجن، فانه يشعر بانه quot;يتنفس هواء نقيا ونظيفاquot; كما قال. ويقول كثيرون في الحي ان النهضة تساوي الاستقامة والنزاهة بعد فساد نظام بن علي.
ويقول ابراهيم صابر المسؤول المحلي للنهضة quot;قلنا دائما لا للاستبداد ولم نتغير واصرينا على مبدئنا. من هنا تأتي مصداقيتناquot;.
والصقت على مقر النهضة في حي التضامن المفتوح حتى وقت متأخر مساء، الكثير من النشرات التي تؤكد ان quot;الانتخاب حق وواجبquot; وايضا شعار الحزب المكون من حمامة فاتحة الجناحين تحيط النجمة الحمراء في علم تونس.
وتباع بطاقات الانخراط في الحزب بعشرة دنانير (سبعة دولارات) للرجال وخمسة دنانير للنساء ودينارين اثنين للطلبة وهي مجانية بالنسبة إلى العاطلين عن العمل.
وتكثر عبارات الترحيب الحار عند دخول مقر الحزب والاجواء لا تخلو من اريحية لكن كافة النقاشات داخله تدور تحت أسماع مسؤول الحزب.
اما الخطاب الرسمي، فيتكرر بشكل ثابت: النهضة حزب ديمقراطي quot;يداه نظيفتانquot; وقريب من مشاغل الناس.
لكن في حي التضامن الذي تتجاوز فيه البطالة بمراحل النسبة الوطنية (19 بالمئة) يثير الخطاب الاخلاقي للنهضة حفيظة البعض.
وتقول حبيبة التي تعمل في حضانة اطفال ان quot;جماعة النهضة يملكون حضورا كبيرا هنا وهم يتحدثون الينا بانتظام لدعوتنا الى لبس الحجاب او التوجه للمسجد. لكني لا ارى ان هذه هي مشاكلنا الحقيقيةquot;.
ويضيف زوجها في لهجة منددة quot;انهم يقدمون هدايا ويمولون زيجات ويوزعون مواد غذائيةquot;.
وفي احدى المكتبات الصغيرة تعمل سعيدة وابنتها اميرة (25 عاما) ولا تخفيان انتقاداتهما للنهضة وخيبة الامل فيها.
وكان والد الاسرة ناشطا اسلاميا تعرض للسجن خمس سنوات في عهد بن علي وخرج من السجن يعاني نفسيا في حين عاشت اسرته مضايقات كل من ينعت بانه quot;اسلاميquot; في العهد السابق.
وتصب سعيدة جام غضبها على النهضة قائلة quot;حين كان زوجي في السجن لم يكن احد من النهضة هنا لمساعدتنا. وحين عملت وحيدة لاعالة اسرتي لم ارهم ولم احصل منهم على اي مليم واليوم يظهرون. اين كانوا؟ هذا مثير للاشمئزازquot;.
التونسيون في الخارج يصوتون
وبدأ التونسيون المقيمون في الخارج التصويت الخميس في انتخابات المجلس التأسيسي، وذلك قبل ثلاثة ايام على بدء الاقتراع في تونس، في اول انتخابات حرة تجري في هذا البلد بعد 23 عاما من الحكم المطلق لزين العابدين بن علي.
وينتخب التونسيون المقيمون في الخارج 18 عضوا من اصل 217 سيتكون منهم المجلس الوطني التأسيسي، ومن المقرر ان تستمر عملية الاقتراع في الخارج ثلاثة ايام اي من الخميس الى السبت.
وتم تخصيص اكثر من 400 مركز اقتراع غالبيتها في القنصليات او السفارات في ست دوائر انتخابية: اثنتان لفرنسا وواحدة لايطاليا وواحدة لالمانيا وواحدة لاميركيا الشمالية وواحدة للدول العربية.
وستقوم الجالية التونسية في فرنسا وحدها بانتخاب 10 من اصل المقاعد ال18 المخصصة للتونسيين في الخارج. وافتتحت مراكز الاقتراع في هذا البلد عند الساعة 06,00 تغ على ان تغلق عند الساعة 16,00 تغ في المراكز الصغيرة، وعند الساعة 18,00 تغ في الممثليات الدبلوماسية.
وصرح علي بن عمر رئيس اللجنة الاقليمية المستقلة للانتخابات لمنطقة شمال فرنسا لوكالة فرانس برس ان quot;الاقتراع بدأ في باريس. هناك مشاركة كبيرة وعلى الاقل 200 شخص امام القنصليةquot;.
واكدت ليلى رياحي مسؤولة اللجنة لمنطقة جنوب فرنسا quot;لقد بدأ الاقتراعquot;.
ومن المقرر ان يزور المدافع عن حقوق الانسان كامل الجندوي رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تشرف على عملية الاقتراع الى القنصلية التونسية في الدائرة السادسة عشرة في باريس.
وكان الجندوبي صرح في لقاء مع فرانس برس هذا الاسبوع في تونس انه يعيش quot;لحظات سعادة عميقة جدا في هذا البلد الصغير والعظيم الذي نحبهquot;، مضيفا quot;ما اسعد ان نعيش في حريةquot;.
وسيتم فرز الاصوات السبت على ان تعلن النتائج بعد انتهاء التصويت الاحد في تونس.
ويقدر عدد الناخبين باكثر من 7 ملايين شخص، منهم 900 الف تقريبا في الخارج وغالبيتهم تقيم في فرنسا.
وفي الخارج كما في تونس، تعتبر المشاركة احد اكبر العوامل غير المحسومة في هذه الانتخابات الاولى التي تتم باجواء حرة بعد عقدين من حكم بن علي كانت خلالهما النتائج معروفة مسبقا بسبب التزوير.
وتتنافس قرابة 1500 قائمة (من احزاب ومستقلين) في الانتخابات التي تتم بموجب نظام نسبي يفوز فيه الذي يحصل على اكبر عدد من الاصوات. وتم اختيار هذا النظام لتفادي هيمنة تنظيم واحد ولضمان تمثيل كل الاطياف.
وبعد اكثر من خمسين عاما من حكم الحزب الواحد، من المتوقع ان يهيمن على الخارطة السياسية في تونس ما بعد الثورة نحو عشرة تشكيلات من اصل اكثر من مئة حزب معترف به ويخوض الانتخابات.
ويعتبر حزب النهضة الذي تعرض لقمع شديد خلال عهد بن علي من الاوفر حظا في الانتخابات. ويقول الحزب الذي يأخذ عليه منتقدوه ازدواجية خطابه الذي يبدو مطمئنا في العلن بينما هو متطرف في المساجد، انه قريب من الحزب الاسلامي المحافظ الحاكم في تركيا.
وسيتعين على المجلس التأسيسي خصوصا ان يعد دستورا جديدا كما سيعين جهازا تنفيذيا موقتا سيتولى الحكم حتى الانتخابات المقبلة.
واطاحت ثورة شعبية لا سابق لها انطلقت في كانون الاول/ديسمبر بنظام بن علي في 14 كانون الثاني/يناير. ويقيم بن علي (75 عاما) لاجئا في السعودية بعد ان حكم البلاد دون منازع طوال 23 عاما.
التعليقات