رئيس حزب الرابطة ورئيس الوزراء السابق نواز شريف

يحتدم الصراع بين الحكومة والمعارضة الباكستانية بقيادة حزب الرابطة، الذي يفكّر في تقديم استقالات جماعية، للدفع باتجاه انتخابات مبكرةنحو حكومة مؤقتة.


إسلام آباد: تحتدم المعركة بين الحكومة والمعارضة في باكستان، في خضم المشاكل التي يعانيها الشعب، وأبرز تجليات تلك المعركة تكمن في ارتفاع نسبة الغلاء بشكل غير مسبوق، وازدياد البطالة، وانهيار قيمة الروبية، مما أدى إلى فقدان قوة الشراء لدى المواطن العادي، أضف إليها انقطاع الكهرباء والغاز وفق جدول زمني وبغيره... كل هذه الأمور جعلت الوضع لا يطاق، وأصبح المواطن العادي يتمرغ على الجمر جراءها.

وكان ينتظر من المعارضة، التي يقودها حزب الرابطة بقيادة رئيس الوزراء السابق نواز شريف، أن يؤدي دورًا ينقذ المواطن من المشاكل الحالية، أو على الأقل القيام بما يقلل من معاناته؛ إلا أن الأمور تواصلت بدون أي تغيير منذ تولي الحكومة الحالية زمام الأمور.

وأكبر التحديات في باكستان الآن تتلخص في الوضع الأمني في كراتشي والمناطق القبلية وانقطاع الكهرباء والغاز وارتفاع الأسعار والفساد المتفشي في الدوائر الرسمية والمؤسسات العامة. ويخشى أن تنهار تلك المؤسسات مع نهاية حكم حزب الشعب، إذ إن قطاع القطارات والخطوط الجوية ومصانع باكستان للحديد ndash; وهي أكبر شركات في القطاع العام- على شفا الانهيار بسبب الفساد.

أما انقطاع الكهرباء فسببه لا يعود إلى قلة الموارد، حسب الخبراء، بل إلى عدم تسديد مستحقات شركات توليد الكهرباء، وهي تجاوزت أكثر من 300 بليون روبية، يقال إن 130 بليون منها على الدوائر الرسمية. وذلك ما يحول دون شراء تلك الشركات للوقود،الذي يكفي لتوليد الكهرباء على قدر الطلب، علمًا أن الطلب الباكستاني على الكهرباء يساوي 16 ألف ميغاوات من الطاقة، بينما الإنتاج لا يبلغ في بعض الأحيان حتى 7 آلاف ميغاوات أيضًا.

في غضون ذلك، يقيم حزب الشعب الحاكم حدادًا على وفاة نصرت بوتو والدة رئيسة الوزراء السابقة بينظير بوتو زوجة رئيس الوزراء السابق ذي الفقار علي بوتو لأربعين يومًا في إقليم السند ولعشرة أيام على المستوى الفدرالي، بينما بدأ حزب نواز شريف حملة ضد الرئيس زرداري تحت عنوان quot;إرحل زرداريquot; من مدينة لاهور عاصمة إقليم البنجاب يوم أمس الجمعة.

وتؤكد مصادر حزبية مطلعة لـ quot;إيلافquot; أن حزب الرابطة بدأ تلك الحملة بعد عدم إيجاده أي طريق لإرغام الحكومة على إصلاحها، مضيفة أنه تم منح مهلة للحكومة بقيادة حزب الشعب للإصلاح أكثر من مرة، حتى لا يقال إن المعارضة لم تمنح لها فرصة لإنجاز فترتها الدستورية.

بينما تشير تقارير إلى أن حزب نواز يفكر في تقديم استقالات جماعية من الجمعية الوطنية والمجالس الإقليمية؛ لدفع الحكومة إلى إجراء انتخابات مبكرة تحت حكومة موقتة.

أما الحكومة، فتقول إنها لا تخشى الاستقالات، بل إنها ستجري انتخابات فرعية على الدوائر الشاغرة جراء استقالات حزب نواز، في حين يشير سكرتير سابق لمفوضية الانتخابات إلى أنه لن يمكن ذلك للحكومة، فإجراء انتخابات فرعية على نحو 300 دائرة انتخابية ليس عملاً سهلاً.

هذا ويرى حزب الشعب أن تحركات حزب نواز شريف ناشئة عن مخاوفه من اكتساح حزب الشعب لانتخابات مجلس الشيوخ، التي ستجري خلال شهر مارس/آذار المقبل، لأن المجالس الإقليمية والجمعية الوطنية تشكل كلية لانتخابات مجلس الشيوخ. ومن المؤكد أن حزب الشعب سيكتسح تلك الانتخابات إذا جرت في الوضع الراهن، بسبب غالبية حزب الشعب في الجمعية الوطنية ومجلس إقليم السند.

رغم ذلك، يقول قيادي بارز في حزب الشعب إن حملة حزبه لا ترمي فقط إلى منع حزب الشعب من اكتساح انتخابات مجلس الشيوخ؛ بيد أنه يشير إلى أن ذلك الأمر ضمن الأهداف الأخرى.

وعرفت إيلاف من حوار خاص مع قيادي في حزب نواز أن حزبه quot;لا يريد إسقاط الحكومة، بل يريد إصلاحهاquot;، لكنه استدرك في الوقت نفسهquot;أنه لا يتوقع الإصلاح منهاquot;. ويمكن قراءة ما بين السطور بأنه يريد إسقاطها. ويحاول حزب الشعب منع المعارضة من تنظيم المسيرات الاحتجاجية مبررًا بأن quot;الحكومة منتخبة وديموقراطية، وأن أي حملة ضد الرئيس محاولة غير ديموقراطية وحملة غير دستورية على رئيس منتخب لخمس سنينquot;.

ومهما تكن تبريرات المعارضة لقيامها بحملة ضد الحكومة وتبريرات الحكومة لبقائها في الحكم، يتفق الجميع على أن مشاكل المواطن العادي لن تحل بصراع الحكومة والمعارضة، بل إنها في حاجة إلى علاج ناجع لها.

من هذا المنطلق تقول الحكومة إنها تقوم بكل ما في وسعها لتقديم التسهيلات للشعب، بينما تقول المعارضة إنها ستقضي على الفساد من أجل إنقاذ ما تبقى من المؤسسات الرسمية.

ويؤكد المحللون أن الصراع السياسي سيحتدم أكثر خلال الأيام المقبلة، وقد يقود إلى فوضى سياسية، تضطر الجيش إلى التدخل لإجراء انتخابات مبكرة؛ لكن لا يتأكد منها أحد جراء الأوضاع السياسية المقبلة في باكستان.