في زمنٍ سيطر فيه الحاسوب على اساليب الكتابة، لا تزال تحافظ مدرسة باكستانية على تعليم خط اليد واحياء الحرف العربي باعتماد الكتابة على لوحات خشبية وحجرية.

تلاميذ مع لوحاتهم السوداء في القاعة الكبيرة

بولاواي بوادي نيلم : في الأيام الغابرة... كان التعليم يبدأ من تعليم الخط للأطفال مباشرة مع تعليم حروف الهجاء. وعادة كان يتم هذا التعليم على لوحات الخشب؛ إلا أن ثقافة المرسم والكراسات قد قللت من قدر اللوحة الخشبية. وبالتالي تدهور الخط باليد إلى درجة أن الكثير من المثقفين في الوقت الراهن يفضلون طباعة كل شيء بالحاسب الآلي على كتابة أي شيء بأيديهم. ويبدو أنه لم يبق من الخط في الزمن الحالي في المدن سوى التواقيع. والكل يعرف أن اللغة العربية واللغات التي تكتب بالحرف العربي هي تمتاز بفن الخط وجماله.

ولعل الكثير من قراء هذا المقال قد يكونون من الجيل الذي لم يشاهد اللوحة الخشبية للتدريب على الخط في المدرسة. تنقلهم إيلاف إلى مدرسة لا تزال تحافظ على اللوحة الخشبية لتعليم الخط واللوحة الحجرية للتمرين على المبادئ الأساسية للرياضيات. تلك المدرسة مدرسة ابتدائية وتقع بين حقول خضراء وتحت شجرة كبيرة للجوز في قرية بولاواي بوادي نيلم على مسافة نحو 250 كلم من مدينة مظفر آباد عاصمة كشمير الحرة. وتتكون من غرفة صغيرة وصالة كبيرة وثلاثة حمامات. يبلغ عدد التلاميذ فيها 140 تلميذا ويديرها معلمان من نفس القرية. وهي مدرسة حكومية.

كان التلاميذ في الصفوف الابتدائية في المدارس في أرياف باكستان وكشمير الحرة يتدربون على الخط على لوحات الخشب بتبييضها بتراب أبيض ويكتبون عليها بمداد أسود. وفي نهاية اليوم يغسلون اللوحة لتحضيرها لليوم القادم؛ إلا أن تقليد الكتابة على اللوحة الخشبية يختلف في هذه المنطقة حيث يتم تسويد اللوحة بالمواد السوداء التي تكون داخل البطاريات أو بدخان خشبة.

ألواح لتلاميذ في الصف الثاني
تلاميذ صيقلوا لوحاتهم

ثم يقوم التلميذ بصيقلتها بحجر أملس أو قارورة زجاج. واللوحة تكون جاهزة للكتابة عليها بعد صيقلتها وتكون لامعة إلى درجة يمكن رؤية الوجه فيها. وعندئذ يكتب عليها بمداد أبيض عادة يكون من تراب عادي. وقد شاهدت إيلاف تلميذا في الصف الأول سكب ماء على الأرض وبدأ يكتب به.

ويؤكد المعلمان مقبول ومنصور أحمد شاكر أنهما يحرصان على تحسين خط التلاميذ ويوصيانهم بالتمرين كل يوم، مضيفين أن التلاميذ يتمرنون على كتابة اللغة الأردية على وجه من اللوحة وعلى الوجه الآخر يكتبون اللغة الإنجليزية؛ بيد أن كلاهما يتأسفان على أنه لا يوجد لديهما وقت ليكتبوا السطر الأول على لوحة كل تلميذ ليقلد خطهما.

ويشير منصور إلى أن اللوحة الخشبية واللوحة الحجرية من الحاجات الأساسية للتلاميذ في مدرسته وفي المدارس الأخرى في المنطقة، مضيفا أن هناك فرق كبير بين تعلم الخط على الكراسة وعلى اللوحة الخشبية، في حين يقول المعلم مقبول أنهم يواصلون جهودهم المتواضعة في أصعب الأوضاع حيث لا يوجد للمدرسة أي ميدان يلعب فيها التلاميذ، كما أنهم يستخدمون صالة المدرسة كغرفة الفصل لأربعة فصول، إضافة إلى استخدامها للطابور الصباحي أو أي نشاط داع إلى جمع الطلاب في موضع واحد.

ويقول منصور إنه يجب تدريب التلاميذ على الخط باليد؛ لأن الخط يعبر عن شخصيتهم وأن جمال الخط شيء مطلوب في التعليم، في حين توفر اللوحة على الآباء إذ يمكن استخدامها في مكان ألف كراسة وكراسة. فالسؤال هنا هو هل يمكن أن تعود اللوحات الخشبية إلى المدارس في وقت انتشرت الحواسيب الآلية في كل مكان؟