هو واحد من رموز المعارضة السورية في القاهرة، إختار أن يكون متجولاً بين المدن في مختلف أنحاء العالم، من أجل طلب الحرية لبلاده، إنه محمد مأمون الحمصي، النائب السابق في مجلس الشعب السوري، الذي أجرت إيلاف مقابلة معه، إستنكر فيها تبني جامعة الدول العربية مبادرة للحوار مع نظام بشار الأسد، بعدما ارتكب جرائم ضد الإنسانية بحق الشعب السوري، مشيراً إلى أن المعارضة ترفض تلك المبادرة، لافتاً إلي أنها انطلقت من أجل حماية النظام الحاكم، إلا أنه لم يلتزم بها، وقتل نحو مائة شخص منذ الإعلان عنها.


المعارض السوري والنائب السابق مأمون الحمصي

صبري حسنين من القاهرة: قال المعارض والنائب السوري السابق محمد مأمون الحمصي إنه أمام كل هذا التواطؤ العربي والدولي ضد الشعب السوري، لن يستمر السوريون طويلاً في ثورتهم السلمية، وسوف يتحولون إلى حمل السلاح.

مؤكداً أن الأمن السوري إختطف نجله من أمام الجامعة، لإرغامه على الرضوخ وترك القاهرة، لكنه مستمر في الثورة حتى إسقاط النظام ومحاكمة رموزه، على حد قوله. وفي ما يلي نص المقابلة التي أجرتها quot;إيلافquot; مع مأمون الحمصي.

ـ كيف ترى المبادرة العربية بشأن وقف العنف في سوريا؟
إنه ليوم أسود في تاريخ العرب، ذلك اليوم الذي أطلقت فيه الجامعة العربية مبادرتها المزعومة، التي لا يمكن سوى تسميتها بـquot;المؤامرةquot;، نعم إنها مؤامرة على الشعب السوري، إذ كيف يقتل نظام بشار الأسد نحو عشرة آلاف سوري، ويقطع أوصال الأطفال، ويمثل بجثثهم، ويغتصب النساء، ويجعل دماء السوريين تسيل بحوراً على الأراضي السورية، ثم يتلقى مكافأة من الجامعة العربية؟، كيف تساوي الجامعة العربية بين القاتل والمقتول، وتدعو إلى الحوار؟، إنها بذلك تمنح القاتل فرصة جديدة للإستمرار في القتل والذبح.

ورغم أن الهدف من تلك المبادرة حماية النظام السوري من الإنهيار تحت أقدام السوريين، إلا أنه لم يلتزم بها، حيث قتلت آلته العسكرية أكثر من مائة شخص منذ الإعلان عن تلك المبادرة. إن الشعب السوري في حالة حزن من موقف الجامعة العربية، إن من يتبنى المبادرة يخون دماء السوريين.

ـ لكن هل كنتم تراهنون على الجامعة العربية في إتخاذ مواقف حازمة تجاه النظام السوري؟
نحن نعلم أنها جامعة للأنظمة، وليست جامعة تعبّر عن الشعوب، لم نراهن عليها يوماً ما في أن تنتصر لدماء السوريين، لكن كنا نتوقع ألا تكون مواقفها بهذا التواطؤ المعيب. إننا لم نراهن يوماً على الجامعة العربية أو أميركا أو الأمم المتحدة، إننا نراهن على صمود الشعب السوري وقوته، ولاسيما الشباب، الذي لن يرضى بأن يقتل نظام بشار الأسد عشرة آلاف منه، ويقبل بالحوار معه، وإذا ظل العالم مصرًّاعلى الصمت حيال المجازر وأعمال الإبادة الجماعية للشعب السوري، فإنه لن يستمر طويلاً في الثورة السلمية، وسوف يتحول إلى حمل السلاح والدفاع عن نفسه، نعم الثورة السورية ستكون ثورة مسلّحة، ويجب على العالم كله أن يعلم أن الكيل قد فاض، ولم نعد نقبل بأن يُقتل أبناؤنا وتُغتصب نساؤنا، ويقتل أطفالنا، وتقطع أوصالهم، دون أن يسقط النظام، دون أن نحصل جميعاً على الحرية التي دفعنا ثمنها غالياً جداً طوال الأشهر الستة الماضية.

ـ برأيك، لماذا يكن موقف المجتمع الدولي تجاه سوريا على القدر نفسه من الحماسة حيال ليبيا؟
إسرائيل هي كلمة السرّ في التواطؤ الدولي ضد الشعب السوري، وليس هناك أدل من قول وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك quot;يجب على إسرائيل أن تقف إلى جانب بشار الأسد، إنها مكافأة منا له ولوالده الراحل، إنهما جعلا حدود إسرائيل آمنة طوال 40 عاماًquot;.

ويؤكد ذلك ما ذهب إليه رامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، الذي قال في مقابلة مع صحيفة أميركية quot;إن أمننا مِن أمن إسرائيل، لن تنعم إسرائيل بالأمن إذا سقط بشار الأسدquot;، إنها مؤامرة مكتملة، الهدف منها الحفاظ على من يحافظ على أمن إسرائيل. لكن الشعب السوري يصرّ على أن ينال حريته، ويسقط هذا النظام العميل، الذي لن يستمر طويلاً، لن يستطيع تركيع الشعب، وسوف نسقطه، ونحاكمه على جرائمه.

ـ لكن هناك من يخشى إندلاع حرب طائفية بمجرد سقوط النظام، ويرى أن الثورة ليست في مصلحة المسيحيين، حسب ما سبق وأن حذر البطريرك الماروني بشارة الراعي؟
الثورة السورية ليست طائفية، هذه الشائعات يرددها النظام السوري، إنه يقول للداخل والخارج quot;إما أنا أو الحرب الطائفية والفوضىquot;، إن جميع السوريين يشاركون في الثورة ضد الظلم والإستبداد، إن المسيحيين والسنّة والكرد وغيرهم من الطوائف يشاركون في الثورة بفاعلية، ولم تفرّق آلة القتل التي يمتلكها النظام بين هؤلاء. ويبدو أن البطريرك بشارة الراعي متأثر بآراء الجنرال ميشال عون، ودعاية بشار الأسد.

وله أقول إن نظام بشار الأسد، ومن قبله والده حافظ الأسد، قتلا المسيحيين في لبنان، ولاسيما رموزهم. إني أساءله: من قتل بشير الجميل؟، أنا مندهش من موقف الراعي، إلا إذا كان هناك ما أجهله، ويجعله يتخذ هذا الموقف المناهض لثورة شعبية ضد الظلم. إنني مندهش من تقديم الراعي خدمات مجانية إلى بشار الأسد.

ـ هل تعتقد أن النظام السوري نجح في دعايته المضادة للثورة، إلى درجة أنها أثّرت على الشعوب نفسها، حيث لم تخرج مظاهرات كبيرة مؤيدة لها في الخارج؟
الجميع خذل الشعب السوري، رغم أنه لم يخذل الأمة العربية لسنوات أبداً، كل هذه المجازر بحقه، ولم تخرج مظاهرات مليونية في العواصم العربية من أجل نصرته. بل إنني مندهش من رد الفعل على الفيتو الروسي والصيني، لو خرجت تظاهرات حاشدة في تلك العواصم، لكان هناك قول آخر، لأجبرت الشعوب روسيا والصين على الإنصياع للحق، وعدم الإعتراض على إدانة مجلس الأمن للجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها بشار الأسد ضد المدنيين العزل.

ـ قد يرجع عدم التفاعل الشعبي والرسمي مع الإحتجاجات في سوريا إلى أنها ليست في زخم الثورتين في تونس ومصر، وليست في قوة الثورة في ليبيا؟
إن الثورة في سوريا هي أقوى من كل تلك الثورات، إن المواطن السوري يخرج في تظاهرات يومياً، وهو يعلم جيداً أنه ميت ميت، لن يعود إلى بيته مرة أخرى، يخرج المواطن السوري ليقابل الرصاص بصدره العاري. الثورة السورية الأقوى لأنها تتعرّض للقمع بالدبابات والطائرات والبوارج الحربية، إن المباني تقصف بالطائرات والدبابات وتدمّر فوق رؤوس ساكنيها، من دون أن تقلل تلك الوحشية من عزيمتهم أو صمودهم. إن السوريين يتعرّضون للقتل، ويتلقون الرصاص في صدورهم، وهم يهتفون quot;الشعب يريد إعدام الرئيسquot;.

ـ ما موقف المعارضة السورية في الخارج من المبادرة، لاسيما أنها وقّعت عليها؟
من وقعوا على تلك المبادرة لا يمثلون الشعب السوري، بل يمثلون أنفسهم، المبادرة ليس لها وجود إلا في خيال البعض. أية مبادرة تلك التي تتحدث عن وقف العنف، وفي الوقت نفسه يقتل النظام القمعي أكثر من مائة شخص منذ الإعلان عنها؟!.

إن المعارضة في الخارج متناغمة مع الثورة في الداخل، الشعب السوري يصرّ على إسقاط النظام ومحاكمة رموزه على جرائم القتل والإغتصاب وتدمير المنازل وإحراق المزارع، ليس هناك أي خيار آخر للثورة. لقد اختطفوا ابني من أمام الجامعة، للضغط عليّ من أجل مغادرة مصر، والجلوس إلى مائدة الحوار مع النظام، الذي تلطخت يداه بدماء عشرة آلاف شهيد، لكنني لن أرضخ، وما ابني بأغلى عليّ من الآلاف الذين قتلوا في سبيل حرية سوريا. أنا شخصياً مستمر في الثورة إلى أن يسقط النظام.