بات الثوار الليبيون في مرمى الانتقادات، خاصة أن الكثير من التقارير تشير إلى أنهم يمارسون عمليات الانتقام، ويرفض عدد من مليشياتهم إلقاء السلاح ويتعامل مع كل شخص على أنه موال للقذافي حتى يثبت عكس ذلك.
الثوار يعيدون صيانة أسلحتهم |
رفض كثير من الثوار المقاتلين الذين نجحواأخيرًا في القضاء على نظام العقيد معمّر القذافي أن يلقوا أسلحتهم، وبدأ يتردد الآن أن الميليشيات الليبية باتت تُقدِم على سرقة واستهداف أنصار الزعيم الليبي الراحل بغرض الانتقام.
تناولت في هذا السياق اليوم صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية ما يتردد حالياً من شائعات بخصوص تحوّل الثوار المسلحين إلى عصابة من اللصوص العاديين، وبسؤالها شخص يُدعى محمد كور، هو قائد صارم بلواء زنتان، عن حقيقة ما تردد عن قيامهم بسرقة فيل من حديقة حيوان طرابلس، واقتياده إلى زنتان، ووضعهم بندقية مضادة للطائرات على ظهره، ردّ كور من مكتبه الموجود في مجمع ريغاتا الفاخر على البحر في غرب طرابلس قائلاً: quot;أعلم أننا نحظى بسمعة سيئة. حيث نتلقى اتصالات يومية من أناس يقولون إن مقاتلي زنتان يزاولون نشاط السرقة. لكن هذا غير صحيح. فهؤلاء هم مجرمون عاديون يسيئون لاسم زنتان، لأنهم يعتقدون أنه سيحميهم. وبمجرد أن نتمكن من وضع أيادينا عليهم، فإننا سنفضحهم أمام العالمquot;.
ورغم أنهم قد لا يكونون كذلك، إلا أن الحقيقة التي وضعت الصحيفة يدها عليها، هي أن تلك الميليشيات المدجّجة بالسلاح، مثل ميليشيا كور، تلعب دوراً بارزاً الآن في المشهد الليبي بعد زوال حقبة القذافي.
كما لفتت الصحيفة إلى أن ميليشيات، مثل لواء زنتان، هي التي تهيمن على مجرى الأحداث في ليبيا الجديدة، حيث شاركت في تحرير طرابلس في آب/ أغسطس الماضي، ولم ترحل من هناك من وقتها.
ومع انتهاء القتال، لم تضع معظم الميليشيات أسلحتها. وبدأت تتنامى الاتهامات الموجّهة إليها في ما يتعلق بانتهاجها سلوكيات مماثلة لسلوكيات عصابات المافيا، وبدأت تثار مخاوف من تفاقم القتال داخل الميليشيات قبل دخول ليبيا حقبتها الجديدة.
هذا وقد شهدتأخيرًا ساحة الشهداء في طرابلس تظاهرة صغيرة للاعتراض على استمرار وجود المقاتلين المدججين بالسلاح في العاصمة.
ثم مضت الصحيفة تقول إن مقاتلي مصراتة هم من يحظون بالقدر الأكبر من السمعة السيئة في هذا الجانب. وبررت ذلك بأن مدناً ليبيةً قليلةً هي التي عانت ما عانته مدينة مصراتة (الساحلية غرب البلاد) أثناء الحرب، حيث لقي هناك أكثر من 1000 شخص مصرعهم أثناء فترة الحصار التي فرضتها على المدينة القوات الموالية للعقيد القذافي على مدار أشهر عدة.
وهو ما جعل مقاتلي مصراتة يشعرون بأنهم لا يخضعون لمساءلة أحد، ولا حتى الحكومة المؤقتة في البلاد. وقالوا إنهم اكتسبوا الحق في فعل ما يشاؤون، ويظهرون الآن بعض الاتجاهات المقلقة التي تتعارض بشكل واضح مع التطلعات المؤيدة للديمقراطية، التي عبّر عنها الليبيون، ودفعوا ثمناً غالياً بالفعل للإطاحة بالقذافي.
فعلى سبيل المثال، أعلن رجال مصراتة من جانبهم أن سكان مدينة تاورغاء، التي تقطنها غالبية سوداء، حيث ظل كثيرون موالين للقذافي، لن يُسمَح لهم بالعودة. كما دخل مقاتلو مصراتة في مطاردات مع سكان تاورغاء في أنحاء ليبيا كافة، وألقوا القبض عليهم في معسكرات اعتقال، وحبسوهم في مصراتة. وبدأوا في الأسبوع الماضي في إحراق منازل في تاورغاء، وذلك من أجل التأكد من عدم عودة أي أحد إلى هناك.
في تعقيب له على ذلك، أوردت كريستيان ساينس مونيتور عن أحد ناشطي حقوق الإنسان الليبيين بعد رفضه الكشف عن هويته خشية التعرّض لعمليات انتقامية، قوله: quot;هذه هي الدعاية الجديدة. حيث يشعر سكان مصراتة بأنهم أبطال تلك الحرب، وبالتالي فهم يستحقون الحصول على قطعة أكبر من الكعكة. لكن ما يفعله مقاتلو مصراتة في تاورغاء يمكن وصفه بالقنبلة الموقوتة بالنسبة إلى مستقبل ليبياquot;.
ثم نوهت الصحيفة بقيام هذا الناشط، برفقة اثنين آخرين، بتشكيل منظمة جديدة لحقوق الإنسان، تعنى بتوثيق الانتهاكات التي تحدث في ليبيا الجديدة. ورغم الدور البارز الذي لعبه هؤلاء الأشخاص الثلاثة في مساعي الإطاحة بالقذافي، إلا أنهم يشعرون الآن بقلق من حالة الفوضى وانعدام القانون التي تهيمن على الأجواء في البلاد.
وعاود هذا الناشط يقول: quot;تتعامل مصراتة مع كل مواطن ليبي على أنه واحد من أنصار القذافي حتى يثبت عكس ذلك. وإن كانت هناك مشكلة بيني وبينك، فكل ما يتعين عليّ القيام به هو أن أتصل بمصراتة، حيث ستُخطَف من منزلك، وستُنقَل إلى هناكquot;.
هذا ولا تخطط منظمة حقوق الإنسان لأن تجاهر بنشاطها عما قريب، حيث يستعين مسؤولوها الآن بعلاقاتهم مع المقاتلين الثوار من أجل إطلاق سراح الأشخاص المحتجزين لديهم.
وأعقبت الصحيفة بقولها إن سوء سلوك بعض الميليشيات لا يعتبر مسـألة أمنية فحسب، بل إنه يهدد كذلك تعكير صفو العلاقات الحساسة بين القبائل المختلفة في ليبيا. وفي ظل أجواء التناحر وعمليات الكرّ والفرّ، التي كانت تتم أثناء فترة الحرب، وحتى بعد انتهائها، قال عمر دوغا من لواء جادو إنهم يؤمنون بالتفاوض أولاً، وينظرون إلى القتال على اعتبار أنه الملاذ الأخير بالنسبة إليهم.
وأكدت الصحيفة أن الثأر والقتل التعسفي والاعتقالات جعلت كثيرين في ليبيا يشعرون بالقلق إزاء ما قد يحدث مستقبلاً. وقال هنا دوغا quot;أعتقد أننا إذا لم نعلن عن عفو عام، فإن البلاد لن تنعم بسلام مطلقاًquot;.
ثم ختمت الصحيفة بإشارتها إلى الصعوبات التي يواجهها المسؤولون الآن في ما يتعلق بنزع سلاح الميليشيات، وأوردت عن دوغا، قوله quot;المشكلة هي أننا لن نلقي سلاحنا إلى أن تقوم زنتان بالخطوة نفسهاquot;.
التعليقات