تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، ودعوة قادة المعارضة إلى الاجتماع لاتخاذ القرارات من أجل توحيد الرؤى حول الفترة الانتقالية المقبلة، يقدم مؤشراً واضحاً على أن الدول العربية تتخذ موقفاً مطابقاً لموقف إدارة الرئيس الأميركي في ما يتعلق بضرورة تنحي الأسد، وأن العرب باتوا ينظرون إلى ما بعد سقوط النظام في سوريا.


توقعات بتكثيف الضغوط ضد بشار الأسد بعد قرار جامعية الدول العربية تعليق عضوية سوريا

دمشق: ركزت الصحف الغربية على تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية، حيث أجمعت هذه على أن الخطوة أتت نتيجة لتعنّت نظام الأسد، ولتخوف العرب من نشوب حرب أهلية في سوريا، الأمر الذي قد يهدد أمن المنطقة بأسرها.

في هذا السياق، اعتبرت صحيفة الـquot;واشنطن بوستquot; أن موافقة الجامعة العربية على تعليق عضوية سوريا في الجامعة واتخاذ حزمة من الإجراءات ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، تمثل انتكاسة لهذا النظام، الذي ظل واثقاً بأن القوى الإقليمية والدولية لن تجرؤ على اتخاذ إجراءات قوية ضد دمشق، لما قد يحمله سقوطه من زعزعة الاستقرار في دولة ذات طابع استراتيجي مهم في المنطقة، كما فتحت القرارات العربية الباب أمام تصعيد الضغوط الدولية ضد نظام الأسد، وعملت على تعميق عزلته وحصاره.

ورأت أن دعوة الجامعة قادة المعارضة السورية إلى الاجتماع خلال الأيام الثلاثة التالية لاتخاذ هذه القرارات من أجل توحيد الرؤى حول الفترة الانتقالية المقبلة، إنما تقدم مؤشراً واضحاً على أن الدول العربية تتخذ موقفاً مطابقاً لموقف إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في ما يتعلق بضرورة تنحّي الأسد عن منصبه.

وكانت جامعة الدول العربية علقت عضوية دمشق، وهددت بفرض عقوبات عليها ومناشدة تدخل منظمة الأمم المتحدة، في حال عدم توقف النظام السوري عن ممارسة العنف ضد المدنيين، ووضع حد لما تشهده البلاد من اضطرابات استمرت منذ شهر آذار/مارس الماضي، وسقط خلالها ما لا يقلّ عن 3500 قتيل وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة.

ووصفت الـquot;واشنطن بوستquot; هذه الإجراءات، التي اتخذتها الجامعة بشأن سوريا بـquot;غير المتوقعةquot;، معتبرة أنها تشير إلى أن الدول العربية قد دخلت بالفعل في مرحلة التخطيط إلى ما بعد سقوط الأسد، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الضغط على القوى المعارضة لاتخاذ إجراءات صارمة ضد دمشق، مثل روسيا والصين وتركيا، كما سيؤدي إلى المساعدة في تأمين الإجماع الدولي بشأن الموقف إزاء سوريا على النحو الذي تسعى واشنطن إلى تحقيقه.

وتطرقت الصحيفة إلى الإشادة التي حازها التحرك العربي من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما، والذي وصفه بأنه دليل على زيادة عزلة نظام ينتهك حقوق الإنسان بشكل ممنهج.

وقالت الصحيفة إن القرار الذي تم تبنيه خلال اجتماع طارئ في القاهرة يمثل مشهدًا نادراً للتكاتف العربي ضد قوة إقليمية عربية، حيث لم يسبق للجامعة العربيةأن اتخذتقرارًا بتعليق عضوية إحدى الدول الأعضاء سوى مرتين، عندما تم تعليق عضوية مصر بين عامي 1979 و1989 على خلفية توقيع القاهرة لمعاهدة السلام مع إسرائيل، وكذلك عند تعليق عضوية ليبيا في آذار/مارس الماضي على خلفية ممارسة نظام الزعيم الليبي السابق معمّر القذافي العنف ضد المدنيين على نحو مماثل لما يحدث في سوريا حالياً.

في ما يتعلق بقرار الجامعة العربية بشأن بدء سريان تعليق عضوية سوريا يوم الأربعاء المقبل، قالت الصحيفة إن الجامعة منحت دمشق مخرجاً، يمكنها من خلاله تنفيذ الخطة العربية، التي طالبت النظام السوري بسحب قواته من المدن ووقف الاعتداء على المتظاهرين، ومن ثم التفاوض مع المعارضة حول إيجاد مخرج سلمي للأزمة السورية، لكن رغم ما سبق فإن الجامعة تلتزم بما أقرّته أمس بإعلانها عقد اجتماع خلال الأيام المقبلة لمناقشة العقوبات التي ستفرضها على سوريا.

ورأت الصحيفة أن تركيا، التي نددت مراراً وتكرارًا بالعنف الذي يمارسه نظام الأسد، لم تتخذ أي خطوات ملموسة ضده، لكن قيام الجامعة العربية بتعليق عضوية سوريا سوف يشجعها على فرض عقوبات اقتصادية، أسوة ببقية دول المنطقة، الأمر الذي يمكن أن يكون له تأثير كبير على اقتصاد سوريا.

ومن المعروف أن الأسد يعتمد على دعم إيران، وكذلك الدولة اللبنانية التي يسيطر على حكومتها quot;حزب اللهquot;، ما يجعل القوى العالمية تتردد في التدخل العسكري في سوريا خوفاً من أن تهبّ إيران ولبنان إلى الدفاع عن حليفهما، فيتسببان فينشوب حرب إقليمية في المنطقة بأسرها.

ونقلت الصحيفة عن محللين من واشنطن قولهم إنهم لا يستبعدون احتمالحدوث تدخل عسكري دولي في سوريا، في ظل المؤشرات الواضحة، التي تشير إلى أن الثورة السورية باتت مسلحة، حيث يتدافع السوريون لشراء الأسلحة من أجل حماية أنفسهم وعائلاتهم، إضافة إلى المنشقين عن الجيش السوري، الذين يفرّون بأسلحتهم.

quot;في الوقت الراهن، لا يزال هناك تردد، لكن إذا تحولت هذه المؤشرات إلى صراع كامل، ستكون للعرب والأتراك والولايات المتحدة قرارات أخرىquot;، يقول أندرو تابلر من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.

كما نقلت الصحيفة عن شكيب الجابري، ناشط سياسي من بيروت، قوله: quot;تعليق عضوية سوريا في جامعة الدول العربية لن ينهي الصراعquot;، مشيراً إلى أن هذه الخطوة من قبل الدول العربية جاءت فقط لأن سوريا بدأت تظهر بوادر حرب أهلية.

من جهتها، نقلت صحيفة الـquot;نيويورك تايمزquot; عن محللين قولهم إن هذه الخطوة تمهّد بالتأكيد إلى مرحلة من التدخل الدولي الأكثر قوة، بما في ذلك فرض عقوبات أوسع نطاقاً، من دون المصادقة عليها على الفور.

ويأتي قرار تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية والتلويح بفرض عقوبات ضدها في وقت صعب من الناحية الاقتصادية بالنسبة إلى سوريا، إذ يقول مسؤولون في أميركا وأوروبا وتركيا إن الاقتصاد هو نقطة الضعف الرئيسة في نظام الأسد.

ورأت الصحيفة أن بعض شخصيات المعارضة داخل سوريا قلقة من تداعيات قرار الجامعة العربية، فنقلت عن لؤي حسين، وهو منشق بارز في دمشق، قوله إن تعليق عضوية سوريا لن يكون له تأثير يذكر على قيادة السيد الرئيس الأسد نفسه.

وأضاف: quot;كلما ازداد الضغط من الخارج، كلما سيلجأ النظام إلى مزيد من العنف في الداخلquot;، مشيراً إلى أن التعليق لا يقدم أي نتيجة إيجابية، فنظام الأسد يريد أن يسيطر في سوريا، ولا يهتم لتعليق عضويته في جامعة الدول العربيةquot;.