رئيس المجلس الأعلى الأسلامي عمّار الحكيم

في وقت أعلنت محافظات عراقية جنوبية اليوم الاثنين عطلة رسمية لمناسبة quot;يوم الغديرquot;، الذي يحيي فيه الشيعة خطبة للنبي محمد، ويقولون إنه أوصى فيها بالخلافة من بعده للإمام علي بن أبي طالب، فقد أثار رئيس المجلس الأعلى الأسلامي عمّار الحكيم إشكالية مذهبية عمرها أكثر من 1400 سنة حول هذه القضية، بتأكيده علىأن صحابة قد خرجوا على هذه الوصية، وهيمنوا على الخلافة، بعدما حرموا علي منها... بينما تشهد بغداد اليوم مؤتمرًا لمحافظي ومجالس المحافظات العراقية لبحث أوضاع محافظاتهم وإمكانية انتزاع صلاحيات أوسع، تشكو هيمنة الحكومة المركزية عليها، وتدفعها إلى التحوّل إلى أقاليم مستقلة إداريًا وإقتصاديًا.


أعلنت محافظات عراقية جنوبية شيعية عدةاليوم عطلة رسمية لما قالت إنها مناسبة quot;عيد الغدير، الذي يصادف اليوم، وهي ذكرى تتويج الإمام علي بن أبي طالب (ع) أميراً للمؤمنين وخليفة للرسول محمد (ص) في غدير خمquot;. ويقع الغدير على بعد 183 كيلومترًا عن المدينة المنورة في غرب شبه الجزيرة العربية، وكانت بيعته يوم الاثنين 18 من ذي الحجة من السنة العاشرة للهجرة.

في كلمة له خلال مؤتمر عقدته للمناسبة جامعة محافظة ذي قار الجنوبية ومؤسسة شهيد المحراب التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، قال رئيس المجلس عمّار الحكيم quot;في مثل هذه الأيام المباركة نعيش أجواء ذكرى عظيمة في تاريخ الإسلام والمسلمين، وهي ذكرى عيد الغدير الأغرّ.. ذلك العيد الذي شهد إكمال الدين وإتمام النعمة والأمر السماوي، الذي نزل على النبي محمد في الآية quot;بسم الله الرحمن الرحيم: اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينًاquot;.. والآية quot;يا أيها الرسول بلّغ ما أُنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل، فما بلّغت رسالته، والله يعصمك من الناسquot;.

وأضاف إن يوم الغدير هو عيد إكمال الدين وإتمام النعمة، بعدما بلغ الرسول في ذلك اليوم ما أمره الله أن يبلغه إلى المسلمين بعد حجة الوداع، وقال quot;ففي ذلك اليوم أبلغ الرسول المسلمين بالولاية الكبرى من بعده، حيث قال: من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره واخذل من خذله..)، حيث لم تنفصل بيعة الغدير عمّا بعدها من تاريخ قصير في حياة الرسول وممارساته وتوصياته وتعامله مع الإمام علي، وهو يعدّه لمنصب الخلافة العظمى، حتى إنه استثناه من الذهاب مع جيش أُسامة بن زيد، مع أنه لم يستثنِ كبار الصحابة من ذلك، بل أكدّ عليهم الذهاب في ذلك الجيش، وأمرهم بالكفّ عن اعتراضاتهم في تأمير اٌسامة عليهم قائداً للجيشquot;.

وأشار إلى أنّ quot;حديث الولاية لم يكن معزولاً عن إتمام الدين وإكمال النعمة، وأنه جزءٌ من البلاغ الذي أمر الله سبحانه وتعالى رسوله الكريم في ذلك اليوم، ومن هنا كانت هذه القضية.. قضية الولاية والبيعة لأمير المؤمنين علي عليه السلام من القضايا المهمّة والمصيرية، التي اختلف فيها المسلمون بعد وفاة الرسول، ولا تزال إلى اليوم محل نقاش وخلاف بين المسلمينquot;.

وأوضح quot;أن الخلاف الدائر لا يتعلق بأصل الواقعة، فهناك اتفاق وإجماع بين المسلمين على حصولها، بل هناك إتفاق كبير حتى على النص الذي تحدّث فيه الرسول الأعظم، إنما الخلاف الذي وقع ويقع بين المسلمين اليوم هو في تأويل النص، والوصول به إلى معان متباينة عن بعضهاquot;.

وأضاف إن هناك من حاول ويحاول أن يذهب بالنص إلى معنى هو أقرب إلى الموقف النفسي منه إلى معنى الموقف العقائدي من بيعة الغدير، فصار (الولاء) عندهم حٌبّاً ينطلق من داخل النفس، وليس (موالاة) تنطلق من موقف عقائدي، تستمد قوتها وشرعيتها من الموالاة لله ورسوله، وهي الموالاة التي عناها الرسول الكريم يوم أعلنها في ذلك اليوم العظيمquot;. وقال quot;حتى على هذا المقدار من التفسير، فإن هناك من ناصب أمير المؤمنين العداء في حياته، وجنّد الجنود لمقاتلته، وقاد حملات التضليل ضدّه حتى بعد شهادتهquot;.

وقال الحكيم مواصلاً quot;إن التاريخ الذي نقرأه اليوم مليء بالزيف والتحريف للحقائق، فقد كتبته على الغالب أياد كانت صنيعة السلطة والحاكمين في عهد الدولتين الأموية والعباسية، وهو تاريخ سعى جاهداً في الكثير من الأحيان إلى طمس الحقائق، ومعاداة أهل البيت، والطعن على أتباعهم وشيعتهم، إلا أن كل ذلك لم يستطع أن يغيّر من الحقيقة شيئاً، وهي أن قضية الغدير وبيعته كانت بداية مرحلة جديدة في تاريخ الإسلام والمسلمين، وأنها كانت عملية تمهيد للحدّ الفاصل في مسيرة الرسالة الإسلامية بين مرحلة حضور الرسول الأكرم في حركة هذه الرسالة وبين استمرارها في غيبته على أيدي من اختارهم لخلافته في قيادة مسيرة هذه الرسالةquot;.

وأضاف quot;برغم كل ما حصل من أحداث مؤلمة بعد وفاة الرسول الأعظم، ومن ثم المحاولات المستمرة لإبِعاد أمير المؤمنين من قيادة المسيرة الإسلامية، ومن بعده ولده عليهم السلام، وإشهار السيف في وجهه بعد توليه الخلافة، فإنه عليه السلام لم يتخلً عن مسؤولياته الرسالية التاريخية التي حملها من بعده أولاده المعصومون، رغم تعرّضهم للنكبات تلو النكباتquot;.

وأوضح قائلاً quot;يجب أن نتعلم من هذه الواقعة العظيمة أن عدم تقديم النصرة للحق سيقود الأمة إلى الانحطاط والتخلف والجهل، بل سيقودها إلى تسلط من لا يريد لهذه الأمة خيرا،ً وفي ما حصل للمسلمين طيلة القرون التي تلت وفاة الرسول الأعظم خير شاهد على ذلك، فقد تسلّط على الأمة من يحكمها باسم الخلافة للرسول الأعظم، فيقتل سبط الرسول (الحسين بن علي بن أبي طالب) ويشّرد أبنائه، ويلقي بهم في سجونه، ويطاردهم ويقض مضاجعهم، وفي قصره تُقام الملاهي وتُشرب الخمور وتبذّر أموال المسلمين بالبذخ ومظاهر الثراء الفاحش، وتنفق على ملذات فئة حاكمة قليلة على حساب الملايين من المسلمين الذين كانوا يشكون الفقر والعوزquot;.

وحول أوضاع العراق الحالية، قال الحكيم إن البلاد تعيش اليوم نهضة كبيرة على صعيد بناء الذات، وعلى صعيد بناء الإنسان العراقي بعد الخروج من ظلمات عقود طويلة من الزمن، حاولت خلالها الأنظمة تحطيم الإنسان العراقي، وجعله مجرد كيان خال من روح الإحساس بالمسؤولية والانتماء الوطني، كيان يستجدي حقّه من دولة ظالمة وحاكمٍ لا يتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم لإشباع رغباته ونزواته.

وأشار إلى أنّ تاريخ العراق الحديث مليء بالمآسي والمحن التي طبعت حياة العراقيين بطابعها طيلة العقود الماضية quot;لكننا اليوم نسعى جاهدينإلى أن يعود هذا الإنسان إلى ممارسة دوره العظيم في بناء العراق الجديد عراق الانطلاقة إلى الأمامquot;.

وأضاف quot;نحن اليوم نواجه تحديات كبيرة وصعوبات جمّة من أجل تحقيق ما نصبو إليه في بناء عراق قوي مزدهر وآمن، وتزداد هذه الصعوبات حين تشيع ثقافة خاطئة تقول إن الحكومة هي المسؤولة أولاً وأخيراً عن هذا البناء، وهي الثقافة التي سادت طيلة القرن الماضي في العراق، بل لابد من إشاعة ثقافة أخرى تقول إن الفرد والمجتمع والحكومة هم شركاء معاً في بناء المجتمع والدولة الجديدة، لأن العراق الجديد لا نريده نتاج إرادة حكومة بدون إرادة شعب يدرك مسؤولياته ويعرف حقوقه ويدافع عنها، وأول تلك الحقوق أن يكون له دور في بناء الدولة والمجتمعquot;.

وزاد quot;إننا اليوم مقبلون على مرحلة جديدة في تاريخنا، وهي مرحلة خروج القوات الأجنبية من بلادنا، وهو أمر يجب أن يزيدنا عزماً وإصراراً على مواجهة كل التحديات المحتملة، وعلينا أن نتسلح بالوعي والعزيمة والإصرار على تحمّل مسؤولياتنا في بناء العراق وحماية منجزاتنا التي تحققت خلال السنوات الثمان الماضيةquot;.

وأوضح quot;أن التحدّي الأمني والمحافظة على الدستور والتجربة الديمقراطية التي يقوم عليها النظام السياسي الجديد سيكون في أولوية قائمة التحدّيات، وعلينا أن نقف جميعًا في مواجهة هذه التحدّيات، من خلال تحمّلنا جميعًا المسؤولية تجاه ذلكquot;.

محافظات عراقية تبحث انتزاع صلاحيات أوسع من الحكومة المركزية

في مواجهة تصاعد حملات محافظات عراقية للتحول إلى أقاليم ورفض رئيس الحكومة الشديد تخوفًا من تحول بعضها، وخاصة الغربية السنية منها، إلى حاضنات للبعثيين، يشرف رئيس مجلس النواب في بغداد اليوم الاثنين على مؤتمر موسع لمحافظي ومجالس المحافظات لبحث أوضاع محافظاتهم وإمكانية انتزاع صلاحيات أوسع تشكو هيمنة الحكومة المركزية عليها.

وقال مصدر نيابي إن quot;رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي سيترأس اليوم الاثنين اجتماعًا تشاوريًا في مبنى المجلس تلبية للدعوة الموجّهة إليه من قبل عدد من المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات وبمشاركة خبراء ومستشارين قانونيينquot;.

يأتي هذا المؤتمر في وقت أعرب المرجع الشيعي الشيخ محمد اليعقوبي عن قلقه من الدعوة إلى تحويل محافظة صلاح الدين إلى إقليم، وأوضح أنه كان من السباقين في التحذير من خطورة مشروع تشكيل الأقاليم، ورفض التصويت على الدستور الذي تضمنه.

وأضاف في بيان اليوم أن quot;قلقاً انتابه على إثر دعوة جمع من أعضاء مجلس محافظة صلاح الدين إلى إعلان المحافظة إقليماً، خوفاً على وحدة العراق أرضاً وشعبًا، التي سعى الكثير من أعدائه وشعبه الأصيل الكريم إلى تمزيقها وتفتيتها بعناوين متعددة كالطائفية وتشكيل الأقاليم وأمثالهاquot;.

وأضاف quot;سبق أن حذرنا من خطورة مشروع تشكيل الأقاليم منذ اللحظات الأولى، ولم نصوّت على الدستور بالإيجاب لوجود هذه الفقرة وأمثالها من الفخاخ التي أُريد لها تفجير الوضع في العراق وإدامة الصراع بين أبنائهquot;. وشدد على quot;أن الحل يكمن في منح صلاحيات واسعة على شكل إدارة لامركزية للمحافظات، لتخطط لنفسها المشاريع التي تقدّر الحكومات المحلية أولويتها والحاجة إليها، لأنها أعرف بذلكquot;.

ويعقد مؤتمر اليوم بعد آخر شهدته بغداد في الثاني من الشهر الحالي، شارك فيه أعضاء مجلسي محافظتي الأنبار وصلاح الدين، التي أعلن مجلسها عن موافقته على تحويل المحافظة إلى إقليم مستقل إداريًا واقتصاديًا.

وأكد النجيفي خلال هذا المؤتمر أن إنشاء الأقاليم حق دستوري لا يحق للحكومة معارضته أو منع إقامته، في إشارة إلى معارضة رئيس الحكومة نوري المالكي وتأكيده الأربعاء الماضي أنه يتجه نحو زيادة صلاحيات الحكومات المحلية، وتحويل كثير من المشاريع إليها، متمنيًا أن تكون المحافظات قادرة على تنفيذ هذه المشاريع.. محذرًا من أن إعلان الأقاليم خلال هذه الفترة سيتحول إلى كارثة. وشدد على معارضته إنشاء الأقاليم على أسس طائفية، قائلاً إن ذلك سيفتت العراق، ويلحق به أضرارًا كارثية.

وفي بيانه الختامي، قال ذلك المؤتمر إنه انعقد quot;في أيام بالغة الدقة والتعقيد في حياة شعبنا وفي أشد مراحل تاريخ العراق صعوبة وأكثرها حساسية في العلاقة بين مكونات شعبنا الواحد، الذي تلاطمه أمواج، تهدف إلى إغراق مركبه في يمّ لا قرار له، حيث يعبث العابثون ويسرق السارقون خيراته وثرواته، ولعلنا لا نفتري على أنفسنا ولا على أحد حينما نقول وبصراحة المؤمنين العراقيين إن ما من أحد قادر على إغراق المركب العراقي، إذا لم يجد حاضنة لهواه ومرتعًا خصبًا لنزواته.

ومن تلك الحواضن والمراتع ذهاب بعضنا مذهبًا طائفيًا في التعامل مع وطنه وشعبه وذهاب بعضنا مذهبًا عرقيًا أو مذهبًا فئويًا أو مذهبًا حزبيًا، مما أفقدنا الاتجاه، وصارت عندنا بوصلات كثيرة، بدلاً منأن تكون لدينا بوصلة واحدة.

وحذر المؤتمر من وجود اختلال بنيوي خطر في العلاقة بين الحكومة المركزية والحكومات المحلية للمحافظات، ومن خطورة تأسيس البعض لإرادة يراد لها أن تسمو على إرادة الدستور، الذي نص صراحة على حق تكوين الأقاليم. وعبّر عن التطلع إلى التنسيق والتشاور والتعاون المثمر بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية، وأن تمنح للمحافظات غير المنتظمة في إقليم قوة مضاعفة بدلاً من محاولات فرض النظام المركزي الحاد، مما يضعف مجالسها ويحولها إلى منفذين لسياسات لا صناع سياسات.

ودعا إلى الخروج من دائرة المصالحة الضعيفة إلى المصالحة الشاملة مع كل من لم تتلطخ يداه بدم الشعب وإعادة النظر في مسألة اجتثاث التدريسيين في الجامعات والالتزام بها، وفق ما جاء في اتفاقات إربيل، وعدم الكيل بالمكيالين عند تطبيق قانون المسألة والعدالة والالتزام بحصة المحافظات في مشاريع الوزارات في الموازنة الاستثمارية.. وشدد على ضرورة العمل على تعديل القوانين النافذة ذات العلاقة بما يؤدي إلى توسيع صلاحيات المحافظين في توقيع العقود والصرف، وخصوصًا بما يتعلق بالبنى التحتية ووجوب إحاطة المحافظة علمًا بالمشاريع التي تروم الوزارات تنفيذها في المحافظة.

يأتي انعقاد المؤتمر اليوم في وقت أنهت لجنة الأقاليم النيابية تعديلاتها على قانون المحافظات رقم 21 الخاص بتحديد صلاحيات مجالس المحافظات المالية والإدارية ورفعته إلى مجلس النواب لمناقشته والتصويت عليه بعد استئناف جلساته الأحد المقبل حين ينهي عطلة فصله التشريعي، التي استمرت 40 يومًا. ويمنح القانون الجديد للمحافظات صلاحيات أوسع في المسائل المالية والإدارية ظلت تشكو أن الحكومة المركزية تمنعها من ممارستها.

وفي حديث مع quot;إيلافquot; الجمعة الماضي قال وزير الدولة العراقي طورهان المفتي إن تحول أي محافظة إلى إقليم يجب أن يسبقه تهيئة الأرضية المناسبة لذلك، وهذا غير موجود في أي محافظة إلى الآن، حيث إن التحول من المركزية إلى الإقليم سيخلق فراغًا إداريًا كبيرًا، لذلك يجب تهيئة الأرضية من خلال بناء الموسسات، وهذا يحتاج عشر سنوات.

وأكد أن المالكي مع تكريس اللامركزية وإعطاء الصلاحيات للإدارات المحلية، ولكن يجب أن تكون هذه على مراحل، حتى لا يكون هناك تسيب، وأن تهدف الصلاحيات إلى الإسراع في إنجاز المشاريع المتلكئة، والوصول إلى صلاحيات إدارية ومالية أوسع.

وأوضح أن القانون الجديد للمحافظات شهد تعديلات، شملت أكثر من 50% من مواد القانون النافذ حاليًا، ومن أهم هذه التعديلات وضع أسس لفك الاشتباك في الصلاحيات بين المركز والحكومات المحلية.