عراقيون يستمعون إلى عمار الحكيم

كشف زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمّار الحكيم عن انتشار مزارع للمخدرات في محافظات عراقية محذراً من خطورة تصاعد تعاطيها في بلده. واعتبر حملات إعلان الأقاليم في البلاد مع قرب الإنسحاب الأميركي إجراء غير سليم وانتقد تضارب مواقف القادة الأمنيين من القدرة على حفظ الأمن من عدمه بعد الإنسحاب.. فيما أفشل سفر عشرات النواب الى خارج العراق بينهم حوالى المائة ذهبوا لاداء فريضة الحج وآخرون لقضاء عطلة عيد الاضحى، عقد جلسة برلمانية طارئة كانت كتلة الاحرار البرلمانية الممثلة للتيار الصدري قد دعت لها.


أشار زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم في كلمة له خلال الملتقى الثقافي الاسبوعي للمجلس الاعلى في بغداد بحضور حشد من ابناء العاصمة العراقية الى أن تصاعد تجارة وتعاطي المخدرات في العراق قد وصل إلى مرحلة خطيرة حتى وصل الأمر الى اكتشاف الاجهزة الأمنية لحقول تزرع فيها المخدرات في محافظات البصرة وديالى وكركوك. وشدد على ان هذا الانتشار للمخدرات وتعاطيها اصبح يثير مخاوف كبيرة من تأثير هذه الظاهرة المدمرة في المجتمع.

وأكد الحكيم ضرورة وضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة من خلال القوانين الخاصة بتجريم تجارة المخدرات وتعاطيها وتشريع قانون جديد لمكافحة المخدرات ينسجم مع طبيعة الظروف التي تشهدها البلاد والتطورات التي تعيشها في واقعها السياسي الحالي.

وكانت القوات الأمنية العراقية قد اعتقلت في السابع من الشهر الماضي 25 شخصا تابعين لجماعات تتخصص في ترويج وتهريب المخدرات الى العراق في محافظات بغداد والديوانية والأنبار والبصرة. وجرت عمليات الإعتقال خلال حملة أمنية أطلقت باسم quot;فجر بغدادquot; شارك فيها أكثر من 4000 عنصر أمن من تشكيلات أمنية مختلفة في وزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني وجهاز المخابرات ومكتب القائد العام للقوات المسلحة بالإضافة إلى قوات حرس الحدود والشرطة النهرية.

وقال العقيد حكمت محمود المساري مدير الإعلام في وزارة الداخلية إن القوات الأمنية دهمت 66 موقعا مفترضا للشبكات التي تمتهن تهريب المخدرات وترويجها داخل العراق. وأضاف quot;أغلب الجماعات التي تروج للمخدرات وتهربها إلى العراق. وبين المعتقلين ثلاثة أشخاص إيرانيي الجنسية دخلوا العراق بحجة السياحة وقاموا بإدخال مخدرات على شكل حبوب أسبرين او حقن طبية. وقد صادرت القوات العراقية 121 ألف حبة مخدرة و22 كلغم من المخدرات على شكل مسحوق أبيض في مناطق متفرقة من المحافظات المشمولة بالحملة.

ومطلع العام الحالي، اتهم رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة البصرة ايران بالوقوف وراء دخول كميات كبيرة من المخدرات الى العراق لتهريبها الى دول مجاورة او الى محافظات عراقية اخرى عبر منافذ حدودية مائية وبرية بين البلدين. وقال علي غانم المالكي ان quot;ايران هي المصدر الرئيس لدخول كميات كبيرة من المخدرات الى العراق عبر البصرة من خلال تهريبها عبر بعض المنافذ النهرية والبرية لايصالها الى الكويت والسعودية او الى محافظات عراقية اخرىquot;.

واوضح ان quot;عددا من الحدود المائية المشتركة بين البلدين في قضاءي الفاو وابو الخصيب تستغلها ايران في تهريب المخدرات بانواعهاquot;. وتشهد البصرة في اوقات متفاوتة ضبط كميات من المخدرات والحبوب المخدرة في اطار ملاحقة عمليات التهريب من دول مجاورة الى دول اخرى عبر العراق حيث تحدّ البصرة ثلاث دول بينها دولتان كبيرتان وهما السعودية وايران فضلا عن الكويت.

إعلان الاقاليم مع قرب الانسحاب الاميركي اجراء غير سليم

واضاف الحكيم ان الشارع العراقي يتابع باهتمام كبير توجه مجلس محافظة صلاح الدين لتتحول الى اقليم على خلفية ما وصف بالاهمال والاقصاء وضعف الاهتمام بالمحافظة من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد. وقال إن تشكيل الاقاليم والفيدرالية الادارية هو حق كفله الدستور العراقي لكل محافظة او اكثر ولكن يجب ان لا يتحول هذا الحق الدستوري الى اداة للابتزاز أو وسيلة لتمرير مشاريع شخصية او سياسية أو نخبوية ضيقة ولابد من تقييم الظروف الموضوعية والحساسيات والتوترات التي تشهدها الساحة العراقية وهي تستعد لخروج القوات الاميركية في نهاية هذا العام.

وتساءل الحكيم قائلا: هل ان توقيت تشكيل الاقليم في هذه المحافظة جاء منسجما مع هذه التعقيدات والحساسيات والظروف الاستثنائية التي يمر بها العراق وهل ان التعدد القومي والمذهبي والسياسي في محافظة صلاح الدين منسجم مع هذه الخطوة؟.. واجاب قائلا: إن أيّا منا اذا حاد عن هذا المبدأ واختار طريقا بمفرده ليتخذ قرارا مصيريا دون الرجوع الى شركائه واخوانه سيواجه العديد من الاخفاقات والتلكؤات والاشكاليات في مسار البناء والعملية السياسية.

وطالب مسؤولي ومواطني صلاح الدين بتجنب المواقف الانفعالية والارتجالية في هذا الموضوع ودراسة عملية تشكيل الاقليم دراسة مستفيضة للتأكد من ان هناك مصلحة لهم وللعراقيين جميعا في هذه الخطوة لتكون سببا بمزيد من الوحدة والتلاحم بين ابناء الشعب العراقي والتوجه الى الاعمار في محافظتهم وباقي المحافظات العراقية.

وعلى الصعيد نفسه وخلال اجتماع مع شيوخ ووجهاء محافظة الأنبار اليوم علق نائب الرئيس العراقي على مطالب بعض المحافظات ورغبتها في التحول إلى اقاليم قائلاً quot;الدستور العراقي في نص مادته 119 كفل لأي محافظة أن تتحول إلى إقليم ولا أحد كائناً من يكون يستطيع أن ينقض رغبة سكان تلك المحافظة إذا ما قرروا من خلال الاستفتاء الذهاب إلى هذا الخيار وعلى الجميع الالتزام بالدستور واحترام الشرعيةquot;.

وبعد أن استمع إلى الظروف الصعبة التي تواجه المحافظة في مختلف المجالات ولا سيما في الأمن والاقتصاد والخدمات وكيف أن السلطة المركزية تتحمل قسطاً كبيراً في عدم تحسين الأوضاع بسبب تجاوزاتها المستمرة على الصلاحيات الممنوحة للمحافظة وفق الدستور والقوانين النافذة أشار الى أنه يتفهم ملاحظاتهم وشكواهم موضحا أنه كان قد استمع إلى الملاحظات نفسها من محافظات الجنوب والفرات الأوسط وأكد أن المشكلة عامة وينبغي أن يساهم الجميع في إصلاح وتصويب إدارة الدولة.

وقال quot;لا أعتقد أن تحول محافظة إلى إقليم - وهو مبدأ كفله الدستور في مادته الأولى- سيهدد وحدة العراق وهي أمانة في أعناقنا جميعاً، لكن الذي يهدد وحدة العراق حتى لو لم تتحول المحافظات إلى أقاليم هي ظاهرة عدم الاستقرار الناشئة عن التمييز بين العراقيين وشيوع الظلم وتفشي الفساد وسوء الإدارة وهنا يكمن الخطر وهذه هي العناصر التي تزعزع ولاء المواطن لوطنه وتدفعه مجبراً للبحث عن خيارات أخرى قد توفر له فرصة حياة أفضل والذين يحرصون على وحدة العراق عليهم أن يبرهنوا على ذلك فعلاً لا قولاquot;.

وبعد أن أكد الوفد رغبة المحافظة جدياً في دراسة خيار التحول إلى إقليم، أجاب الهاشمي قائلاquot; من حقكم أن تختاروا مستقبلكم الإداري في إطار موحد بمحض إرادتكم الحرة لكن عليكم أن تتفقوا أولاً وعليكم ثانياً أن توفروا لهذا الخيار جميع مستلزمات النجاح في ظل ولادة طبيعية موفقةquot;.

وكانت محافظات صلاح الدين والأنبار وديالى والموصل وكركوك قد طالبت الحكومة امس في ختام اجتماعها مع رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي بإعادة النظر في مسألة اجتثاث التدريسيين في الجامعات وأن يكون الدستور هو الفيصل عند حدوث أي تقاطع وعدم تجاهل الحكومة أهمية الإدارة الذاتية للمحافظات.

وقال رئيس اللجنة التحضيرية لصلاح الدين ناجح الميزان في مؤتمر صحافي إن quot;وجود اختلال بنيوي خطير في العلاقة بين الحكومة المركزية والحكومات المحليةquot; مشددا على ضرورة quot;إيضاح الكثير من المعوقات التي تعتري العملية السياسية وتضعف من الوحدة، يكمن في عدم تنفيذ الدستور كاملاquot;.

ودعا إلى إعادة النظر في مسألة اجتثاث التدريسيين في الجامعات والالتزام وفق ما جاء باتفاق اربيل فضلا عن إعادة النظر أيضا بقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم 21 لسنة 2008. وأكد أهمية التنسيق والتشاور والتعاون بين الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية وان تمنح المحافظات غير المنتظمة في الإقليم قوة مضاعفة بدلا من محاولات فرض النظام المركزي الحاكم.

تناقض تصريحات القادة الأمنيين حول القدرة على تحقيق الأمن

وحول الوضع الأمني في البلاد، اشار الحكيم الى ان الشارع العراقي يتابع بقلق واستغراب تضارب تصريحات القادة الأمنيين بخصوص حجم الاستعدادات الأمنية والعسكرية مع قرب خروج القوات الاميركية من البلاد حيث تفاجأ الجميع بحديث بعض هؤلاء القادة بأن المجال الجوي العراقي سيبقى مكشوفا مع خروج القوات الاميركية فيما نفى اخرون هذا الامر وقالوا ان العراق لديه الاستعداد لتحقيق الأمن للمواطنين. واشار الى ان هذا الموضوع الحساس يمثل قضية مصيرية وحساسة يرتبط بأمن دولة وشعب باكمله وهي ليست قضية شخصية او سياسية تعود لهذا المسؤول او ذاك ومن حق ابناء الشعب ان يتعرف على الحجم الواقعي للقدرات الأمنية وامكاناتها في مواجهة التحديات الأمنية التي تستهدف البلاد.

واضاف ان السؤال الان مع قرب الانسحاب الاميركي هو عن الحلول والمعالجات المطلوب تحقيقها من قبل العراقيين انفسهم بالاعتماد على انفسهم او بالاستعانة بالغير من اجل تحقيق الأمن وتعزيز السيادة وتوفير الفرص الملائمة لمزيد من الاستقرار في البلاد. وأكد ضرورة توحيد الرؤى الأمنية بين المسؤولين في المؤسسات الأمنية في مثل هذه الموضوعات الحساسة والشائكة حتى لا يرتبك الشارع العراقي بالاستماع الى تقييمات متضاربة quot;فهذا يقول لدينا القدرة على تحقيق الأمن وذاك يقول ليس لنا القدرة على ذلك ويبقى المواطن حائرا أي من التقييمات يأخذ بها وهل لدينا القدرة الكافية أم لاquot;.

وشدد على ضرورة ان تكون المؤسسات الأمنية ذات مهنية عالية حتى لا تسلب منها منجزاتها وقال quot;ان البعث الصدامي ولى الى مزبلة التاريخ دون رجعة ولا تسامح مع الخلايا السرطانية التي يجب اقتلاعها مهما كانت في بدايتها ولكن علينا ان لا نتعامل ببساطة مع هذه الخلايا ونقدم لها دعاية مجانية من خلال مواقف لم يحسب لها الحساب الكافي فنحن نطالب بسياسة أمنية مؤسسية مبنية على فكر استخباري حقيقي وسياسة أمنية تخضع الواقع الأمني الى عمل مهني محترف تقلل من خلاله نسبة الخطأ الى حد بعيد.. سياسة أمنية لا تعتمد على الجهد العسكري والاستخباري فحسب وانما تركز على الجهد التثقيفي والتعبوي والتوجيهي بشكل كبير.. سياسة أمنية لا تقتصر على اصدار اوامر الاعتقال وانما تستخدم التأثير النفسي المترتب على مثل هذه المواقف وردود الافعال المحتملة لاولئك المشمولين بعمليات الاعتقال حتى نخرج بحصيلة نضمن من خلالها السيطرة الكاملة على واقعنا الأمني ونحافظ على نظامنا السياسي ونقف وقفة حقيقية امام الصداميين وامام كل من يريد ان ينال ويستهدف تجربتنا العراقيةquot;.

سفر النواب للخارج أفشل عقد جلسة برلمانية طارئة طلبها الصدر

وأفشل سفر عشرات النواب الى خارج العراق بينهم حوالى المائة ذهبوا لأداء فريضة الحج وآخرون لقضاء عطلة عيد الاضحى التي تبدأ الاحد وتستمر سبعة ايام عقد جلسة برلمانية طارئة كانت كتلة الاحرار البرلمانية الممثلة للتيار الصدري قد دعت لها في وقت سابق.

وإزاء عدم اكتمال النصاب القانوني لعقد الجلسة اليوم فقد قررت رئاسة مجلس النواب الغاءها الامر الذي اثار استياء الكتلة الصدرية التي تغيب 25 نائبا من مجموع النواب الستين الذين وقعوا على طلبها بعقد هذه الجلسة الطارئة. ولم يحضر الى البرلمان اليوم سوى 90 نائبا من مجموع عدد النواب البالغ 325 عضوا.

وقال مصدر برلماني ان الموضوعات التي كان يفترض مناقشتها في هذه الجلسة ستبحث في اول جلسة يعقدها البرلمان في العشرين من الشهر الحالي بعد انتهاء عطلته التشريعية التي تستمر 40 يوما وهي تتعلق ببحث ثلاثة مطالب تقدم بها الصدر الى الحكومة وانسحاب القوات الأميركية من البلاد وسيادة العراق والاعتداءات الخارجية على الأراضي العراقية والاعتداءات التي تنطلق منها على دول الجوار.

وكان الصدر طالب في الخامس من ايلول (سبتمبر) الماضي بمنح الشعب حصة من النفط وتعيين 50 الف عاطل عن العمل في مختلف المحافظات بوظائف حكومية وتزويد المولدات الكهربائية الأهلية بوقود مجاني لحين تحسين الطاقة الكهربائية.

وفي العشرين من الشهر الماضي هدد القيادي في التيار الصدري (40 نائبا و5 وزراء) بهاء الاعرجي بالانسحاب من التحالف الوطني الشيعي والحكومة في حال عدم تنفيذ هذه المطالب. واثر ذلك قرر رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي عقد هذه الجلسة الطارئة لمناقشة مطالب الصدر اضافة الى موازنة عام 2012 والانسحاب الاميركي من العراق. ودعا أعضاء مجلس النواب إلى حضور الجلسة تلبية لطلب تقدم به 60 نائبا لمناقشة الموازنة العامة وكيفية توزيعها ومطالب الصدر والقضايا المتعلقة بانسحاب القوات الأميركية.

وقال النجيفي خلال مؤتمر صحافي إنه يتعين سد الفراغ الذي يتركه الانسحاب الأميركي بتكريس مبدأ التوافق والوحدة الوطنية وكل ما يعيد التوازن إلى المؤسسات الحكومية لكي لا يشعر أي طرف بالتهميش وعدم الانتماء إلى بلاده. وأضاف أن القوات الأميركية كانت عاملا مهما في تهدئة التوتر في المناطق المتنازع عليها ويتوجب على العراقيين بعد انسحابها العمل على إيجاد الحلول المناسبة لاستقرارها.

ويفترض ان تقوم واشنطن بسحب جميع قواتها من العراق نهاية العام الحالي وفقا للاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن والموقعة اواخر عام 2008 لكن البلدين متفقان على ضرورة ابقاء كتيبة من بضعة الاف عسكري تتولى مهمة تدريب الجيش العراقي. لكن المفاوضات حول الوضع القانوني للقوات الاميركية في العراق بعد عام 2011 تواجه صعوبات وسط مطالب واشنطن بحصانة لجنودها ليكونوا بعيدا عن اي ملاحقة قضائية في العراق فيما ترفض بغداد تقديم هذه الحصانة.