سيكون الثالث والعشرين من تشرين الحالي، موعدًا لخروج تقرير لجنة تقصي الحقائق من مقر اللجنة quot;المستقلةquot; المشكلة بقرار من العاهل البحريني، للتحقيق بشأن الأحداث الدامية والمواجهات خلال شهر شباط وآذار الماضيين، في وقت تترقب قوى سياسية معتدلة نتائجه لما فيه من استمرار لمصلحة البلاد وتنميتها.


المنامة: بعد صراع احتجاجات شباط وآذار الماضي، وكثرة الأحاديث من الداخل والخارج بين من يقول إنها احتجاجات طائفية تدعمها إيران، وبين ما تدّعيهحفنة من وسائل الإعلام في معرفتها quot;معنىquot; لاحتجاجات المملكة الصغيرة، التي حوّلتها إلى نيران، لا يزال بعض منها موقدًا حتى اللحظة؛ بأنها احتجاجات سلمية لا تعدو عن كونها مطالبات سلمية.

تعول عليه جهات كثيرة حول مصداقية ماتؤكده البحرين رسمياً

في ضوء تلك الترددات بين فرق عدة، تأتي لحظة الحسم في الثالث والعشرين من الشهر الحالي، حيث سيسلم رئيس وأعضاء لجنة تقصي الحقائق الموصوفة بـquot;الاستقلاليةquot; العاهل البحريني الملك حمد آل خليفة، تقريرهم النهائي، بعد أكثر من خمسة أشهر عاشها التقرير في مخاض عسير.

ذلك التقرير تعوّل عليه جهات كثيرة حول مصداقية ما تؤكده البحرين رسمياً بأن ما يجري ليس سوى نزعة طائفية، تحكمها قوى خارجية، تقودها ملالي إيران، وتهدف إلى قلب الحكم وزعزعة الأمن، رغم رفض المعارضة البحرينية، المتمثلة في جمعية الوفاق الشيعية، ذلك.

ستكون لجنة تقصي الحقائق بأعضائها الأكثر شهرة وخبرة، على محك الإعلام وأضوائه، خاصة وأن هذه اللجنة لم تحو أي بحريني فيها، وترعاها أنظمة وقوانين هيئة الأمم المتحدة، ويرأسها رئيس لجنة صياغة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وخبير لجنة جرائم الحرب التابعة للأمم المتحدة محمود بسيوني صاحب الخبرة العريضة في محاكمات جرائم الحرب في يوغسلافيا السابقة وأفغانستان.

ويشكل فريق اللجنة، التي ترفضها معارضة البحرين، أسماء لامعة في تاريخ القانون والحقوق، من بينها الدكتورة الإيرانية ماهنوش أرسنجاني، تحمل خبرة عريضة تتجاوز الثلاثة عقود في المحكمة الجنائية، يزاملها في اللجنة نفسهاالدكتورة الكويتية بدرية العوضي، وهي مدير المركز العربي الإقليمي للقانون البيئي والمستشار القانوني الإقليمي في مؤسسة (فريدوم هاوس) الأميركية.

ومن المقرر أن ترفع اللجنة تقريرها النهائي إلى ملك البحرين الأربعاء، بعد تأجيله من الثلاثين من تشرين الماضي، بناء على طلبها لاستيفاء تحقيقاتها بشكل كامل، وسيتضمن هذا التقرير سردًا كاملاً للأحداث خلال شهري فبراير ومارس 2011 والأشهر التالية، وظروفها وملابساتها، بما في ذلك تقديم التوصيات.

ويتوقع عدد من المحللين أن يكون تقرير اللجنة بمثابة الحدّ للحملات الإعلامية quot;المضللة والمبالغ فيهاquot;، والمستندة إلى معلومات مغلوطة أو مشوّهة، فيما تأمل منه قوى سياسية معتدلة بأن يكون مؤشرًا لتجاوز أحداث الماضي ودوران عجلة الإصلاح والتنمية الاقتصادية من دون عراقيل أو تهديدات أمنية.

وسيكون الانتظار حتى ظهور تقرير تقصي الحقائق مثمرًا لقوى سياسية داخلية، حيث إنها تعرف ضمنيًا ما سيكون عليه من quot;حقائقquot; تتفق عصبة الأمم الخليجية على أنها تمرّد يهدف إلى زعزعة الأمن والإخلال بالنظام، بينما ثمرته على قائمة أخرى سيكون كما تتوقعه لا ما تتأمله.

يؤكد عزم النظام البحريني الحاكم على تطبيق القانون

في وقت أعلنت حركة الوفاق فيه مسبقًا عن تجاوبها مع اللجنة الخاصة واتفاقها معها لنقل شكاويها إليها وإثباتاتها لمن تعرّض للانتهاكات خلال الأحداث الأخيرة، منها ما أسمته الجمعية quot;تقارير بشأن هدم المساجد والانتهاكات الأخرى بالتفصيلquot;. إضافة إلى انتهاكات تتعلق بالمفصولين والموقوفين عن العمل والاعتقالات ومشكلة الأطباء والبعثات.

الجدير ذكره أن مملكة البحرين تحولت إلى ملكية دستورية، كرّست مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث في وجود برلمان من مجلسين وسلطة قضائية مستقلة، بعد توافق شعبي بنسبة 98.4% على إقرار ميثاق العمل الوطني في الرابع عشر من شباط/فبراير 2001 في استفتاء عام، تزامنًا مع مبادرات ملكية بالعفو العام عن المعتقلين وعودة المبعدين، وإلغاء قانون ومحكمة أمن الدولة.

حيث أكدت المنامة في أكثر من مناسبة أن إنشاء لجنة مستقلة لتقصي الحقائق بقرار تاريخي من الملك حمد، إنما quot;يؤكد عزم النظام البحريني الحاكم تطبيق القانون وحماية حقوق الإنسان في المواطنة والمساواة والتعبير السلمي عن الرأي من دون تجاوز للشرعية والثوابت الوطنية أو زعزعة الأمن والنظام العامquot;.

إلى جانب التزامها الأكيد بمواصلة مسيرة الإصلاح السياسي عبر تنفيذ مرئيات حوار التوافق الوطني وتوصيات اللجنة، وتثبيت دعائم دولة القانون والمؤسسات الدستورية في ظل المشروع الإصلاحي.