وأنت تتجول في ميدان التحرير وسط القاهرة يلفت نظرك الابتكارات الكثيرة التي لجأ إليها المتظاهرون للوقاية من الغازات السامة والرصاص المطاطي، بل أن هذا الأمر تحول لتجارة رائجة لدى البعض.


شاب يرتدي اقنعة

القاهرة: منذ السبت الماضي، 20 نوفمبر الجاري، وميدان التحرير معبأ بالغازات المسلية للدموع، ومازالت محطة مترو السادات الواقعة أسفل الميدان ملوثة بتلك الغازات، وعلى طريقة quot;مصائب قوم عند قوم فوائدquot;، أنعشت تلك الأجواء تجارة الأقنعة الواقية من الغازات والأتربة، والأقنعة الطبية، لاسيما أن رائحة الغازات إمتدت لمسافة كبيرة في المناطق السكنية القريبة من الميدان، منها مناطق:

باب اللوق، طلعت حرب، المبتديان، عابدين، السيدة زينب، وبينما إضطر الكثير من السكان إلى هجر مساكنهم إلي أماكن أخرى، لم يكن هذا في مقدور الآلاف الآخرين الذين لا يمتلكون مساكن بديلة. فيما يتحدث متظاهرون عن تأثيرات سامة وقاتلة للغازات، وأبتكروا طرقاً بسيطة للعلاج أو الوقاية منها.

هجرة سكان التحرير

ووفقاً للمهندس أحمد عجلان، فإن تأثير الغازات المسلية للدموع أمتدت لنحو كيلو متر مربع في محيط ميدان التحرير، وقال لـquot;إيلافquot; إنه يقيم في منطقة المبتديات التي تبعد عن الميدان هذه المسافة، ويشم رائحة الغاز بقوة، وأضاف عجلان أنه أضطر في الأيام الأولى إلى إغلاق كافة منافذ المنزل، ولكن دون جدوى.

مشيراً إلى أن أطفاله كانوا يشكون من حرقة في العينيين وأنهمار الدموع منها، فضلاً عن حرقة شديدة في الأنف والحلق. ولفت عجلان إلى أنه أضطر للإنتقال لمدنية 6 أكتوبر، والإقامة لدي شقيقة هو شقيقه وهو وأسرته هرباً من الغازات.

فوارغ الغاز
والأكثر خطورة هو ما تعرضت له إبنة المهندس عماد سعيد وزجها وأطفالها، وأوضح لـquot;إيلافquot; أن إبنته تقيم في شارع محمد محمود الذي يعتبر ساحة الحرب بين المحتجين على حكم العسكر وقوات الشرطة، مشيراً إلى أنها إبنته وزوجها وأطفالها الثلاثة ظلوا محاصرين في المنزل لمدة يومين لا يستطعيون الخروج، فضلاً عن تعبئة المنزل بالغازات المسلية للدموع، وأضطروا إلي أرتداء الأقنعة الواقية جميعاً، حتى وهم نيام، لكن الوضع لم يكن يحتمل.

وأضاف أنه لم يستطيع إخراجهم من المنزل إلا بعد إستقدام سيارة إسعاف بعد إصابة حفيديته الصغرى بالإختناق. ونقلهم إلى محل إقامته في منطقة المريوطية بالهرم.

انتعاش تجارة الأقنعة

وأحدثت القنابل المسلية للدموع التي ألقيت بإفراط على المتظاهرين في ميدان التحرير إنتعاشة غير مسبوقة في تجارة الأقنعة الواقية، وصارت المحلات التي تتعامل فيها تعمل 24 ساعة، منذ أندلاع الموجهات السبت الماضي 20 نوفمبر الجاري.

ويقول إبراهيم نعمان، عامل لمحل في شارع الجمهورية لـquot;إيلافquot; إن حركة البيع لا تتوقف على مدار 24 ساعة، وتقريباً جميع المعتصمين يشترون الأقنعة الواقية، وكذلك سكان المناطق القريبة من ميدان التحرير. وأشار إلى أن الأقبال زاد على الماسكات والنظارات والأقنعة التي يستخدمها العاملون في قطاع البترول أو شركات الصناعات الكيماوية أو قطاع صناعة الحديد والصلب.

وأضاف أن أسعارها تترواح ما بين عشرة جنيهات و300 جنيها، منوهاً بأن المسكات الأكثر إنتشاراً المستخدمة في المستشفيات، وتترواح أسعارها ما بين نصف جنيه وجنيهين.

فيديوهات مزيفة

نظارة ضد الخرطوش
وقد أنتشرت الكثير من الفيديوهات التي تظهر تأثير الغازات على المتظاهرين، وأن يؤدي إلى الإصابة بالعمي أو تدمير الرئتين، أو الوفاة الفورية، لكن كانت أخطر تلك الفيديوهات ما أظهر شاباً يرتعش بشدة، وفي حالة تشنجات. وقيل أنه من تأثير الغاز الذي يدمر الأعصاب، ولكن أتضح أن هذا الفيديو تم تصويره في اليمن، ورفع على موقع اليوتيوب منذ خمسة أشهر.

غازات طويلة الأمد وقوية التأثير

ويشير الدكتور محمد حسام الدين quot;طبيب بالمستشفى الميدانيquot;، إلى أن الغازات التي أطلقها الأمن في تجاه المتظاهرين، ليست كالتي استخدمها في يناير الماضي، إذ إنها تؤثر على الأعصاب والعين والرئتين بشكل أقوى، وقال لـquot;إيلافquot; إنها طويلة الامد وسريعة الانتشار، وهذا ما يسفر إلى تزايد اعداد المصابين بالإختناق فى الميدان، بل اصابة العديد من الاطباء بحالات اختناق، وقدر العدد بنحو حمسة آلاف مصاب منذ بدء الأحداث.

أبتكارات للوقاية

وأبتكر النشطاء من الأطباء والكيميائيين وصفات مختلفة للوقاية وعلاج المصابين بالغازات، وقال علي إسماعيل ناشط في حركة 25 يناير، لـquot;إيلافquot; إن بعض متظاهري التحرير من الأطباء والخبراء في مجال الكيمياء، ابتكروا عدة طرق للتخفيف من أثار الغاز خاصة بعد فشل وسائل الوقاية السابقة معه مثل الخل والمياه الغازية.
مشيراً إلى أن الغاز المسيل للدموع يتكون من ثلاث أنواع من الغاز وهى cnj_cn _cr، وأوضح أن استخدام محلول يتكون من الخميرة بيرة بنسبة 5% و95% من الماء يعمل على تكسير تلك الغازات قبل وصولها للجسم، ويتم رشه على القناع من ين لآخر من أجل مقاومة آثار الغازات.

وبعد أرتفاع أسعار القناعات الواقية، أبتكر بعض النشطاء قناعا يمكن لأي شخص أن يصنعه بنفسه، من دون تكلفة تذكر، وقال وائل عرفة ناشط في الميدان، إن بعضنا يستخدم قناع عبارة عن الجزء الأعلى من زجاجة مياه، وأوضح لـquot;إيلافquot; إنه يتم سد فتحة الزجاجة بقطعة قطن، ويوضع من خلفه قطع صغيرة من البصل المبشور بعد لفه في الشاش حتى ثلث الزجاجة، ويوضع في الثلث الثاني منقطع الفحم المكسور بعد لفه بالشاش أيضًا، ويوضع في الثلث الأخير قطن فقط، ويمكن لهذا القناع أو الفلتر أن يقي من الغازات السامة أو المسلية للدموع.

شاب يتعالج من اثار الغاز

وينصح عرفة كل المتجهين إلى ميدان التحرير بضرورة الإستحمام بماء دافئ قبل الخروج من المنزل، وبعد العودة من الميدان، وشرب كوب من اللبن والكثير من المياه وتناول أقراص فحم وفيتامين ب وتناول انتى هيستامين وكلومبكس.

ويشير عرفة إلى أنه لم تتوقف طرق الوقاية عند هذا الحد فقد توصل البعض إلى صنع نظارة واقية من الخرطوش بعد تزايد معدلات الاصابة فى العين، وتكمن فكرة صنع النظارة من خلال إستخدام نظارة بحر عادية ووضع قطعة من السلك على العدسات ولصقها quot;بستيكرquot;.

وكتبت صفحة الشباب نواب الشعب، تقول: quot;تم فك طلاسم الغاز المجهول، الغاز غير المرئي الجديد الذي يتم استخدامه من قوات الأمن. الغاز اسمه غاز ''التابون''، واعراضه كثيرة منها: القيء والغثيان والاسهال وصعوبة التنفس، وينصح باستخدام هذه الاغراض التي تحمي الجسم كاملاً من تأثيرات هذا الغاز. أولاً: استخدام مضادات انزيم الاسيتايلي كولين، واستخدام الاوكزيمات واستخدام عقار الفاليوم، ويمكن شراءهم من الصيدلية. ثانياً: للتخلص من آثار هذا الغاز، يستخدام البصل المفروم ووضعه على الأنف. ثالثاً: استخدام غاز ثاني اكسيد الكربون. رابعاً: استخدام أي محلول حمضي. خامساً: استخدام الخميرة في الماء. سادساً: استخدام محلول الملح.