تزداد المنافسة حدة بين المسؤولين العراقيين حول من الذي سيكون له قرار في ما ينبغي فعله بالمجمع المترامي الأطراف، الذي يضم قصور الرئيس صدام حسين الفخمة، والتي تحول معظمها إلى ثكنات ومخيمات لقوات الجيش الأميركي في العراق.


لميس فرحات: من المتوقع أن يتم تسليم المجمع، المسيج بنحو 27 كيلومتر من الجدران، إلى الحكومة العراقية يوم الجمعة، فيما تستعد الولايات المتحدة لسحب قواتها من البلاد بحلول نهاية الشهر الجاري، بعد مرور تسع سنوات على وجودها على الأراضي العراقية.

يوم الخميس الماضي، تحدث نائب الرئيس الأميركي جو بايدن من أحد هذه القصور، خلال احتفال بمناسبة الانسحاب الأميركي الوشيك، الذي وصفه رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بـ quot;يوم الوفاء بالوعدquot;.

في هذا السياق، أشارت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; إلى المطالب العراقية المختلفة تجاه المجمع، والاقتراحات المختلفة لكيفية استخدامه، بدءًا من الثكنات العسكرية والمتاحف والمراكز الثقافية، وصولاً إلى اقتراحات ومشاريع سياحية وترفيه، مثل تحويل القصور إلى فنادق خمس نجوم، أو مدينة ملاه.

وتحدثت الصحيفة عن معضلة أخرى تلوح في الأفق: ماذا سيفعل العراقيون بالعلامات التي تركها صدام حسين في أرجاء المجمع، والتي تشيد كلها بمجد وقوة الرئيس الراحل؟.

هذا السؤال هو المشكلة الجدلية بالنسبة إلى المالكي والمسؤولين الآخرين الذين جعلوا مهمتهم تتمحور حول محو أي ذكر لصدام حسين أو أي دلائل تؤشر أو تذكر بعهده السابق، في الوقت الذي يلفت فيه مساعدو المالكي إلى إشارات متضاربة بشأن ما اذا كان سيتم استخدام أي من قصور المجمع من قبل رئيس الوزراء.

وتم تسليم بعض قصور صدام حسين، التي كانت تستخدمها القوات الأميركية غلى السلطات العراقية، لكن معظم القصور لا تزال تستخدم كمنشآت العسكرية، بينما البعض الآخر بانتظار الوصول إلى اتفاق يحل أزمة النزاع عليها.

إضافة إلى إعادة ترتيب القصور، وإزالة آثار معسكر quot;فيكتوريquot; الأميركي، والعناية بالأراضي الزراعية الشاسعة المحيطة، وتسمية الشوارع والممرات بأسماء مثل quot;شارع واشنطنquot; أو quot;quot;بحيرة المفقودquot;، أنفق الجيش الأميركي عشرات الملايين من الدولارات لتحديث المنطقة المحيطة وتزويدها بالاحتياجات وبعض التعديلات، بما في ذلك أعمال السباكة والكهرباء وغيرها. كما عمد الجيش إلى الحفاظ على آثار مهمة من عهد صدام حسين، والعناية بها لأكثر من ثلاثة عقود.

في هذا السياق، أشارت الـ quot;وول ستريت جورنالquot; إلى جدران قصور صدام حسين مليئة بالكتابات التي تحمل الأحرف الأولى من اسم صدام حسين، مشيرة إلى أن (ص.ح) تنتشر في كل الفيلات والقصور التي كان يملكها، سواء على الجدران أو الأثاث أو العواميد.

أحد هذه القصور، قصر الفاو، الذي سمّي نسبة إلى الانتصار في معركة 1988 ضد إيران، وهو عبارة عن مجمع من تسعة قصور أعطيت أسماء مثل quot;الانتصار على إيرانquot; وquot;الانتصار على أميركاquot;.

ونقلت الصحيفة عن مؤرخ من الجيش الاميركي، الكولونيل جيري بروكس، قوله أن قصر الفاو quot;مزخرف ومبهرج، لكنه غير مطابق للمواصفات وفي حال من الإهمالquot;، مشيراً إلى أن القصر الذي يتألف من 62 غرفة و29 حمام بحاجة إلى العناية والإصلاحات. وخضع القصر لحوالى 400 عملية تنقيح وتقويم، تم بناؤه على أساسها بين العام 1989 والعام 2000، خلال سنوات من العقوبات الدولية التي أوجبت ان يتم خفض بعض الزوايا، تنفيذاً لرؤية الديكتاتور السابق.

من جهته، يقول موفق الطائي، الذي خدم من عام 1986 الى 2003، كمهندس رفيع المستوى في مكتب صدام حسين الرئاسي للهندسة، إن quot;حسين تحول إلى شخص هائج في أيامه الأخيرةquot;، مشيراً إلى أن هذه القصور كان يفترض بها في أول الأمر أن تكون نواة إدارية للعاصمة الجديدة للنظام، لكنها في وقت لاحق تحولت الى بيوت ضيافة لكبار الشخصيات الزائرة.

وتحدث الطائي عن مرحلة بناء هذه القصور، التي كانت مؤلمة وصعبة له كمهندس، فيقول ان صدام حسين كانت لديه دائماً ملاحظات وتعديلات، واضطر إلى التكيف مع ردود فعله وانتقاداته مثل quot;القصر صغير جداًquot; أو quot;الحائط كبير جداًquot;.

يعمل الطائي الآن مستشاراً لرئيس بلدية بغداد، الذي بدوره أعرب عن اهتمامه في الاستحواذ على القصور، ويقول: quot;انهم يتشاجرون حول من سيأخذ القصورquot;. واشارت الصحيفة إلى أن هذه المنافسة اتسعت، لتشمل عدداً من الوزراء، الذين يتطلعون إلى الاستحواذ على القصور، فوزير الدفاع العراقي يريد أن يصبح القصر الذي يضم مخيم quot;فيكتوريquot; مقراً له، وقال المتحدث باسم اللواء محمد العسكري إن quot;هذه المواقع سيكون لها نظرة جديدة حالما تعود الى الجانب العراقيquot;، رافضاً إعطاء تفاصيل إضافية.

ووفقاً للجيش الأميركي، فمن المقرر أن يصبح مكتب رئيس الوزراء المالكي في منطقة قصر الفاو، لكن رئيس مكتبه الجنرال فاروق الأعرجي، أنكر هذا الإحتمال، قائلاً quot;ليس في نيتنا استخدام القصر لأي هدف من الأهدافquot;.

أما وزارة السياحة فتقول انه يجب وضع كل قصور صدام السابق في البلاد، بما في ذلك القصر الذي يضم مخيم quot;فيكتوريquot;، تحت ادارتها وفقا لقرار حكومي صدر قبل عامين.

ويقول وزير السياحة لواء سميسم، الذي ينتمي إلى حركة رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر المناهض للولايات المتحدة، إن هذه القصور مثالية لتتحول إلى مركز ثقافي، ومتحف مخصص يشهد على فظائع نظام صدام حسين. أما الخيار المفضل لديه، فهو مدينة ملاه مشابهة لـ quot;ديزني لاندquot;.