تعيش الساحة الداخلية المصرية جدلاً دستوريًا وقانونيًا بخصوص السماح للنواب المستقلين بالانضمام إلى الأحزاب، ففي وقت يرى البعض أن الدستور سمح بهذا الأمر... يعتقد آخرون عكس ذلك.


طوابير التصويت في المرحلة الثانية

القاهرة: تشهد الساحة الداخلية في مصر جدلاً دستوريًا وقانونيًا على خلفية إعلان حزب الوفد توصله إلى اتفاق مع ستة من النواب المستقلين الفائزين في المرحلة الأولى للانضمام إلى الحزب، ومن المنتظر الإعلان عن ذلك خلال أيام.

كانت البداية مع النائب عبد الباسط قوطة، الفائز بمقعد العمال الفردي في محافظة البحر الأحمر، حيث يرى البعض من القانونيين أن الإعلان الدستوري وقانون مجلس الشعب حذر من انضمام نواب مستقلين إلى الأحزاب والعكس، في حين أكد آخرون أن الإعلان الدستوري لم يمنع ذلك، وأن موافقة غالبية ثلثي أعضاء المجلس سيكرّس عبارة quot;سيد قرارهquot;، التي كانت سائدة في عهد النظام البائد.

حول هذا الجدل الدستوري والقانوني، يقول الدكتور رجب عبد المنعم أستاذ القانون الدستوري في جامعة الأزهر، لـquot;إيلافquot;: quot;إن المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب نصّت على أنه يشترط فيمن يتقدم بطلب الترشيح لعضوية مجلس الشعب أو مجلس الشورى بنظام الانتخاب الفردي، ألا يكون منتميًا إلى أي حزب سياسي، ويشترط لاستمرار عضويته أن يظل غير منتم إلى أي حزب سياسي، فإذا فقد هذه الصفة أسقطت عنه العضوية بغالبية ثلثي أعضاء المجلس، وبالتالي فكل من ينجح مستقلاً، وينضم إلى أي حزب سياسي، كما فعل حزب الوفد ومثلما حدث في عهد الحزب الوطني في انتخابات 2005، فهو أمر غير قانوني، ويسقط عضوية النائبquot;.

مشيرًا إلى أن القانون لم يشر من قريب أو من بعيد إلى مدى قانونية انتقال العضو من حزب إلى آخر، وبناء عليه وفقًا للقاعدة القانونية (من لم يجرم بنص قانون فهو جائز)، وبالتالي يجوز انتقال النائب من حزب إلى آخر.

في حين يرى الدكتور صبري السنوسي، أستاذ القانون الدستوري في جامعة القاهرة لـquot;إيلافquot; أنه للأسف الشديد لم تتخذ أية قوانين أو إجراءات لمنع ظاهرة انضمام أعضاء مجلس الشعب، الذين خاضوا الانتخابات كمستقلين، وتركت لهم الحرية للانضمام إلى أي أحزاب، لكن في الوقت نفسه حظر على مرشحي أعضاء مجلس الشعب من قوائم الأحزاب أن يكونوا مستقلين أو أن ينضموا إلى أحزاب أخرى.

مشيرًا أن انضمام المستقلين إلى الأحزاب يخلّ بالنسب، التي تم إقرارها في البرلمان، وهي نسبة الثلث والثلثين، والتي على أساسها تم إجراء الانتخابات.

مصري يدلي بصوته
في حين يرى المستشار سيد حسين، عضو المحكمة الدستورية العليا سابقًا في حديث مع quot;إيلافquot; أن المادة (44) من الإعلان الدستوري منعت تماماً تغير صفة النائب من مستقل إلى حزب أو العكس، حيث نصت على: quot;أنه لا يجوز إسقاط عضوية أحد أعضاء مجلسي الشعب والشورى، إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية أو صفة العامل أو الفلاح التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجبات عضويته، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من المجلس بأغلبية ثلثي أعضائهquot;.

وأضاف أن قانون مجلس الشعب الذي صدر بمرسوم من المجلس العسكري أكد على ما جاء في الإعلان الدستوري المؤقت، وتحديدًا في المادة الخامسة التي أوجبت للمستقلين عدم الانضمام إلى الأحزاب، وهو ما كان محل انتقاد واسع في عهد النظام البائد قبل ثورة 25 يناير المجيدة.

وقال المستشار سيد حسين، إن النائب الذي يقدم على تحويل هويته، التي على أساسها دخل البرلمان، من الضرورة إسقاط عضويته فورًا، حيث إن ممارسة دوره تحت قبة البرلمان مخالف، وبالتالي من الجائز الطعن بعدم شرعية القوانين والقرارات التي سيتخذها البرلمان في حالة التصويت عليها.

وطالب كذلك بتعديل شرط موافقة غالبية ثلثي الأعضاء على إسقاط العضوية، حيث إن ذلك قد يصعب تحقيقه في ظل رفض الغالبية في البرلمان لهذا الأمر، خاصة إذا كان العضو من التيار الإسلامي، الذي ستكون له الغالبية في البرلمان، فهذا الشرط يعيد مرة أخرى عبارة (المجلس سيد قراره) من جديد.

يرى الدكتور ثروت بدوي خبير القانون الدستوري لـquot;إيلافquot; أن المادة (44) من الإعلان الدستوري جاءت مُبهمة غير فاصلة وقاطعة بمدى قانونية انضمام المستقلين إلى الأحزاب، وكذلك انتقال العضو من حزب إلى آخر، حيث لم تحدد ما هي شروط إسقاط العضوية؟، وكذلك شروط فقدان الثقة والاعتبار. الأمر الآخر هو أن المادة الخامسة من قانون مجلس الشعب منعت انضمام المستقلين إلى الأحزاب، في حين لم تبين موقف الانتقال من حزب إلى آخر، أو تقديم العضو، الذي نجح على قائمة حزب، استقالته.

معتبرًا أن كل ذلك لغط قانوني سوف يؤدي إلى استمرار الوضع القديم، الذي كان يسير عليه البرلمان وفقًا لقاعدة أنه سيد قراره في قرار إسقاط عضوية من يدخل تحت القبة.

وتوقعسعي الأحزاب إلى انضمام المستقلين إلى قائمتها، خاصة أن هناك مرشحين مستقلين نجحوا مستقلين تحت مساندة، ودعم أحزاب، ومنها حزب الحرية والعدالة، وهؤلاء بالتأكيد سوف ينضمون إلى الحزب لرد الجميل.