في مقابلة مع (إيلاف) من القاهرة، يؤكد عماد عبدالغفور رئيس حزب النور السلفي أنّ المجلس العسكري في مصر لديه نية حقيقية في تسليم السلطة في موعدها المقرر، والدليل على ذلك حرصه على إتمام الانتخابات البرلمانية وبنزاهة. ويرى عبد الغفور أنّ أحزابًا وفلول نظام مبارك هي المسؤولة عن العنف الأخير الذي اجتاح مصر.
عماد عبد الغفور رئيس حزب النور السلفي في مصر |
القاهرة: منذ ثورة 25 يناير والحديث لا ينقطع عن صعود السلفيين في الحياة السياسية ما بين مؤيّد ومعارض، وقد زاد الجدل من حولهم بوصولهم إلى البرلمان، وصدور تصريحات خطرة من قبل قيادات الدعوة السلفية، أثارت مخاوف الأقباط والليبراليين.
إزاء ما يثار بشأن السلفيين، وصعودهم في المشهد السياسي، كان هذا الحوار مع الرجل الأول للسلفيين، الدكتور عماد عبدالغفور رئيس حزب النور، وعضو المجلس الاستشاري.
لماذا تغيّب السلفيون عن أحداث التحرير الأخيرة؟
من قال هذا، فنحن موجودون منذ البداية، فقد نزل نواب مجلس الشعب السلفيون، وأنا شخصيًا نزلت، رغم أن البعض طالبني بعدم النزول؛ منعًا للتعرّض للاحتكاك مع الثوار، خاصة بعد مقتل أمين لجنة الفتوى، ولكنني نزلت، وأحاديثي مع وسائل الإعلام خير شاهد على ذلك، والهدف من نزولنا هو التهدئة، حيث إننا نؤمن بأن أي ثورة لها توابع، ونحن الآن في مرحلة النهاية وقرب الانفراج.
هل كان للمجلس العسكري أخطاء في مواجهة الأزمة الأخيرة؟، وهل تعامل بعنف مع المتظاهرين؟
كان يفترض أن يكون هناك حوار مع المعتصمين، خاصة أنه يلاحظ حدوث مشكلة كل شهر تقريبًا، فكان لا بد له من التصدّي لأي أزمة قبل صعودها، وكان تسمّم المعتصمين... البداية، لكنه واجه المشكلة ببطء في القبض على السيدة، التي قيل إنها كانت توزّع الأغذية على المعتصمين، والمجلس العسكري قال لنا في اجتماعات المجلس الاستشاري إنه لجأ إلى العنف، للدفاع عن نفسه، وعن المنشآت الحكومية.
أنا أرى أن الأمر كان مدبّرًا، فالكاميرات كانت جاهزةلفضح الجيش، والمشكلة هي أننا نفتقد ثقافة فضّ الاعتصامات، حيث كان يفترض تحذير المعتصمين من تعطيل مصالح المواطنين، خاصة أن مجلس الشعب يقع في مكان حيوي، وبعد ذلكيفضّ الاعتصام بشكل قانوني من دون استخدام القوة المفرطة.
من هو الطرف الثالث الذي يذكر دائمًا عند وقوع صدام بين الأمن والمتظاهرين؟
هناك بالفعل طرف ثالث، لا يريد الخير لمصر، ومن مصلحته حدوث فتن داخلية، وهؤلاء من الداخل والخارج، ويكفي أن هناك (22 حزبًا) طالبوا في مذكرة رسمية قدموها إلى المجلس العسكري ـ وقد أظهرها لنا ـ بالاستمرار في السلطة لمدة عامين، تلك القوى السياسية من مصلحتها ما يحدث، كذلك هناك فلول نظام مبارك، والحزب الوطني، الذين ينفقون الملايين على البلطجية للصدام مع الجيش، وأنا أطالب بضرورة القبض على هؤلاء، والكشف عمّا يخططون له، حيث إنه من السهولة معرفتهم.
هناك اتهام بتورّط المجلس العسكري في تفجير أحداث التحرير من أجل المماطلة في تسليم السلطة... ما رأيك في ذلك؟
العسكري لديه نية حقيقية في تسليم السلطة في موعدها المقرر(30 يونيو 2012)، والدليل على ذلك حرصه على إتمام الانتخابات البرلمانية وبنزاهة، ولو كان يريد السلطة؛ لتحجّج بعدم إجراء الانتخابات؛ وعزا ذلك إلى سوء الحالة الأمنية في البلاد، لكن حالة الارتباك، التي تنتاب المجلس العسكري في مواجهة الأزمات، ترجع إلى توليهم المسؤولية، وهم غير مستعدين لها، وهو ما قاله لنا أعضاء المجلس، بل إنهم قالوا أيضًا quot;إنهم لم يتوقعوا تسليم السلطة لهم قبل تنحّيمباركquot;.
هل البرلمان المقبل له صلاحيات ودور في إنهاء حالة الانفلات السياسي التي تشهدها البلاد؟
البرلمان له كل الصلاحيات والحقوق في ممارسة دوره الرقابي والتشريعي لوقف حالة الإنفلات السياسي للبلاد، حيث لا بد من تشكيل حكومة ائتلاف، تعبّر عن التيارات السياسية الممثلة للبرلمان، وهذا هو المخرج لاستقرار مصر، وأنا أرى أن حكومة الدكتور الجنزوري لن تكمل بعد تشكيل البرلمان المقبل.
هناك اتهام من قبل بعض القوى السياسية بأن البرلمان المقبل لا يمثل الشعب والثورة ردًا على حصول الإسلاميين على الغالبية من المقاعد.. فما صحة ذلك؟
هذا كلام يتعارض مع الواقع، فللمرة الأولى يشارك (30 مليون) في التصويت، فهل هذا العدد لا يمثل الشعب؟!، ولا بد من احترام إرادة واختيارات المواطن، وحصول الإسلاميين على هذه النسبة الكبيرة من المقاعد شيء طبيعي، حيث إنهم موجودون في الشارع منذ سنوات، رغم ما كانوا يتعرّضون له من إيذاء على يد النظام البائد وأمن الدولة.
هل حزب النور راض عمّا حققه من نتائج في الانتخابات؟
كان من الممكن تحقيق نتائج أفضل بكثير، خاصة في المرحلة الأولى، ولكن ما حدث أن هناك أخطاء كثيرة وقعنا فيها، فالمرشحون لم يقوموا بدور كبير في الدعاية والتواصل مع الشارع بشكل أفضل، مما تسبب في ضياع مقاعد كثيرة منّا، ولكن الأمر تحسّن في المرحلة الثانية، هذا إلى جانب حدوث تجاوزات كثيرة أثناء الفرز بالتعليم لمصلحة أحزاب بعينها.
هل كان حزب النور يسعى إلى أن يعتلي الرقم الأول في نتائج الانتخابات؟
نحن نؤمن بأن هناك نقصًا في الخبرة، ولكن نتوقع حدوث تحسن، وتواجد أكبر لحزب النور في الانتخابات البرلمانية، ولكن في هذه المرحلة هناك عجز في تمويل الانتخابات مقابل أحزاب أخرى، مثل الحرية والعدالة، والكتلة، ويكفي أن ما تم إنفاقه على الدعاية في المحافظة الواحدة لم يتعد الخمسمائة ألف جنيه فقط.
أنت تتحدث عن العجز في التمويل، رغم ما تحقق من نتائج، فإن هناك اتهامات لكم بالحصول على تمويل من الخارج؟
نحن لا نتلقى أي تمويل من الخارج، وأنا أطالب من يقول ذلك بالمقارنة بيننا وبين الأحزاب الأخرى، وتمويل الحزب يتم من اشتراكات الأعضاء؛ لأن كل عضو مفروض عليه أن يدفع عشرة جنيهات شهرياً، وكان شرطنا عند إنشاء الحزب أن يدفع العضو(220 جنيهاً)، ومائة جنيه اشتراكاً تأسيسياً، و(120 جنيهًا) اشتراكاً سنوياً، وكل أعمال الدعاية للحزب كانت عن طريق التبرعات الذاتية، حيث إننا نشترط في المرشح على رأس القائمة أن يدفع من (200 إلى 300) ألف جنيه.
هل حدثت اتفاقات بين حزب النور، والحرية والعدالة قبل الانتخابات، ولم يلتزم بهاالإخوان؟
لم تحدث نهائيًا اتفاقات مع حزب الحرية والعدالة قبل الانتخابات أو أثنائها، ولكنتم اتفاق بين أعضاء الحزب بترك بعض الدوائر لمرشحي حزب الحرية والعدالة، حيث رأوا أن عضو الإخوان عليه اتفاق، وكان منهم الدكتور أكرم الشاعر في بور سعيد.
هل سيكون هناك تحالف بين الإسلاميين داخل البرلمان ضد الليبراليين؟
نحن في حزب النور نرفض التحالف مع فصيلة بعينها، فنحن نؤيد ترابطكل التيارات السياسية الممثلة في البرلمان؛ للعمل على مصلحة البلاد، وهذا يصبّ في مصلحة الإسلاميين، ونعتقد أن البرلمان المقبل سوف يسير على هذا المنوال.
وهناك تصريحات من قبل حزب الحرية والعدالة تؤيّد هذا التصور، وهذه رسالة مطمئنة إلى الشعب من المخاوف التي تتردد من قبل البعض،وتفيد بحصول الإسلاميين على 60 %من مقاعد البرلمان.
هناك اتهام للإسلاميين بأن كل ما يشغلهم حاليًا هو استكمال البرلمان للهيمنة على السلطة.
نحن نؤمن بأن الانتخابات البرلمانية هي المخرج الحقيقي لاستقرار البلاد، حيث هناك الكثير من سفراء الدول التي قابلتها لديها تخوف من الاستثمار في مصر، حيث يريد المستثمر الاطمئنان إلى الحكومة، التي سيتعامل معها، وهل وصولنا عبر الانتخاب يمثلهيمنة على السلطة؟.
في حين يطالب البعض بتولّي شخصيات السلطة من دون انتخاب، عن طريق الدعوة إلى وجود مجلس رئاسي، فهل هذا لا يمثل هيمنة؟.
لماذا شاركت في المجلس الاستشاري رغم أن دوره استشاري فقط للعسكري؟
أنا وافقت على المشاركة، رغم أنه لن يضيف إليّ الكثير، حيث إن موقعي كرئيس حزب أقوى وأعلى من عضويتي في المجلس الاستشاري، ولكن المشاركة جاءت في إطار التمكن من توصيل صوت الشارع إلى المجلس العسكري، ومحاولة المساهمة في حل الأزمات، وإن كنت ضد لهجة بعض الأعضاء بتوجيه عبارة quot;لازمquot;، في إشارة إلى العسكري، بوقف العنف، رغم أن دور المجلس هو تقديم المشورة فقط؛ مما تسبب في وقوع صدام مبكر بين الطرفين، ولكن تم إنهاء سوء التفاهم، والمجلس الاستشاري مستمر في أداء عمله، وهناك إتصالات لعودة الأعضاء المستقلين.
هل المجلس العسكري يريد طرق السلطة بما يضمن له عدم محاسبته مستقبلاً؟
نحن جميعًا لا توجد ثقة في ما بيننا، وكلّ منا يخوّن الآخر، حيث هناك تخوف من الإسلاميين، وكذلك الليبراليين، ولذلك كان البحث عن مبادئ، يتم وضعها في الدستورهروبًا من هذا الهوس، لذلك يبحث الجيش عن وجود تميزات في الدستور الجديد، من حيث الميزانية والرقابة عليه، ونحن نرى أن أعضاء المجلس العسكري وطنيون، عملوا ما عليهم، ولهم الضمانات الكاملة في المستقبل.
لماذا لم تحتذ مصر بالنموذج التونسي في نقل آمن للسلطة؟
تونس تختلف عن مصر كثيرًا من حيث عدد السكان،والإسلاميون هناك يختلفون عن الإسلاميين في مصر، كما إن هناك تحديات كثيرة تواجهنا خارجيًا، من حيث الثقل الدولي، وما أدى إلى نجاح الثورة في تونس، سقوط الرئيس القذافي، فلو استمرّ لما قامت تونس، وأنا أرى أنه بتكوين البرلمان نكون أقتربنا مما حدث في تونس.
هل يؤيّد حزب النور اختيار رئيس ليبرالي لمصر كما حدث في تونس؟
كما قلت الوضع في مصر مختلف عن تونس، ولكن نحن لا نمانع في إختيار رئيس ليبرالي، ولكن بميول إسلامية، وأنا أرى أن النظام البرلماني هو الأفضل لمصر، ويكون رئيس الجمهورية شرفيًا فقط.
هل حزب النور لديه طمع سياسي للوصول إلى حكم البلاد؟
هذا طموح شرعي لأي حزب سياسي، وطالما قبل السلفيون ممارسة العمل السياسي فبالتأكيد لدينا طموح للوصول إلى الحكم، وتصريحات الإخوان بتأجيل وصولهم إلى الحكم أمر يخصّهم، وأنا أرى أنه جاء الوقت لإعطاء الفرصة لنا للحكم، والحكم علينا بعد ذلك، وللعلم فقط تم رفض إعطاء حقيبة وزارية في التغيير الوزاري الأخير لشخص، بعدما أثبتت التحريات أن له ميولاً إسلامية، رغم أنني أرى أن الخير لمصر سيكون كبيرًا في حال وصول الإسلاميين إلى الحكم، حيث سيكون العدل وتطبيق القانون هو الأساس.
ماذا عن مخاوف الأقباط من وصل السلفيين إلى الحكم؟
هذه المخاوف ليس لها أساس، ويقف وراءها موروث، عززه النظام القديم داخل المجتمع، ونحن نطمئن الشعب والأقباط إلى أن حقوقهم محفوظة، وسيكون هناك تواصل للمزيد من هذا الاطمئنان، ونقول لهم العمل السياسي يتطلب مواجهة مشاكل المجتمع من دون نظرة دينية متشددة، فالخطاب لا بد من تغييره.
هناك تصريحات خطرة تصدر من قبل مشايخ السلفية تثير هذه المخاوف؟
نحن نقول لهم إن هناك إختلافًا بين الحديث السياسي والحديث داخل المسجد، فأثناء الوجود في المسجد يمكن الحديث عن الرأي الشرعي والإسلامي في الجزية والسياحة وشرب الخمر. أما عند الحديث خارج المسجد، فالخطاب لا بد أن يتغير لدى التطرق إلى مثل هذه الأمور، حيث لا بد من تجنّب البعد عن الخطاب المتشدد، والتميز بخطاب فيه حنكة سياسية، تراعي مصلحة مختلف فئات الشعب.
ونحن في حزب النور حريصون على إتباع هذه السياسية، لكن المشكلة تكمن في أن هناك البعض من قيادات الدعوة السلفية لديهم إقتناع في استمرار الخطاب المتشدد في مواجهة ما يخالفهم، ونعمل على توحيد الصفوف في هذا الأمر، عبر التواصل مع جميع السلفيين.
بمناسبة العام الجديد، لماذا لا يقوم رئيس حزب النور بمبادرة عبر زيارة المقر الباباوي، وتقديم التهنئة إلى البابا شنودة لمزيد من الاطمئنان؟
يوجد اتصالات مع قيادات قبطية للتواصل، ونحن لا نمانع في زيارة الكنيسة، ولقاء البابا، طالما يصبّ في المصلحة، وأنا شخصيًا في انتظار دعوة الكنيسة للزيارة.
هل توجد اتصالات بين حزب النور والإدارة الأميركية، كما حدث مع حزب الحرية والعدالة؟
أي حزب سياسي لا بد له من فتح حوارات مع الدول في الخارج، وقد تم عقد لقاءات سياسية مع عدد كبير من السفراء في مصر، ونحن في حزب النور لا نمانع في حوار مع الإدرارة الأميركية ولقاء السفيرة الأميركية في القاهرة، لكن الأمر مختلف بالنسبة إلى السفير الإسرائيلي، حيث نرفض أية لقاءات ثنائية بين الأحزاب وإسرائيل، على أن تقتصر هذه اللقاءات على المستوى الرسمي الحكومي فقط.
متى سينتهي الخلاف بين السلفيين والصوفية؟
نحن نختلف فكريًا مع الصوفية، حيث نعتمد على أسلوب الدلائل والبراهين عند الحديث عن الدين، لكن الصوفية تعتمد على أساليب أخرى، تقوم على الروحانية والتوسل لآل البيت، ورغم ذلك نحن نطمئن الصوفية إلى أنه لن يكون هناك مساس بالأضرحة، وأن النظام السابق هو الذي ألصق بنا تهمة هدم الأضرحة، وهذا لم يحدث تمامًا.
التعليقات