هوغو شافيز بعد عودته من العلاج في هافانا |
هل من قبيل الصدفة المحضة أن يُصاب خمسة رؤساء من أميركا الجنوبية - كلهم من اليساريين الذين تعتبرهم واشنطن خطرًا داهمًا في laquo;فنائها الخلفيraquo; - بداء السرطان؟. هوغو تشافيز على الأقل متيقن من أنه وجد الإجابة الصحيحة.
الأرجح أن واشنطن هي التي تقف، بما تملكه من تكنولوجيا بيولوجية، وراء تفشّي داء السرطان وسط خمسة من رؤساء أميركا الجنوبية، يجمع بينهم أنهم يساريون، وبالتالي فليسوا على قائمة أصدقائها.
هذا ما توصل إليه الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز، الذي يحذّر بقية القادة اليساريين في قارّته من أنهم ربما يقفون في الصف، وسيأتي دورهم للوقوع فريسة للمخطط الأميركي. ويقول إنه ليس من قبيل الصدفة أن يصاب هو بالسرطان على شاكلة أربعة رؤساء آخرين في المنطقة، وجميعهم في غضون سنة واحدة.
البرازيلي لولا دا سيلفا مع خليفته ديلما روسيف.. كلاهما أصيب بالسرطان... |
هؤلاء الذين يشير إليهم تشافيز هم: كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر، رئيسة الأرجنتين، التيأصبحت آخر من يعلن (يوم الثلاثاء الماضي) عن إصابتها بالسرطان (الغدة الدرقية)، وديلما روسيف، رئيسة البرازيل، وسلفها لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، إضافة إلى فيرناندو لوغو رئيس الباراغواي.
ورغم أن تشافيز يقول إنه يتحدث عن حسابية الاحتمالات والمنطق، ولا يتهم أحدًا بعينه، فإن المعني به لا يخفى على أحد. بل إن الرئيس الفنزويلي نفسه يمضي إلى القول إن شكوكه هذه تعززت بفضل الزعيم الكوبي السابق فيدال كاسترو.
فقد حكى له تفاصيل المحاولات العديدة لاغتياله منذ توليه السلطة في 1959 من جانب عملاء وكالة الاستخبارات الأميركية laquo;سي آي ايهraquo;، وبأوامر مباشرة من البيت الأبيض، بتغيّر الجالسين في مكتبه البيضاوي.
يذكر أن تشافيز تلقى علاجًا في هافانا في وقت سابق من العام الحالي من ورم خبيث، لم يحدده، لكنه يقول إنه تعافى منه الآن. وقال إن كاسترو نصحه مرارًا: laquo;كن دائمًا على جانب الحذر، وتنبّه حتى لما تتناوله من طعام. فالأميركيون طوّروا تكنولوجيا جديدة خطرة للغاية. بوسعهم غرس إبرة صغيرة في جسدك تودي بحياتك هكذاraquo;.
وفي خطاب إلى القوات المسلحة الأربعاء، نقله التلفزيون الفنزويلي على الهواء مباشرة، قال تشافيز إنه يأمل بتنظيم قمة لقادة أميركا الجنوبية، الذين وقعوا فريسة للسرطان.
وقال: laquo;من الصعب تفسير ما حدث لنا، نحن بعض قادة القارة، حتى بتوظيف قانون الاحتمالات الحسابية. هل من الممكن أن يكونوا (الأميركون) قد اخترعوا تكنولوجيا جديدة لنشر السرطان، قد لا نحيط بأسرارها علمًا حتى خلال السنوات الخمسين المقبلة؟raquo;.
كما هو الحال مع كريستينا فيرنانديز رئيسة الأرجنتين |
ومضى الرئيس الفنزويلي ليحذر حليفيه الرئيس البوليفي إيفو موراليس، والإكوادوري رافائيل كوريرا، من التنبه لأي محاولات ترمي إلى التخلص منهما بالأسلوب نفسه.
وكان هذا الأخير قد قال صراحة في وقت سابق من العام الحالي إنه يتوجّس خيفة من التوجّه إلى الأمم المتحدة في نيويورك، لأنه يخشى أن تزرع laquo;سي آي ايهraquo; مخدرات في طائرته الرئاسية بغرض تلطيخ سمعته واغتياله سياسيًا بالتالي.
هذه ليست المرة الأولى، التي يتهم فيها تشافيز الأميركيين بمحاولة قتله منذ انتخابه رئيسًا للمرة الأولى في 1999.
ففي 2005 وصف الولايات المتحدة بأنها laquo;أكبر إرهابي في التاريخraquo;. وقال في خطابه الأسبوعي على الراديو والتلفزيون: laquo;إذا رحت ضحية اغتيال، فهناك شخص واحد سيكون مسؤولاً عن هذا، وهو الرئيس الأميركي (جورج دبليو بوش وقتها)raquo;.
وفي العام التالي، افتتح خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بهجوم شخصي على بوش قائلاً: laquo;الشيطان كان يقف على هذا المنبر أمس، وما زالت رائحة الكبريت، التي تركها وراءه، معلقة في الهواءraquo;. لم يسلم حتى الرئيس أوباما من لسانه، إذ نعته بالجهل المطبق.
لكل ذلك، فليس من سبيل واضح إلى تحسين علاقات الولايات المتحدة بفنزويلا خصوصًا، والعديد من جاراتها الجنوبية... وهكذا تظل إحدى أطول حروب الاستنزاف الدبلوماسي القذرة مستمرة إلى إشعار آخر.
التعليقات