بعد نحو ثلاث سنوات على سحب الملف منه، عاد الإعلامي الأردني أمجد العضايلة ليمسك بزمام المسائل الإعلامية التي تخصّ القصر الملكي، إذ عيّن مستشارًا خاصًا للملك، بعد إنتقادات وجهت لتعاطي إعلام القصر في المرحلة الماضية، وهو ما استجلته quot;إيلافquot; في هذا التقرير.


عمّان: أثار قرار عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني تعيين الإعلامي الأردني أمجد العضايلة مستشاراً خاصاً له لشؤون الإعلام والإتصال بهجة في أوساط أهل الإعلام في المملكة، بعدما كان هذا الملفّ قد سُحب منه في أواخر العام 2008.
يومها كان يرأس إدارة الإعلام والإتصال في الديوان الملكي، حين آثر الإنسحاب من المشهد السياسي الأردني، بعد حملة تجاذبات طاحنة في الأردن، أسست لإخراج مسؤولين أقوياء من مواقع سياسية وأمنية.
ويأتي تعيين العضايلة في تحرك للملك لوقف تلك الحملة التي لا تزال آثارها وتداعياتها قائمة حتى الآن، إذ ظلّ العضايلة في الظل طيلة العامين الماضيين، متجنباً التعقيب على أكثر من مادة صحافية رشحته للعودة إلى الأضواء.

وحتى الآن لا يوجد صحافي أردني واحد يمكن أن يفتي بأن تعيين العضايلة في الموقع الجديد قرب الملك له صلة بمقال لصحافي عربي هو جهاد الخازن استفز الأردنيين من شتى أصولهم، وتسبب في هجمات إعلامية أردنية مضادة، جاء في بعضها أن مقال الخازن لم يكن ليمر مرور الكرام لو كان القصر الملكي يمتلك إعلاماً قوياً قادراً على التحرك والمناورة والإتصال، ولعله من قبيل المصادفة أو العمد أن تستذكر تلك المقالات والأقلام عطاء العضايلة إعلاميًا في القصر، ليأتي تعيينه بعد أقل من يومين على مقال الخازن في صحيفة quot;الحياةquot; اللندنية، إذ اعتبر تعيين العضايلة بأنه خطوة مهمة جدًا لتصويب مسار إعلام القصر.

العضايلة: نهجي التواصل مع الإعلام
تحدث العضايلة لـquot;إيلافquot; بعد تعيينه فأشار إلى أن النهج الوحيد الذي يؤمن به هو الإتصال والتواصل مع جميع الصحافيين في الأردن وخارجه، لتأمين أكبر قدر ممكن من المعلومات أمامهم، لكنه لا يؤمن بمحاباة صحافي أو وسيلة إعلامية بعينها على أخرى، مؤكداً أنه يمدّ يد التعاون لكل إعلامي باحث عن الحقيقة، ويريد أن يطّلع على الحقائق أو يستمع إليها من مصدرها. ولفت العضايلة إلى أن هواتفه كلها مفتوحة للتعاطي والتواصل مع الجميع، إن في الأردن أو خارجه، وأنه يريد أن يستمع الى شتى النصائح والتقديرات التي تعينه على أداء عمله الجديد مستشاراً للملك.

مسار مختلف
من جهته، يرى الصحافي نضال منصور رئيس مركز حرية وحماية الصحافيين أن المطلوب من إعلام الديوان الملكي في المرحلة المقبلة أن يكون أكثر جرأة في التعاطي مع الملفات الشائكة، وأن يكون أكثر إنفتاحًا علىكل المؤسسات الإعلامية، وأكثر قدرة على العمل على ضخّ المبادرات التي من شأنها أن تشكل حلقة وصل بين رأس الدولة والمؤسسات الإعلامية على إختلافها، وأن يتعامل الديوان الملكي، وتحديدًا الإدارة الإعلامية فيه، بعيداً عن القوائم السوداء، إن على صعيد المؤسسات الإعلامية أو الصحافيين، أردنيين كانوا أم عرباً.

ويضيف منصور quot;بتقديري أن إعلام الديوان الملكي مناط به الكثير من الأدوار والمهام في هذه المرحلة العصيبة التي تمر بها المنطقة، وعليه أن يقوم بمبادرات وإتصالات لتأمين أكبر قدر ممكن من التواصل مع وسائل الإعلام العالمية المؤثرة لإبراز الصورة الأردنية، وتوضيحها بأنها مختلفة عما يحدث في منطقة الشرق الأوسط حالياً، وأن الحقيقة التي ينبغي تظهيرها هي أن نظرية أحجار الدومينو لا تنطبق ولا بأي صورة من الصور على الوضع في الأردن، لأن مسار الإحتقان السياسي في الأردن مختلف جذريًا عما يحدث في دول أخرىquot;.

إنتقاد لاذع للأداء
لم يتردد الصحافي ماهر أبو طير مدير الشؤون السياسية في جريدة quot;الدستورquot; الأردنية اليومية في توجيه إنتقادات لاذعة لأداء الإعلام في القصر، مؤكدًا لـquot;إيلافquot; أن الملفّ بات بحاجة إلى مراجعة جذرية، ومقارنة أيضاً بين مراحله لنعرف إلى أين وصلنا وسط هذه الفوضى الإعلامية الخلاقة؟.
ويشير أبو طير إلى أنه quot;صنعنا أصدقاء خلال سنين طويلة، وأكثرهم تحول إلى عدو خلال الفترة الماضية، والبعض الآخر أراد ان يقدم خدمة يظنها مفيدة، باجتهاد منه، أو بتشجيع أحدهم. فإذا به يتحول إلى عدو لكل واحد فينا، وللوجدان الشعبي، لأنه إعتبر أن تدليله في عمّان يسمح له بضرب وجوه الأردنيين والأردنيات، في معرض إكرام رموزهم، وهي مفارقة تدلّ على سذاجة أو تعمّد مسمومquot;.

مراجعة جذرية
يؤكد أبو طير أن quot;ملف إعلام الديوان الملكي بحاجة الى مراجعة جذرية وعميقة، وخطوط المراجعة تأتي عبر السؤال عما يجري حين يصبح نشر المقالات والصور والتحليلات وأخبار الملك بأي إتجاه كان، عملا شخصياً، لا علاقة للديوان الملكي به، وكأن القصة عادية وبسيطة، إذ لا يجوز أن يتحول إعلام الديوان الملكي، كما تحول في عاميه الأخيرين، إلى إعلام يكتب خبراً، فهذا آخر مهماته، إذ إن هناك مهمات كثيرة تتعلق بالصورة الإنطباعية ورصيد الأردن والملك وشبكة العلاقات التي تدار بشكل منطقي ومفيد للأردنquot;.

كما يرى أبو طير أنه quot;لا يصحّ أن يتحول إعلام الديوان إلى مجرد إعلام يبثّ خبراً وكأنه وكالة أنباء محلية تصيغ الخبر وتطيره عبر الفضاءquot;، معتبراً أن quot;المشكلة ليست في فريق شبابه، بل في من أدار هذا الفريق في فترة حساسة، وفقاً لرؤية روج لها، باعتبارها الأسلم والأبدع أيضاً، إذ إن ما هو محزن حقاً أن نكتشف أن كل ما بنيناه خلال سنين طويلة يتعرّض للتهديم التدريجي، لأن الرؤية تشوّشت وغابت، وتحول الإعلام كفكرة الى إعلام يسجل ملاحظات ويكتب خبراً، ويعلن عن مناسبة لدعوة هذا الكاتب أو ذاك، وهذا عمل فني، لكنه آخر مهمات إعلام الديوان الملكيquot;.

وللصحف الإلكترونية مطالب
من جانبه يعبّر ناشر موقع quot;الصوتquot; الإلكتروني الصحافي طارق ديلواني عن تفاؤله بتعيين أمجد العضايلة مستشاراً إعلاميًا للملك، quot;لما يملكه من خبرة سابقة وسمعة طيبة وعلاقة جيدة بالصحافيين خلافًا لمن سبقه، إذ إن إعلام الديوان الملكي مرّ خلال الفترات الماضية بمراحل شابها خلل كبير إتسم بعدم الشفافية والإقصاء لبعض الجهات الإعلامية خاصة الإعلام الالكتروني،حيث إن المطلوب في الفترة المقبلةالإنفتاح على كل وسائل الإعلام من دون إستثناء وإعتماد سياسة تواصل سليمة وشاملة ودورية، وليست موسميةquot;.

ووفقًا لديلواني فإن إعلام الديوان بحاجة إلى مراجعة جذرية لأدواره ومهامه quot;فإعلام الديوان عين الملك وسمعه على وسائل الإعلام، ونبض الشارع، ويفترض أن يتم نقل الصورة واضحة إلى رأس الدولة من دون لبسquot;، متوقفاً عند ما يجري من ثغرات quot;من المهم الإشارة إلى ظاهرة شللية وفئوية نتجت من أدوار مشوّهة لمن تسلموا هذا المنصب سابقاً، حيث قربوا صحافيين وأبعدوا آخرين، وأصبح لقاء الملك برؤساء التحرير وبعض الكتاب عنواناً لهذه الفئويةquot;.

وطالب ديلواني quot;كرئيس تحرير موقع إخباري أن quot;يشملنا هذا الإنفتاح، وأن لا يقتصر الأمر على بعض وسائل الإعلام دون غيرها، فلماذا لا يتم مثلاً دعوة رؤساء تحرير المواقع الإلكترونية للقاء بشكل مباشر مع الملك؟quot;.
وخلص إلى أن إعلام الديوان من المفترض أن يكون على سوية عالية وحرفية رفيعة وخبرة طويلة توازي حجم المهمة الملقاة على عاتقه كواجهة وذراع إعلامي للقصر الملكي.