تحوّلت مدرسةالعروبة في مدينة شحات الليبية على ساحل المتوسط،في ظل الأوضاع التي تسود المناطق الشرقية من ليبيا أو quot;ليبيا الحرةquot;، الى سجن موقت يضم نحو 200 شخص يُشتبه في أنهم من مرتزقة نظام القذافي.

أصبحت مدرسة العروبة في مدينة شحات الليبية على ساحل المتوسط تستخدم صورة القذافي ممسحة قبل الدخول.
توقف التلامذة عن الدوام وتحولت المدرسة في ظل الأوضاع التي تسود المناطق الشرقية من ليبيا أو quot;ليبيا الحرةquot;، كما يسميها السكان، الى سجن مؤقت يضم نحو 200 شخص يُشتبه بأنهم من مرتزقة نظام القذافي.

يحرس بوابة المدرس جنود رفضوا إطلاق النار على المواطنين، وإنضموا إلى المنتفضين. لكنهم يقومون بواجب الحراسة لحماية السجناء وليس لمنعهم من الفرار. فقد احتشد جمع من أهالي بلدات قريبة أمام البوابة لإلقاء نظرة على quot;المرتزقة الأفارقةquot; الذين يقول المحتشدون إنهم قتلوا عائلاتهم وجيرانهم الأسبوع الماضي.

ويبدو ان لدى الجنود سببًا وجيهًا لحماية الأفارقة من غضب الأهالي. فان شائعات سرت في هذه الرقعة الساحلية من شرق ليبيا عن هوية القوات التي قاتلت المحتجين طيلة أيام قبل ان تسقط المناطق الشرقية بيد الثوار. وفي مطار الأبرق على الطريق بين مدينتي درنة والبيضاء حيث كان القتال شرسًا، أرسل نظام القذافي طائرتين محملتين بالمرتزقة الأجانب ليل الأربعاء لمقاتلة المحتجين، كما يقول موظفون في المطار يقفون وسط الخراب الذي حل بصالته.

ويتهم الأهالي نظام القذافي بإرسال أجانب مأجورين من دول مجاورة لمقاتلتهم لأنه لم يعد هناك مَنْ يقف معه. ونقلت مجلة تايم عن منتفضين أنهم عثروا لدى هؤلاء على بطاقات هوية من تشاد والنيجر. وعرض ناشط شيكات سفر بقيمة 15 ألف دينار ليبي الى جانب بطاقة هوية ذات إسم مطابق من تشاد ، وكومة هويات أخرى.

في مدرسة العروبة يجلس المعتقلون المشتبه في أنهم من المرتزقة على مرتبات فُرشت على الأرض يلفون أجسادهم ببطانيات تقيهم برد الشتاء. وقال احد المعتقلين الذين أسرهم الثوار في الشوارع ومن الثكنات إنهم نُقلوا مرات عدة قبل ان يصلوا الى مبنى المدرسة. وزعم أسرى أنهم كانوا 325 نُقلوا جوا الى شرق ليبيا من مدينة سبها وبالتالي فإن الباقين يعتبرون أنفسهم محظوظين لكونهم ما زالوا على قيد الحياة.

وقع العديد من هؤلاء في الأسر خلال اشتباكات عنيفة بين السكان والقوات الموالية للقذافي. وفي غمرة الفوضى التي أعقبت هذه المواجهات الدموية قامت مجموعة من أهالي البيضاء بإعدام 15 من المرتزقة يومي الجمعة والسبت الماضيين أمام مبنى محكمة المدينة. ونقلت مجلة تايم عن وزير العدل السابق مصطفى محمد عبد الجليل الذي استقال مؤخرا وانضم الى الانتفاضة انهم أُعدموا شنقًا. وأضاف ان ذلك لم يكن مخططًا ولكن غضب الأهالي كان عارمًا.

يقول معظم المعتقلين انهم جُندوا في سبها المأهولة في الغالب بقبيلة القذافي في عمق الصحراء الليبية. ويذهب علي عثمان مسؤول منظمة الشبيبة المحلية الموالية للحكومة الى أنهم كانوا ضحية دعوات لحضور مؤتمر مؤيد للقذافي في طرابلس فإنتهى بهم المآل في قاعدة عسكرية في البيضاء. وأُسر بعضهم خلال الإشتباكات العنيفة التي شهدتها هذه المنطقة الأسبوع الماضي فيما قُتل البعض وفُقد آخرون.

قال احد الحراس عن المعتقلين في مدرسة العروبة أن بينهم قناصة، لكنهم لا يعترفون مشيرا الى مجموعة من الأفراد بينهم علي عثمان و75 آخرين. ولكن علي يصر على انهم أبرياء. وقال إنهم نُقلوا الى سبها وقيل لهم انهم متوجهون الى طرابلس للمشاركة في تظاهرة سلمية تأييدا للقذافي. وبعد رحلة جوية استمرت 90 دقيقة فوجئ بهبوط الطائرة في مطار الأبرق.

يثير لجوء القذافي الى مرتزقة أجانب سخطا يشترك فيه وزير العدل السابق وضباط في الجيش أيضا. لكن البعض يقول انه تكتيك استخدمه القذافي من قبل. والحق ان العديد من المعتقلين في مدرسة العروبة يحملون جنسيتين بوصفهم ليبيين أصولهم من تشاد والنيجر. والبعض الآخر أجانب يقولون إنهم عبروا الحدود الصحراوية إلى جنوب ليبيا، بحثًا عن عمل فوجدوا أنفسهم في مدرسة العروبة بعدما قال لهم سائق تكسي في سبها إنهم يستطيعون الوصول إلى طرابلس برحلة جوية مجانية.

أسرى آخرون يرفعون أيديهم حين يُسألون إن كانوا من أفراد كتيبة خميس، كما يقول كثير من أهالي البلدة في إشارة الى أحد ابناء القذافي. ويوضح عبد الجليل وزير العدل الذي انشق على القذافي ان لدى كل واحد من أبناء القذافي جيشًا خاصًا يفعل به ما يشاء.

في غضون ذلك لا تزال مشاعر الغضب تعتمل بين سكان المناطق الشرقية من ليبيا بعد تحررهم، لا سيما أن أنباء عن وقوع مجازر في طرابلس ما زالت تردهم عبر خطوط الهاتف على الرغم من رداءة الإتصال. لكن حراس مدرسة العروبة يؤكدون ان أذى لن يلحق بأسراهم.