ربما لم يعد أمام العقيد الليبيّ معمّر القذافي من بدّ غير الاعتماد على مقربّيه والمسؤولين الأمنيين الذين تعتمد مصائرهم الشخصية على بقائه في السلطة، بهدف قمع الاحتجاجات المتفاقمة والتي تستهدف الإطاحة به وبنظامه.


القذافي ينتظر مصيرًا مجهولاً خلال الأيام المقبلة

طرابلس: في الوقت الذي يحاول فيه يائساً أن يتصدى لموجة التمرد الشعبي التي تجتاح البلاد، يرتكز الآن الزعيم الليبي، معمّر القذافي، على ولاء دائرة مقرّبة من الأقرباء والمسؤولين الأمنيين، الذين تعتمد مصائرهم الشخصية على بقائه في السلطة، طبقاً لما نقلتهأمس صحيفة quot;واشنطن بوستquot; الأميركية عن محللين ومسؤولين أميركيين.

من بين هؤلاء أربعة من أبنائه واثنان من أبرز قادة الاستخبارات الذين يُتَّهَمُون بأنهم أمروا بتنفيذ سلسلة من الاغتيالات والمؤامرات الإرهابية طوال الفترة التي استمر فيها القذافي في السلطة على مدار أربعة عقود.

وفي الوقت الذي انشق أو تخلى فيه عدد من الدبلوماسيين الليبيين والمسؤولين الحكوميين عن القذافي على مدار الأيام الأخيرة، قال محللون إنه من غير المحتمل أن يحذو المقربين منه الحذو نفسه.

ومضت الصحيفة تنقل في هذا السياق عن جون هاميلتون، الخبير في الشأن الليبي لدى شركة عبر الحدود الدولية البريطانية للنشر والاستشارات المتخصصة في شؤون شمال إفريقيا، قوله quot;يمتلك الأشخاص الموجودون إلى جواره أسباباً وجيهة للتمسك به. ويمكنني القول إن الوقت قد تأخر قليلاً بالنسبة إلى الأبناء كي يتمردوا ضد والدهم ... وليس هناك من فرصة أيضاً في حقيقة الأمر للآخرين كي يقوموا بانقلابquot;.

هذا وقد ظل أبناء القذافي يتنافسون على النفوذ في ما بينهم على مدار سنين، على أمل أن يحلوا محلّ أبيهم، وهي المنافسة التي شجعها القذافي برفضه تعيين خليفة له، وإقدامه كذلك على تطهير الحكومة من المنافسين المحتملين.

لكن أبناءه نحّوا على ما يبدو غيرتهم جانباً في محاولة لإنقاذ والدهم، وكذلك أنفسهم، على حد قول المحللين. وقد ظهر ثاني أكبر الأبناء، وهو المهندس سيف الإسلام، على شاشة التلفزيون مرتين، لحثّ الليبيين على الاحتشاد من أجل الدفاع عن القذافي.

كما قام الساعدي، وهو أحد أبناء القذافي ولاعب كرة قدم محترف سابق، بالإشراف على تدابير مضادة، كان يتم اتخاذها ضد المتظاهرين المحتجين في شرق ليبيا.

أما المعتصم فيعتبر مستشار الأمن القومي لوالده، في حين يترأس خميس ndash; وهو ضابط جيش سبق وان تم تأهيله وتدريبه في روسيا ndash; كتيبة قوات خاصة تُكرِّس جهودها لحماية القذافي.

وأشارت الصحيفة إلى أن أبرز حلفاء العقيد الليبي قد يكونا النائبان المخضرمان المعروفان للمسؤولين الأميركيين، عبد الله السنوسي، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، ووزير الخارجية الحالي، موسى كوسا.

وأوضحت أن كوسا سبق وأن وُصِف في إحدى برقيات ويكيليكس بأنه شخصية نادرة بين المسؤولين الليبيين ndash; وأنه يجسد مزيجاً من الفطنة الفكرية، والقدرة التشغيلية، والثقل السياسي.

وقبل اندلاع التظاهرات التي شهدتها ليبيا أخيراً، وضع دبلوماسيون ومحللون كلاً من المعتصم وسيف الإسلام في مقدمة المرشحين لخلافة القذافي، سيما وأنها كانا يزوران واشنطن خلال السنوات الأخيرة، وكانا نقاط اتصال رئيسة للسفارة الأميركية في طرابلس.

وبينما قال محللون إن المعتصم تربطه علاقات وثيقة بضباط الحرس القديم في الجيش الليبي وشارك بشكل مباشر في الحملة المناهضة للمتظاهرين، أوضح نور الدين جبنون، أستاذ دراسات الشرق الأوسط الزائر في جامعة جورج تاون، أن المعتصم يتسم بالخطورة الشديدة كرئيس للأمن القومي. وأنه يُنظِّم ذلك النوع من الهجوم المضاد.

كما رأى محللون أن دعم سيف الإسلام للطريقة التي يتجاوب من خلالها والده مع الانتفاضة عَمِل على تقويض صورته كمصلح.

وأوردت الصحيفة عن شادي حامد، محلل شؤون الشرق الأوسط ومدير الأبحاث في مركز بروكنجز الدوحة، قوله quot; كان من المفترض أن يُقدِّم صورة مستساغة للغرب، ويكون بمثابة الوجه الأكثر قبولاً للنظام الليبي. لكنه وفي بادرة عدوانية جداً، اتضح أنه ماض قدماً نحو دعم بقاء النظامquot;.

وختمت الصحيفة بنقلها عن محللين قولهم إن التغير الواضح الذي طرأ على سيف الإسلام يؤكد القلق السائد بين أفراد عائلة القذافي من أنهم سيحَاكَمون على الأرجح، أو حتى سيُعدمون، إذا نجح التمرد.

وقال حامد quot;إذا حدثت ثورة شعبية في نهاية الأمر، فإن سيف الإسلام سيكون الهدف رقم اثنين أو ثلاثة، بغضّ النظر عن مواقفه الإصلاحيةquot;.