يتزايد القتلى من الذين أصيبوا جراء إطلاق النار الكثيف من قبل قوات الأمن في مدينة المعلا في محافظة عدن في جنوب اليمن، حيث بلغ عددهم 23 شخصًا منذ بداية الاحتجاجات قبل 15 يومًا، في حين يرقد 130 جريحًا في المستشفيات.


مدينة عدن اليمنيّة تشهد اشتباكات دامية بين متظاهرين يطالبون باسقاط النظام وقوّات الأمن

صنعاء: أمام الآلة الأمنية في مدينة المعلا لا شيء سوى الصدور العارية لشباب خرجوا يطالبون بإسقاط النظام مثلهم مثل مئات الآلاف في تعز وصنعاء وغيرها من مدن الشمال والجنوب.

عاشت مدينة المعلا في محافظة عدن الجمعة يومًا مرعبًا سقط فيهثمانية قتلى، وتناثرت أجساد عشرات الجرحى في الشوارع لوقت طويل، قبل أن يتمكن المسعفون من حملهم إلى المستشفيات وفقا لشهود عيان.

اطلاق نار مكثف نشرت لقطاته بالصوت والصورة، واكتظت بمشاهده مواقع التواصل الاجتماعي، في ظل غياب ومنع الصحافة من مشاهدة ما يجري بعدما اعتقل خمسة صحافيين أمس قبيل الاحتجاجات.

ونشرت منظمة الحزب الاشتراكي في عدن أسماء 20 قتيلاً سقطوا خلال التظاهرات منذ 15 يومًا، بينهم شاب واحد في حالة موت سريري، إضافة إلى 128 جريحًا يرقدون في مستشفى النقيب وغيرها من المستشفيات.

يقول أحد المواطنين في عدن إنه وجد جثة أحد القتلى في سلم العمارة التي يقطنها بعدما هرب مصابًا على ما يبدو، لكنه لم يتمكن من الصمود أمام نزيفه.

وتحدث الناشط الحقوقي من عدن عاد نعمان لـ quot;إيلافquot; مشيرًا إلى أن الوضع مرعب في المدينة، حيث القتل والدمار في الشوارع بسبب خروج الناس بشكل سلمي. وأضاف أنّ عداد من الناشطين أرادوا الاعتصام أمام مبنى المحافظة وطالبوا مقابلة المحافظ لطرح ما يدور أمامه، لكن المحافظ رفض ذلك، في حين منع رئيس العمليات المعتصمين من البقاء أمام المحافظة.

وأضاف عاد: quot;إن ما يدور في عدن شيء غير معقول، وسكوت المجتمع عليه جريمة، حيث يواجه الشباب المتظاهرون سلميًا آلة عسكرية تطلق النار في وجوههم بشكل مباشرquot;.

عقلية عنصرية

ما يحدث في عدن أشعل التعاطف لدى مختلف الشرائح المجتمعية، فقد وصف العشرات من الكتاب والباحثين والحقوقيين في بيان لهم ما جرى في عدن بأنهيدل على العقلية العنصرية المناطقية التي يتكئ عليها هذا النظام، الذي لا يزال متعطشًا للدماء، على الرغم من الكمّ الهائل وغير المسبوق للحروب التي خاضها ويخوضها منذ عقود وكلها ضد أبناء شعبهquot;.

وطالبوا بإقالة ومحاكمة quot;قيادة محافظة عدن وقياداتها العسكرية والأمنيةquot;، متسائلين quot;أية ضمائر تلك التي في صدور هؤلاء تسمح لهم بإطلاق النار بدم بارد وبهمجية غير مسبوقة على مواطنين أبرياء مدنيين عزل؟quot;. ووجهت منظمات وتجمعات عدةنداءات إنسانية مطالبة الجميع بتوقف ما يدور في عدن.

من جانبه قال حزب رابطة أبناء اليمن quot;رأيquot; الذي انضم إلى مطالب إسقاط النظام إن عدن quot;تروّعها مشاهد البطش والقتل والتنكيل، بعدما واجهت قوات الأمن والجيش المدججة بالسلاح جموع المتظاهرين الذين تدافعوا في مختلف مدن المحافظة اليوم للمطالبة السلمية المدنية برحيل النظام، تواصلاً لثورة شعبنا السلمية المتعاظمة.

على امتداد البلاد

وأعلنت مجموعات شبابية في محافظة تعز تحركها صوب مدينة عدن لمساندة المتظاهرين والوقوف إلى جانبهم في ظل هذا الموقف.

وعزلت الأجهزة الأمنية مديريات عدن عن بعضها بعضًا، ومنعت حركة التنقل الداخلية، كما قطعت الطريق البحري وانتشرت الدبابات والآليات الثقيلة في عدد من الجولات وسط شوارع المحافظة.

quot;الأمن القوميquot; يدير البلاد

حول ما يدور في عدن تحدث لـ quot;إيلافquot; الكاتب عبدالله دوبلة واصفًا ما يحصل بأنه quot;حالة من الهستيريا والخوف تنتاب النظام من سقوط عدن، فيعمد للعنف، لكنه بلجوئه للعنف يعجل سريعًا من هزيمة الأمن والسيطرة الأمنية وسقوط المدينة بأيدي المحتجينquot;.

وقال دوبلة إنه إذا استمر الوضع بهذه الطريقة quot;فأتوقع أن تفقد السلطة سيطرتها الأمنية على المدينة لان العنف والغضب يزيد من حجم الاحتجاجاتquot;. ورأى أن ما تقوم به الأجهزة الأمنية ليس سوى quot;خوف يدفع النظام نحو التصرف بجنونquot;.

وأضاف دوبلة إن السلطة quot;ربما تشعر بأن ما ترتكبه لن يراقبquot;، لكنه ألمح إلى موضوع التعبئة الخاصة للجنود في المحافظات الجنوبية بشأن أن المحتجين انفصاليون، وهو ربما ما ينعكس في شكل العنف المفرط الذي يتعامل به الجنودفي المظاهراتquot;.

وكان الإعلام الرسمي وجّه اللوم للحراك الجنوبي واللقاء المشترك في ما يحصل في عدن، وهو ما جعل دوبلة يرى أنالإعلام ربما لم تعد تديره المؤسسات الصحافية الحكومية، قائلاً إن quot;الإعلام يدار حاليًا من الأمن القومي، والبلد كلها تدار حاليًا من الأمن القومي، حتى الحكومة والحزب الحاكم نفسه جهازان مشلولان الآن بحسب مسؤولين حكوميينquot;.

استقالات وكشف مخطط

وتتواصل الاعتصامات المطالبة بإسقاط النظام في كل من تعز وصنعاء، حيث اتسعت دائرة الاحتجاجات، ويزداد عدد المعتصمين يومًا إثر آخر، وسط انسداد في الأفق السياسي، حيث لم يظهر أي جديد حتى اللحظة.

في سياق متصل، قدم النائب البرلماني علي المعمري عضو كتلة الحزب الحاكم استقالته من الحزب. كما قدم النائب الشيخ القبلي حسين الأحمر نجل رئيس مجلس النواب السابق استقالته من الحزب الحاكم، ليصل عدد المستقيلين من البرلمانيين من أعضاء الحزب الحاكم إلى14 نائبًا.

في السياق عينه،أعلنت قبائل حاشد وبكيل، وهما أكبر قبيلتين في اليمن، وينتمي إليهما الرئيس صالح، وقوفهما مع مطالب إسقاط النظام.

إلى ذلك كشف نائب رئيس مجلس النواب والقيادي في المؤتمر الشعبي الحاكم حمير الأحمر عن مخطط يستهدف قيادات المعارضة اليمنية في العاصمة.

وقال في بلاغ صادر من مكتبه إن أفراد حراسته ألقوا القبض على عناصر تابعة للأمن القومي كانت تقوم بأعمال الرصد والمراقبة حول المنازل وتتابع تحركاتهم.

وأوضح أنهم كانوا على متن سيارة أجرة، حاولوا الفرار والقفز بالسيارة إلى فوق احد الأرصفة وصدم امرأة تصادف وجودها في مكان الحادث، وشرعوا في إطلاق النار العشوائي، ما أسفر عن إصابة أحدهم.

وأضاف إنهم وجدوا في داخل السيارة عددًا من الصور وخرائط تفصيلية جوية لمنازل بعض قيادات المعارضة، ومنها منزل الشيخ حميد الأحمر عضو مجلس النواب، إضافة إلى وجود أسلحة مختلفة ووثائق وتصاريح من الأمن القومي تسمح بمرور السيارة بما تحمله من أسلحة وأجهزة رصد وتعقب من النقاط الأمنية كافة.

وأكد أنه quot;بمجرد وقوع الحادث والقبض على هذه العناصر حضر على الفور إلى مكان الحادث وكيل جهاز الأمن القومي عمار محمد عبد الله صالح بصحبة عدد من الأطقم التابعة لرئاسة الجمهوريةquot;.

وكانت وزارة الداخلية تحدثت عن قيام حرس الشيخ حميد الأحمر القيادي المعارض بمهاجمة مواطنين وأصابوا امرأة، وهو الأمر الذي جعل نائب رئيس البرلمان يكشف تفاصيل القضية.