واشنطن: تسارعت وتيرة الدعوات الأممية في البلاد العربية والإسلامية، لفرض حظر جوي على ليبيا، بعد أعمال العنف التي تشهدها البلاد، بينما تعالت دعوات المنظمات الإنسانية إلى حماية المدنيين من غارات الطائرات عليهم، وصوبت الدعوات في اتجاه مجلس الأمن الدولي، مطالبة إياه بتحمل مسؤولياته في هذا الشأن.
فقد أعلن الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي، الثلاثاء، أن quot;المنظمة تضم صوتها إلى صوت من طالبوا بفرض حظر جوي على ليبيا، بغية حماية المدنيين من غارات الطائرات عليهمquot;، مطالباً مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته في هذا الصدد.
وجاء ذلك الموقف، بعد أقل من 24 ساعة على اتهام وزراء خارجية دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، السلطات الليبية باستخدام العنف ضد المدنيين، وأدانوا ما قالوا إنها quot;جرائم ترتكب ضد المدنيين باستخدام أسلحة ثقيلة ورصاص حي وتجنيد مرتزقة.quot;
وجاء في البيان أنهم تابعوا quot;الأحداث المؤسفة في الجماهيرية الليبيةquot;، واعتبروا أن ما يجري quot;يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.quot;
وحض المجلس الخليجي جامعة الدول العربية على تحمل مسؤولياتها لاتخاذ كل ما من شأنه حماية المدنيين الليبيين، ودراسة السبل الكفيلة لتحقيق ذلك، وطلب عقد اجتماع عاجل لمجلس الجامعة العربية لبحث هذا لموضوع، كما طلب الوزراء من مجلس الأمن الدولي quot;اتخاذ الإجراءات الكفيلة لحماية المدنيين، بما في ذلك الحظر الجوي على ليبيا.quot;
ولم يتضح بعد ما إذا كان اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ السبت، بشأن ليبيا سيخرج هو الآخر بذات الموقف المطالب بفرض حظر جوي على البلاد.
وحول سبب تسارع الدول الإسلامية، بما فيها الخليجية، دعوة الأمم المتحدة بضرورة تحمل مسؤولياتها، وفرض حظر جوي، رأى رئيس مركز الخليج للأبحاث، الدكتور عبد العزيز بن صقر، أن quot;الموقف الغربي تجاه استصدار قرار بالحظر الجوي على ليبيا يخشى من عدم تمكنه من تمرير هذا القرار، لاسيما في ظل وجود الصين وروسيا، التي يتوجس الغرب من أنهما قد يعرقلان إصدار قرار كهذا.quot;
وأضاف بن صقر، في تصريح لـCNN بالعربية، quot;أن مسوغات استصدار قرار أممي في هذا الشأن، يعود إلى تجنب حرب أهلية وأعمال تخريب وجرائم ضد الإنسانية في ليبيا، والسماح التدريجي للتدخل الخارجي للحيلولة دون ذلك، بينما الحظر الجوي هو الأقل وطأة ضمن عمليات التدخل الخارجي.quot;
وتابع حديثه قائلاً: quot;لذلك اختارت منظمة المؤتمر الإسلامي، ودول مجلس التعاون الخليجي هذا الخيار المتمثل في الحظر الجوي على ليبيا، وهو الأقل تأثيراً على الشعب الليبي، وكذا فهو للحيلولة دون وقوع حرب أهلية، ووقف الأعمال التي تمارس ضد مدنيين.quot;
وأشار في ذلك إلى نوعين من الحظر الجوي، أولهما الذي طبق في العراق 1999 / 2003، والذي شمل اتفاقاً مع بعض دول الجوار، وبشكل منفرد، ودون قرار أممي، لاستخدام أراضيها للتنفيذ، مثلما حدث مع تركيا حينذاك، بينما النوع الثاني، الذي صدر فيه قرار، وهو الحظر الجوي الذي فرض على كوسوفو.
واعتبر الصقر أن الحظر الجوي يتم لأجل تنفيذ أعمال المراقبة الجوية، ولاستخدام القوات لمنع الطائرات، والتي درج على تسميتها بالقوات الاعتراضية، والتي يمكن تطبيقها من خلال أراض لدول الجوار، أو البوارج البحرية.
إلى ذلك، قال عصام شنتي، المتحدث الإعلامي باسم منظمة المؤتمر الإسلامي، في تصريح لـCNN بالعربية، إن المنظمة تطالب بفرض حظر جوي على ليبيا، لكن عبر الأمم المتحدة، إضافة إلى رفض أي تدخل عسكري أجنبي في البلاد.quot;
وأضاف: quot;نحن ننتظر الدول الأعضاء، ممن لهم مندوبين دائمين لإصدار مواقفهم تجاه هذا الأمر.quot;
وتوقع شنتي انعقاد اللجنة التنفيذية لمنظمة المؤتمر الإسلامي على مستوى الدول الأعضاء، quot;لأن صلاحية المندوبين الدائمين تنحصر في تقديم توصيات، وليس اتخاذ قراراتquot;، معرباً عن أمله في أن تنعقد في أسرع وقت ممكن.
وكان المندوب الأميركي في حلف شمال الأطلسي quot;الناتوquot;، قد أكد أن قوات الحلف بدأت تنفذ عمليات مراقبة على مدار الساعة للأجواء الليبية، وذلك تحسباً لأي تطورات قد تحصل في التعامل الدولي مع هذا البلد.
وفي ذات الوقت، نفى أندريس راسموسن، الأمين العام للحلف، وجود نية حالياً للتدخل العسكري في ليبيا، غير أنه قال إن من واجب الحلف، بوصفه منظمة دولية تهتم بالأمن حول العالم، أن تعد الخطط لأي احتمال.
أما في الولايات المتحدة، فقد قال جاي كارني، الناطق باسم البيت الأبيض، إن بلاده لا تزال تدرس خيارتها بشأن الوضع في ليبيا، مشدداً على أن فكرة إرسال قوات بريّة إلى ليبيا quot;مازالت على الطاولة، ولكنه ليس على رأس الخيارات في هذه اللحظة.quot;
إلى ذلك، كان فرض حظر جوي على ليبيا أحد المحاور التي ناقشها مجلس الأمن الدولي، في اجتماع عقده في وقت متأخر من مساء الثلاثاء، إلا أنه لم يتخذ أي قرار بهذا الصدد بعد، في ضوء الانقسام بين الدول دائمة العضوية بالمجلس، حيث تعارض كل من روسيا والصين التدخل عسكرياً في ليبيا، بينما تبدو كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، أنها تؤيد فرض الحظر الجوي على ليبيا.
التعليقات