يرفض الكثير من الليبيين على غرار زعيمهم معمر القذافي الحديث عن ثوار وعن أن بلدهم تعيش ثورة، ويحصرون ما يجري في العديد من المدن الليبية بأعمال قتال يقوم بها مخربون من القاعدة ومقاتلون يتناولون المخدرات، كما هو خطاب القذافي.

عند الحدود التونسية الليبية

على غرار إستراتيجية التهوين التي انتهجها الزعيم الليبي معمر القذافي منذ اندلاع بركان الغضب الشعبي ضده في مدن ليبية عديدة قبل بضعة أسابيع، وتأكيده مرارًا وتكرارًا على أن قواته تتعامل مع عناصر خارجة عن القانون، لا مع ثوار ومتمردين، أبرزت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية حقيقة تأثر كثير من الشرطيين الليبيين المرابطين على الحدود التونسية بذلك، ورفضهم تصديق أن بلدهم تعيش ثورة.
وأوردت الصحيفة اليوم عنهم قولهم إنه لا توجد حرب أهلية في ليبيا، وإنه لا وجود لقنابل، أو قتال، أو أي مشاعر هلع وخوف تهيمن على المواطنين. ونقلت عن أحدهم ويدعى فوزي علي خليفة لاغيربي، 22 عامًا، قوله: quot;ليس هناك ثوار. وأنصحكم بمشاهدة القناة الوطنية الليبية. وستدركون حينها أن الجميع مع القذافيquot;.

ومضت الصحيفة تقول إن هذه ليست إلا واحدة من المقولات السريالية التي يرددها الليبيون الذي يعبرون من وإلى تونس كل يوم عبر معبر رأس أجدير الحدودي. حيث أوضحت الصحيفة أنهم يدخلون إلى جانب الآلاف من العمال المهاجرين الذين يواصلون الفرار من العنف، الذي غالبًا ما يكذِّبه الليبيون. إذ يقول كثيرون منهم إن quot;كل شيء على ما يرامquot; ndash; وهم في طريقهم إلى المدن المجاورة، حيث يبيعون ملابس ليبية وبنزين، ويشترون الغذاء والدواء الذي لا يمكنهم العثور عليه في منطقتهم الحدودية.

كما لفتت الصحيفة إلى أن معظمهم يرفض التحدث إلى المراسلين، وهؤلاء الأشخاص المستعدين لوصف الموقف في غرب ليبيا غالبًا ما يتحدثون عن حالة هدوء تام، أو كما يؤكد القذافي بأن ما تشهده البلاد من أعمال عنف محدودة هي لمقاتلين تابعين للقاعدة وشباب يتناول المخدرات. وتسري شائعات عن قيام جواسيس بتسجيل أرقام لوحات سيارات، وتقارير عن اعتقال الليبيين الذين يتحدثون مع الصحافيين.

من جهتهم، أشار خبراء إلى أن بعضًا من التقارير المشوشة تشهد على مناخ الخوف الذي لا يزال يهيمن على غرب البلاد، حيث يتواصل القتال بين المتمردين والقوات الموالية للقذافي من أجل فرض السيطرة. في حين تعكس تقارير أخرى على ما يبدو إنكارًا إجماليًا للواقع، واستعدادًا ملحوظًا لتصديق خطابات القذافي المبالغ فيها، أو على الأقل تصديق الروايات التي يتم سردها عن وجود مؤامرات على الليبيين.

وفي سياق التصريحات المقتضبة التي أدلى بها للصحيفة، عاود لاغيربي مرة أخرى ليقول: quot;القذافي هو مرشد الثورة، وزعيم حقيقي. كما أنه يدعم كل شيء. أما الصحافيون الأجانب فيختلقون أكاذيب عن أعمال العنف الواقعة في مدن بمختلف أنحاء البلاد. وأنا من ناحيتي أؤكد على عدم حدوث أي شيء. وأنهم يزورون الواقعquot;.

وقال آخرون، من بينهم شخص يدعى حسين الألفي، 36 عامًا، وقد أتى إلى تونس قادمًا من مدينة الزاوية المحاصرة للهروب من وطأة القتال هناك، إنه لم يكن يغادر مسكنه على الإطلاق، لأنه كان يخشى بطش المتمردين، موضحًا أن هؤلاء المقاتلين كانوا أناسًا يتناولون المخدرات، وعناصر تتبع تنظيم القاعدة، أو ثمة شيء آخر.
وتابع يقول: quot;إذا رفعت العلم الأخضر الخاص بالزعيم معمر القذافي في الزاوية، سيُطلق عليك المتمردون النارquot;. كما تحدث الألفي عن عودة الهدوء إلى المدينة، وأكد أنه لم ير أو يسمع عن وجود لأسلحة صغيرة أو نيران مدفعية، على الرغم من التقارير التي تم بثها على نطاق واسع وتحدثت عن وجود قصف عنيف وقتال في الشوارع قبل أن تنجح القوات الموالية للقذافي في فرض سيطرتها خلال الأيام الأخيرة. وأضاف quot;الحمد لله، كل شيء في الزاوية جيد جدًا. وما أراه في التلفزيون شيئًا غريبًاquot;.