يرى قراء إيلاف أن الشعوب في العالم العربي لن تتأثر كثيراً بالعنف المصاحب لثورة الليبيين، بعد ثورتين إتسمتا بالسلمية خصوصاً في مراحلها الأخيرة ونعني هنا تونس ومصر. فالعربة quot;البوعزيزيةquot; ما زالت تدور، إن كانت جلبتها تصم الآذان في ليبيا، وصوتها مسموع في اليمن، و فقدت إطارها الثاني في البحرين، إلا أنها تعرف أهدافها.


الرسم البياني لنتيجة إستفتاء إيلاف الاسبوعي

في استفتاء إيلاف الأسبوعي كان السؤال هو ( ما مصير الثورات العربية بعد عنف القذافي)، وكانت الخيارات المطروحة أمام القراء للتصويت على أيٍ من هذه الأربعة وهي :

1- تلاشي التيار الثوري
2- فتح قنوات حوار مع الأنظمة
3- حمل السلاح
4- استمرار الاحتجاجات السلمية بلا خوف من البطش

وفي حين حاز الخيار الثالث وهو الأعنف (حمل السلاح) على أكثر من 20%، فإن الأغلبية من المصوتين ذهبت باتجاه الخيار الرابع وهو استمرار الاحتجاجات السلمية بلا خوف من البطش بنسبة قاربت الـ60% من القراء الذين بلغ عددهم 6972.

وبنظرة سريعة على الأجوبة يمكن تلخيص الأمر بأن النفس الثوري السلمي يعيش أعلى مراحله في العالم العربي بعد نجاح الثورتين المصرية والتونسية، فيما يبدو أن ما يفعله الزعيم الليبي معمر القذافي بأبناء شعبه واتجاهه لضرب المدن بالطائرات واستعماله الأسلحة ضد بني جلدته كان هو المحرض الأكبر على ارتفاع نسبة من يؤيدون حمل السلاح.

ولا يمكن تجاهل الخيارين الأوليين اللذين حظيا بالنسبة الأدنى من القراء، حيث إن من يقولون بتلاشي التيار الثوري لم يتجاوزوا 10% ، فيما ما زالت الأنظمة العربية غير جديرة بالثقة على الأقل على ساحات التصويت، إذ إن أكثر بقليل من 11% أعطوا للأنظمة فرصة لأن تكون جديرة بالحوار مع مطالب الشعوب.

وما يحكيه لسان الاستطلاع يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن عربة الشاب التونسي المنتحر حرقا (محمد البوعزيزي)ما زالت تواصل الدوران وتجوب العالم العربي، فمن الأنظمة من قضت نحبها ومنها من تنازع ومنها من تنتظر. وقد سقطت حكومتان تعتبران الأقوى أمنيا، رغم أن جل الدول العربية خبراء في (حفظ النظام)، فهرب زين العابدين بن علي إلى السعودية (15 يناير الماضي )، بعد 23 يوماً من الثورة وترك وراءه بلداً يتنفس الحرية والكثير من ذكريات الفساد، فيما تنحى مبارك (11 فبراير) بعد 18 يوماً من الثورة وما زال مكانه في صفحات الجرائد عائماً بين أكثر من مكان أحدها شرم الشيخ، وترك وراءه الأمة الأكبر عربياً تصارع إرهاصات السنوات الثلاثين الماضية بانتظار حلم مصري جديد.

العربة quot;البوعزيزيةquot; ما زالت تدور، فإن كانت جلبتها تصمّ الآذان في ليبيا، وصوتها مسموع في اليمن، و فقدت إطارها الثاني في البحرين، إلا أنها تعرف أهدافها وهي في الطريق إليها، فثمة دول عربية كثيرة اهتزت لصداها حين ظنوها مقبلة. الليبيون الآن يسيطرون على جل المشهد العربي، لأسباب عديدة ليس أهمها الثورة، فالثورات صارت جرساً في متناول أيادي كل العرب، وإنما جنون الزعيم وسلاح الشعب، والمعادلة هنا تعني حرباً ضروساً وهو ما يدور الآن في كل quot;زنقةquot; من ليبيا باستثناء قصر العزيزية حيث يسكن ملك الملوك وزعيم الزعماء معمر القذافي والأمراء الثمانية.

في مصر وتونس بلغ عدد quot;القرابينquot; التي قدمها الشعبان لنجاح الثورة ما يقارب الألف، فيما يحصد الزعيم الليبي منذ نحو شهر نصف هذا العدد أسبوعيا بحسب بعض الإحصاءات الدولية. ويقول مراقبون إن الوضع في ليبيا آخذ في التدويل، لأن السماء تمطر قذائف والأرض لم تعد تنجب الخبز. وبدا واقعاً أن تكتلاً دولياً في طريقه لفرض حظر جوي، بعد أن فتحت الجامعة العربية الباب واسعاً أمام هذا الأمر، وردت ليبيا رسمياً quot;أن القرار وُضع على ادعاءات كاذبةquot;.

وقالت وزارة الخارجية الليبية في بيان بثته وكالة الأنباء الليبية الرسمية إن quot;قرار الجامعة العربية أُسِّس على ادعاءات كاذبة وتشويه صريح للحقائق، وما جرى على الأرض، وهي أمور عملنا على إيضاحها وإتاحتها أمام الجميع، بل وطالبنا مرارا بإيفاد لجان للتحقيق فيهاquot;. فيما قال سيف الإسلام، نجل القذافي، quot;طزquot; في العرب وعمال العرب، وستكفينا الهند وبنغلاديش بالعمالة عوضاً منهم.

ومن هناك قرر العرب البدء في الاتصال بالمجلس الانتقالي المعارض لنظام حكم القذافي. وكانت دول مجلس التعاون الخليجي قادت مبادرة لإسقاط الشرعية عن نظام القذافي، وبدا موقفها ضاغطاً نحو فرض الحظر الجوي وقصقصة أجنحة الرعب التي يحلق بها نظام العقيد فوق مدن ليبيا الشرقية منها خصوصاً.

وقال بيان للمجلس بعد أن أعرب عن إدانته للجرائم المرتكبة ضد المدنيين باستخدام الأسلحة الثقيلة والرصاص الحي وتجنيد مرتزقة أجانب، أكد المجلس الوزاري عدم شرعية النظام الليبي القائم وضرورة إجراء اتصالات مع المجلس الوطني الانتقالي. ودعا المجلس الوزاري جامعة الدول العربية إلى تحمل مسؤولياتها باتخاذ الإجراءات اللازمة لحقن الدماء وتحقيق تطلعات الشعب الليبي ودراسة السبل الكفيلة لتحقيق ذلك بما في ذلك دعوة مجلس الأمن الدولي لفرض حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين.

في حين قالت فرنسا إنها تود الإسراع بالجهود الدبلوماسية لفرض منطقة حظر جوي لحماية الليبيين من القصف الجوي الذي ينفذه طيران القذافي. وتأتي هذه التطورات قبيل جولة تقوم بها وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، حيث ستسعى إلى منفذ تصل من خلاله مع المعارضة الليبية إلى إسقاط ثالث زعيم عربي.

وتبدأ كلينتون جولتها في العاصمة الفرنسية باريس حيث ستجري لقاءات مباشرة مع المعارضة الليبية قبل أن تتوجه إلى تونس ومصر، وهي بذلك أول مسؤول أميركي رفيع يزور هذين البلدين منذ إسقاط الرئيسين اللذين خدمهما القذافي تاريخياً ووضعهما في خانة العظماء مقارنة به.