تشهد معظم الجامعات المصرية حالة من الارتباك الشديد في جدولها الدراسي بسبب استمرار اعتصامات الأستاذة والطلاب ومطالبتهم بإقالة القيادات الجامعية، واختيار بدائل منهم، وفقاً لانتخابات حرة ونزيهة لا تعتمد مبدأ التعيين الذي يستند إلى التحريات الأمنية، كما كان يحدث قبل ثورة 25 يناير، فيما قامت إدارات عدد من الكليات بتقديم موعد الامتحانات، في محاولةلامتصاصغضبالطلاب.


القاهرة: رغم بدء الدراسة الجامعية في مصر منذ نحو شهر تقريبًا، إلا أن الخريطة الدراسية التي وضعت قبل بداية الفصل الدراسي الثاني تشهد ارتباكًا شديداً بسبب التظاهرات والاعتصامات التي يقوم بها عدد كبير من الطلاب

جامعة القاهرة
والأساتذة والهيئات المعاونة للمطالبة بإقالة القيادات الجامعية (رؤساء الجامعات ووكلاؤها وعمداء الكليات ووكلاؤها)، ليس فقط لأن عدد كبير منهم ينتمي الى الحزب الوطني الذي كان يترأسه الرئيس المخلوع، وإنما لكونهم فقط جاءوا بالتعيين وفقًا للتقارير الأمنية.

لم تشفع تصريحات الدكتور عمرو عزت سلامة وزير التعليم العالي ورئيس المجلس الأعلى للجامعات بتأكيده أن هناك مشروع قانون يتم إعداده لتغيير اللوائح الجامعية ليكون بالانتخاب الحر المباشر من بين الأساتذة، على أن يتم ذلك في مختلف المناصب القيادية، وبدءًا من العام المقبل، بحيث لا يتم مد خدمة كل مسؤول جامعي تنتهي فترته.

اللائحة التي يتم مناقشتها بالفعل، ويشارك في اقتراح صياغتها عدد كبير من الأساتذة الجامعيين المعارضين للنظام السابق والمطالبين باستقلال الجامعات لكونها محرابًا للعلم وليس مكانًا لتوجيه إملاءات سياسية، من المتوقع أن تخرج للنور خلال الشهور الثلاثة المقبلة، بحيث يبدأ العمل بها في مطلع شهر أغسطس/آب المقبل، حيث يعقد معهم وزير التعليم العالي اجتماعات مستمرة.

وقالت الدكتورة عواطف عبد الرحمن عضو حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات لـquot;إيلافquot; إن اللائحة تتم مناقشتها بالفعل في الوقت الحالي، مؤكدة أنها طالبت الوزير بخروجها الى النور في أسرع وقت حتى يمكن العمل بها سريعًا، لافتة الى أن اللائحة الجديدة ستعيد للجامعة استقلاليتها وهيبتها.

وأكدت على ضرورة الاستجابة الى مطالب الاساتذة والطلاب لإقالة عدد من العمداء في الوقت الحالي واستبدالهم بعمداء اخرين مرحب فيهم بطريقة أو باخرى، كأن تجرى انتخابات ودية، يصدر بعدها قرار بتعيين المنتخب، أو أن يتم تشكيل مجلس لتسيير أعمال الكليات والجامعات التي لابد من إقالة قياداتها.

وتشهد جامعة القاهرة أقدم الجامعات المصرية اعتصامات ومظاهرات مستمرة للمطالبة بإقالة الدكتور حسام كامل ndash; شقيق وزير الاتصالات السابق طارق كامل وعضو لجنة السياسات في الحزب الوطني ndash; ووكلاء الجامعة وعدد من العمداء، من بينهم عميد كلية الإعلام وكلية دار العلوم وكلية التجارة.

وفيما تشهد الجامعة اعتصامات عدةفي أماكن متفرقة منها، امتنع عدد من الأساتذة عن العمل لمدة أسبوع احتجاجًا منهم على استمرار العمداء في مناصبهم، كما أصدرت إدارة الجامعة قرارات عدةفي محاولة منها لامتصاص الغضب الطلابي بتقديم موعد امتحانات منتصف الفصل الدراسي وضغط مواعيدها لتصبح في مدة أقصر من المعتادة.

ورغم تقديم عدد من الاساتذة استقالتهم من مناصبهم، إلا أنه تم تكليفهم بإدارة شؤون أقسامهم إلى حين اختيار بدلاء منهم، وهو الحال نفسه مع الدكتورة عالية المهدي عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، التي قدمت استقالتها الى المجلس العسكري، وتم تكليفها بإدارة شؤون الكلية.

من جهته، قال الدكتور عادل زايد نائب رئيس الجامعة لشؤون التعليم والطلاب لـquot;إيلافquot; إن المظاهرات والاعتصامات التي شهدتها أماكن مختلفة من الجامعة لم تؤثر بدرجة كبيرة على انتظام العملية الدراسية في الجامعة، مشيرًا إلى أن مجلس الجامعة قرر منح كل أستاذ الحق في تخفيض المنهج بما يراه مناسبًا لإزالة الحشو من المناهج لضيق الوقت.

وأكد على أن الدراسة منتظمة في عدد كبير من الكليات منذ الأسبوع الأول من الدراسة، معترفًا بتأثر عدد قليل من الكليات بالحركات الاحتجاجية التي شهدتها الجامعة، موضحاً أن اختصار المنهج يطبق في الكليات النظرية، التي تشهد غالبية التظاهرات.

فيما قال محمد قدري طالب في كلية الإعلام لـquot;إيلافquot; إن الدراسة في الكلية لا تزال غير منتظمة، على الرغم من تحديد موعد امتحانات منتصف الفصل الدراسي في الأسبوع المقبل، مشيرًا الى أن المقررات لم يتم تدريس سوى أقل من 20% منها، على الرغم من أن هذه الامتحانات لا تتم إلا بعد اكتمال نصف المقرر.

وأشار الى أن إدارة الكلية اتخذت قرارا تعسفيا بتكثيف أيام الامتحانات على خلاف المعتاد، كمحاولة لفضّ الاعتصام المستمر الذي بدأ مع بداية الدراسة للمطالبة بإقالة العميد ووكلاء الكلية.

وشهدت جامعة عين شمس مظاهرات طلابية لإقالة القيادات الجامعية، وشهدت اعتداءً من قبل عدد من البلطجية على الطلبة المتظاهرين، كذلك جامعة أسيوط في صعيد مصر شهدت مظاهرة لإقالة عميدي كلية الهندسة والتربية، وأيضًا شهدت محافظة قنا تحركات إحتجاجية لاقالة رئيس جامعة جنوب الوادي.

في السياق نفسه، شهدت جامعة الإسكندرية مظاهرات حاشدة لإقالة الدكتورة هند حنفي رئيس الجامعة، بينما قامت أخيرًا بإصدار قرارات لخفض الرسوم التي يدفعها الطلاب في المدن الجامعية، وأصدرت قرارات بزيادة الدعم المخصص للكتب الجامعية لتخفيض سعرها على الطلاب.

ولم تكن الجامعات الخاصة بعيدة من حالة الغضب الطلابي، فقد شهدت مظاهرات طلابية واعتصامات من أجل تغيير القيادات الجامعية، وإعادة النظر في الرسوم الدراسية الكبيرة التي يتم دفعها في كل فصل دراسي، لاسيما الفصل الحالي الذي تم اختصار عدد أسابيعه، إذ يطالب الطلاب بتخيفض رسومه الدراسية.

الدكتور محمود الطيب رئيس جامعة حلوان، قال لـquot;إيلافquot; إن المشكلة الأساسية التي واجهت الجامعة كانت تأمين مقارها المختلفة والطلاب والطالبات في داخلها خلال الأيام الأولى من انتظام الدراسة، موضحًا أن الدراسة لم تشهد تعطيلاً، وإنما دمج واختصار مقررات نظرًا إلى الأوضاع السياسية وتخفيض عدد أسابيع الدراسة عما هي عليه كل عام.

وأكد الطيب على أن إدارة الجامعة منحت لكل أستاذ الحق التعامل في المقرر الخاص به بما يراه مناسبًا من دون إخلال بالمادة العلمية التي يتم تقديمها، لافتًا الى أن هناك تفاهمًا بين الطلبة والأساتذة لتحقيق أكبر استفادة ممكنة رغم ضيق الوقت.