شدد شيخ الطريقة العزمية في القاهرة على ضرورة ضلوع الصوفيين في العملية السياسية بعد ثورة يناير، مشيراً في حديث خاص لـquot;إيلافquot; إلى أن الحزب الذي تعتزم الطريقة تأسيسه يحمل أفكاراً ليبرالية تساهم في ترسيخ الديمقراطية، كاشفاً النقاب عن أنه يعكف وخبراء حالياً على صياغة دستور جديد للبلاد.


علاء الدين ماضي أبوالعزائم شيخ الطريقة العزمية

القاهرة: نزع شيخ الطريقة العزمية في القاهرة فتيل قنبلة التحفظ على ضلوع الطرق الصوفية في الحياة السياسية، وبعقلية مستنيرة تمحو مفهوم العوام للطرق الصوفية، فأوضح علاء الدين ماضي أبوالعزائم شيخ الطريقة العزمية، في حوار خصّ به quot;إيلافquot;، أن المصريين في أمسّ الحاجة إلى ولادة حزب يحمل قيم الصوفية ومبادئها، لاسيما إذا كان برنامجه يرقى بالنفوس ويهذبها، ويزرع الحب بدلاً من الكراهية، ويدعو إلى التآخي والمودة والتضامن والتكافل.

وألمح أبوالعزائم في حديثه لـ quot;إيلافquot;، إلى أن ثورة مصر البيضاء، حملت جلّ هذه المعاني التي تدعو إليها مسودة برنامج الحزب المُزمع تدشينه، كما أباحت ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير للحكماء والبسطاء من المصريين بالتفاعل غير المسبوق مع القضايا السياسية، ولذلك فإنه من غير المنطقي احتكار فئة معينة من المصريين دون غيرهم، التعاطي مع المتغيرات السياسية الجديدة، خاصة إذا كان الهدف من هذا التعاطي هو الإصلاح والتقدم والازدهار.

مفهوم نمطي عن الصوفية
حديث أبوالعزائم لـ quot;إيلافquot; في مقر الطريقة العزمية في القاهرة، امتطى صراحة وشفافية، ربما كان لها دور كبير في إعادة اكتشاف وعي شيخ الطريقة وحصافته، عكس المفهوم النمطي لدى العامة عن الصوفية والصوفيين. عن ذلك يقول أبوالعزائم: quot;المسؤول عن هذا المفهوم السائد وتلك الثقافة الخاطئة هو سياسة تزييف الوعي، التي اتبعها النظام السابق مع المصريين، وتقديم الصوفيين وغيرهم من الحكماء بمنظور يخالف الحقيقة، ومن يُسمح له من الصوفيين بممارسة العمل العام أو السياسي، كان لابد من أن يوقّع على صكّ السمع والطاعة، ليصبح بوقاً يردد أوامر نظام مبارك وإيعازاتهquot;. لما تقدم بحسب أبوالعزائم، كانت مطالبة جبهة الإصلاح الصوفي، ومنظمة المجلس الصوفي العالمي، إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بإقالة شيخ مشايخ الطرق الصوفية عبد الهادي القصبي، باعتباره معيناً بالإجبار من الحزب الحاكم السابق.

إضافة إلى ذلك، حملت quot;إيلافquot;، عدداً ليس بالقليل من التساؤلات حول عدد لا يقل من الإشكاليات السياسية والحزبية والمذهبية، التي عصفت بالقاهرة خلال الآونة الأخيرة، ووضعتها أمام علاء الدين أبو العزائم، ليجيب عنها بتلقائية لا تنقصها الصراحة، على حد قوله.

عضوية ساويرس
فوجئنا بدعوتكم رجل الأعمال المصري المهندس نجيب ساويرس إلى الانضمام إلى حزبكم الجديد quot;التحرير المصريquot;، رغم أنه أعلن عن تأسيس حزب خاص به؟
نكنّ كل احترام وتبجيل لرجل الأعمال نجيب ساويرس، ودعوتنا إليه إلى الانضمام إلى حزبنا كانت استباقية لإعلانه عن حزبه quot;المصريين الأحرارquot;، فالمهندس ساويرس استشعر ضرورة تفعيل عمله السياسي كمصري مستنير ومثقف، قبل أن يكون رجل أعمال ناجحًا، وترجم هذا التفعيل إلى تأسيس حزبه الجديد، الذي نتوقع له دوراً محورياً خلال الفترة المقبلة.

ماذا عن حزبكم الجديد quot;التحرير المصريquot;، وكيف لاحت فكرة تأسيسه؟
في الحقيقة، رأينا وغيرنا في الطرق الصوفية quot;جبهة الإصلاحquot;، ضرورة خلق حوار ديمقراطي يرسي دعائم الحرية، التي نادت بها ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير، غير أنه كانت هناك تحفظات على رئاستي للحزب، لاسيما أن رئيس الحزب سيكون عرضة في المستقبل للنقد. هذه الثقافة لم يعتد عليها أبناء الطريقة العزمية في تعاملهم مع شيخهم حتى إذا أصبح رئيساً لحزب، فضلاً عن عدم رغبتنا في تأسيس حزب على أساس ديني أو مذهبي، وإنما ستخدم طريقتنا مصر والمصريين من خلال دعم الحزب المدني الليبرالي بأيديولوجيات هي في الأساس قيم اجتماعية تدعو إلى التكافل والتضامن.

إذاً، من هي الشخصية المرشّحة لرئاسة الحزب الذي تعتزمون تأسيسه؟
الرئيس المرشح لحزبنا quot;التحرير المصريquot; تحت التأسيس، هو المهندس والاقتصادي الكبير إبراهيم زهران، إذ نقوم بالتعاون معه على إعداد برنامج الحزب وترتيب أفكاره ومبادئه، يشاركنا في عملية الصياغة عدد ليس بالقليل من أبناء الطرق الصوفية المختلفة، في طليعتهم الطريقة الهاشمية والشرنوبية، وكلها أفكار إصلاحية تدعو إلى تكاتف القوى كافة لإعادة بناء الوطن بما يخدم مواطنيه ويساهم في اللحاق بركب التقدم.

لماذا رشحتم المهندس زهران بعينه لرئاسة الحزب؟
الرجل من أبرز الناشطين في مكافحة الفساد، وصاحب مبادرة quot;لا لنكسة الغازquot;، وكشف من خلالها عن أدلة دامغة تثبت تورط النظام المصري السابق في إهدار 281 مليار جنيه على مصر، بعد قرار مبارك تصدير الغاز إلى إسرائيل، إضافة إلى ثقتنا البالغة في نزاهة الرجل ومدى إيمانه بضرورة العمل على تطهير البلاد من الفساد.

قاعدة عريضة
هل ترون أن حزبكم سيحظى بدعم وتأييد شعبيين؟
نثق تماماً في ذلك، وسيكون للحزب قاعدة عريضة من المؤسسين والأعضاء، فالمصريون (مسلمين ومسيحيين) يتطلعون إلى حزب يحمل أفكارنا وبرنامجنا، فضلاً عن أننا نعكف حالياً على صياغة دستور مصري جديد، لعرضه على الدوائر المعنية والعمل به فور انتهاء المرحلة الانتقالية الراهنة.

ما علاقة الصوفية بالعمل السياسي؟
الصوفيون جزء من نسيج الشعوب كافة بمختلف طوائفهم ودياناتهم، وطالما أنهم جزء فلابد من تفاعلهم سياسياً، فلم يستنكر أحد نشاط شيخ مشايخ الطرق الصوفية عبد الهادي القصبي ndash; مع تحفظنا على سلوكه - في العمل السياسي، فكان عضوًا في لجنة سياسات الحزب الحاكم سابقاً، ورغم اختلافنا معه كلياً وجزئياً، إلا أننا كصوفيين نحترم عمله السياسي، شريطة أن يكون هذا العمل نزيهًا. بعيداً من ذلك، يحتاج المصريون حزبًا يزيل الفجوة بين الطبقات الاجتماعية، ويحقق العدالة والتكافل والتضامن، وكل هذه القيم هي إحدى أهم مبادئ الطريقة العزمية وغيرها من الطرق الصوفية.

كيف كانت مشاركتكم في ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير؟
في الحقيقة لم أكن حينذاك في مصر، وإنما كنت في الولايات المتحدة، ولكنني عندما علمت بالتطورات الجديدة وتطوراتها، كلّفت أبنائي في الطريقة العزمية، بتقديم الدعم الكافي للثوار والمشاركة في مسيرتهم، فكان منهم من شكّل لجاناً شعبية لحماية المواطنين، لاسيما في ظل غياب الأمن، وكان منهم من توجه إلى ميدان التحرير لمشاركة الثوار في وضع استيراتيجيات وأفكار تسير عليها الثورة حتى تنحّي مبارك، وكان أن تنحّى مبارك عن الحكم في اليوم نفسه الذي عدت فيه إلى مصر من الولايات المتحدة.

محاسبة كل مخطئ
ما رأيك في نظام مبارك قبل ثورة الخامس والعشرين من كانون الثاني/ يناير وبعدها؟
لم نرغب في الاصطدام بنظام مبارك لقسوته وجبروته، ولكننا مع ذلك كنّا حريصين على قول كلمة الحق من دون مواجهة مع رأس النظام أو أتباعه. أما بعد الثورة فتغيرت ملامح المشهد تماماً، ونؤمن بضرورة محاسبة كل من أخطأ سواء كان مبارك أو غيره، كما ينبغي عدم استئثار الرئيس المقبل بالسلطات السابقة التي كان يحتكرها مبارك لنفسه قبل ثورة يناير.

لماذا دعوتم إلى التصويت على التعديلات الدستورية بـ quot;لاquot;؟
نعتقد أنه من حقنا، ومن واجب شهداء ثورة كانون الثاني/ يناير علينا أن نطالب بتشكيل دستور جديد، وألا نكتفي بالتعديلات التي جرت على الدستور القديم.

ما تعليقك كشيخ طريقة صوفية على دعوة بعض السلفيين إلى هدم أضرحة أولياء الله الصالحين؟
هؤلاء بلطجية، وليسوا سلفية، فبعيداً من كون من في داخل القبر ولي من أولياء الله أو غيره، فأي حق أو دين أو مذهب يعطي لإنسان رخصة لنبش القبور وانتهاك حرمتها، وأياً كانت انتماءات بعضهم فلا يجب أن ننسى أنهم يعملون لمصلحة تيارات وتوجهات دينية متطرفة، واستقوا منها تعاليم مضللة، ويسعون إلى تنفيذها في مصر، مستغلين المرحلة الانتقالية التي نعيشها حالياً بعد الثورة، لتمرير أهدافهم المتطرفة، لكن ذلك لن نسمح به أبداً.

برأيك لماذا أُفرج عن السلفيين قتلة الرئيس المصري الراحل أنور السادات في هذا التوقيت؟
لم يتم الإفراج عن قتلة السادات وحدهم، وإنما أفرج عن آخرين، مثل خيرت الشاطر من الإخوان المسلمين، وجميعهم كان قد أنهى بالفعل فترة محكوميته، لكن النظام السابق كان يُبقي عليهم في المعتقلات من دون مبرر. أما عن التوقيت ففي تقديري هو أنه كانت هناك رغبة لدى القيادة الانتقالية في خلق أجواء من الاستقرار لدى الأطياف السياسية والاجتماعية كافة في مصر، على الرغم من أن هناك من اعتبر أن توقيت الإفراج عن السلفيين وبعض نشطاء التيارات الدينية في هذا التوقيت، كان بتخطيط من الثورة المضادة لثورة يناير.