أميركيون فرحون بمقتل أسامة بن لادن

في الوقت الذي تسبب فيه زعيم تنظيم القاعدة، أسامة بن لادن، في اتخاذ الولايات المتحدة قرارها بخوض غمار الحرب في أفغانستان، فإن مقتله الذي جاءت في وقت يفكر فيه الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في حجم وسرعة عملية سحب قواته، التي وعد بها، سوف يغيّر على ما يبدو من الحسابات التي تحيط بأي إستراتيجية متعلقة بالخروج من هناك.

والسؤال الذي بات يطرح نفسه الآن، وفقاً لما ذكرته اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية، هو : هل ستعمل وفاته على تسريع أم كبح هذا الانسحاب ؟ وأشارت الصحيفة في هذا الجانب إلى أن أوباما كان قد حدد الصيف المقبل موعداً لبدء سحب القوات الأميركية من أفغانستان. لكن في الوقت الذي ترفض فيه أصوات بارزة داخل البنتاغون اتخاذ أي خطوات دراماتيكية، بدأت تتزايد التوقعات التي تتحدث عن أن الانسحاب سيتم تدريجياً بصورة أفضل مما كان يأمل كثير من رفاقه الديمقراطيين.

وفي خضم هذا النقاش الدائر بشأن إستراتيجية الخروج الأميركية من أفغانستان، بزغ على الساحة تساؤلاً حول الهدف الحقيقي من وراء العمليات الدائرة هناك : هل هو استئصال القاعدة، أم الهدف الأصعب والأكثر طموحاً المتعلق بمكافحة التمرد، الذي يتطلب مشاركة مطولة تهدف إلى دعم وإضفاء الشرعية على حكومته. وبعد مرور أقل من 24 ساعة على إعلان أوباما عن خبر مقتل بن لادن، اتفق طرفا النقاش أن التخلص من رأس تنظيم القاعدة عمل على تعزيز النهج الخاص بهم.

ونقلت الصحيفة في هذا الإطار عن السيناتور جوزيف ليبرمان، رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشيوخ، قوله :quot; أعتقد أن قتل بن لادن يعطينا زخماً متزايداً للحرب في أفغانستان. وإن كنت مكان زعيم حركة طالبان الملا عمر، لكنت سأخاف الآنquot;. لكن رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور كارل ليفين، الذي كان معارضاً لخطوة زيادة القوات، فأكد أنه مازال يعتقد أن أوباما سيبدأ في خفض قواته بشكل كبير خلال شهر تموز / يوليو المقبل. وأضاف في سياق التصريحات التي أبرزتها الصحيفة quot; سيعمل قتل بن لادن على تعزيز تلك الغريزةquot;.

ورأت واشنطن بوست من جهتها أنه وكحد أدنى، فقد أدى هذا التطور على ما يبدو إلى منح الرئيس أوباما مزيداً من المصداقية بشأن تلك المسألة، وقدراً أكبر من المساحات المتعلقة بالمناورات السياسية. وتابعت الصحيفة بقولها إن تجدد النقاش حول المهمة الأميركية في أفغانستان يأتي كذلك في وقت يضع فيه العجز في الميزانية مزيداً من الضغوط على الإنفاق الدفاعي. وفي غضون ذلك، تقدر وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أن 100 أو أقل من عناصر القاعدة لا يزالون في أفغانستان.

من جانبها، أكدت صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن مقتل بن لادن سيثير نقاشاً بالتأكيد حول إستراتيجية إدارة أوباما في أفغانستان، حيث مازال يخوض هناك 100 ألف جندي أميركي حرباً ترمي إلى تدمير تنظيم القاعدة. ولفتت في نفس الجزئية إلى أن الغارة التي استهدفت بن لادن، وتمت بدون تعاون أو حتى معرفة مسبقة من جانب باكستان، أثارت شكوكاً جديدة حول الجهود التي تبذلها الولايات المتحدة منذ فترة طويلة بغية تحويلها إلى شريك جدير بالثقة خلال مطاردتهم للإرهابيين.

ومع اقتراب الرئيس باراك أوباما من تلك اللحظة الحاسمة التي سيحدد من خلالها عدد القوات التي سيسحبها من أفغانستان، ومدى السرعة التي سيلتزم بها لتحقيق ذلك، أكدت الصحيفة أن الغارة المميتة التي تم شنها على رأس تنظيم القاعدة شككت في العديد من الفرضيات الأساسية للإدارة الأميركية بشأن الطريقة التي يمكن الارتكاز عليها لكي لا تتحول أفغانستان إلى ملاذ آمن بالنسبة للإرهابيين الإسلاميين.
وفي وقت أكد فيه مسؤولون من داخل الإدارة الأميركية أن التزاماتهم تجاه أفغانستان وباكستان لن يتم الانتقاص منها بعد وفاة بن لادن، فإنهم قالوا سراً إن الضغوط ستلقى على كاهل أوباما لسحب القوات بسرعة أكبر. وقال جون برينان، مستشار أوباما لشؤون مكافحة الإرهاب، إن باكستان ستظل شريكاً حيوياً في مكافحة الإرهاب، وأكد أن التواجد الكبير لقوات الناتو في أفغانستان لا يزال يشكل ضرورة للحيلولة دون تحول البلاد مرة أخرى إلى quot;نقطة للانطلاقquot; بالنسبة لتنظيم القاعدة.

في حين قال مسؤولون بوزارة الخارجية والبنتاغون، وكذلك مشرِّعون بارزون، إن وفاة بن لادن ستغير حتماً من مجرى النقاش الدائر حول حرب مكلفة ستدخل عما قريب عقدها الثاني. وأوضح مسؤولون في البنتاغون أنهم كانوا يستعدون لإطلاق دعوات تطالب بضرورة المباشرة في سحب القوات الأميركية من هناك بشكل أسرع.

واعترفوا في السياق ذاته أيضاً بأن الدول الأعضاء في حلف الناتو، والذين يرفض كثيرون منهم البقاء في أفغانستان، قد يتحدثون أيضاً عن أن وفاة بن لادن تسمح لهم بالانسحاب بشكل أسرع مما كان مخططاً له. وفي الختام، أوردت الصحيفة عن حسين حقاني، سفير باكستان لدى واشنطن، قوله quot; باكستان بلد ضخم ويوجد به أعداد كبيرة من السكان، يتعاطف بعضهم للأسف مع أهداف الإرهابيين. لكن لا ينبغي أن يُفسِّر تواجدهم في البلاد على أنه، بأي شكل من الأشكال، تواطؤ من جانب الدولةquot;.