تهمس الصحف البريطانية بصوت خافت عن تورط وزير التجارة البريطاني وبنك HSBC في قضايا الفساد في مصر. وكانت صحيفة الغارديان قد كشفت الفضيحة،وقالت إن البنك لعب دوراً في تأمين مئات الملايين من الدولارات للسياسيين المصريين، فيما تحفّظت الحكومة البريطانية في الكشف عن ثروات الرئيس السابق مبارك وعائلته متذرعة بالقانون.


صحف بريطانيةتتحدث عن تورط أحد وزرائها وبنك أتش أس بي في قضايا الفساد المالي في مصر

القاهرة: quot;عملية استعادة هذه الأموال لابدّ أن تتم طبقًا للقانون البريطاني، ومن خلال قرار للمحكمة البريطانيةquot;..هكذا علق السفير البريطاني في مصر على طلب السلطات المصرية في كشف ثروات الرئيس المصري وعائلته وإستردادها.

التصريح يؤكد مدى تحفظ الحكومة البريطانية في الكشف عن ثروات الرئيس وعائلته، متعللة فقط بالقانون البريطاني، إلا أنها قد تخفي ما هو أعمق من ذلك من حول تورط وزير بريطاني وواحد من أكبر البنوك العالمية في فضائح الفساد المالي في مصر.

الصحف البريطانية تهمس وعلى إستيحاء عن تورط وزير التجارة البريطاني وبنك HSBC في قضايا الفساد في مصر، خاصة في تلك الفترة التي عمل فيها لورد جرين رئيس البنك السابق، والذي عيّن بعد ذلك في حكومة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون وزيرًا للتجارة والاستثمار، المثير أيضاً أن جرين عمل نائبًا لرئيس المجلس البريطاني المصري للأعمال في 1998، وهي الفترة التي شهدت بدايات نبوغ رجل السياسة والإقتصاد جمال مبارك نجل الرئيس السابق.

وزير التجارة البريطاني لورد غرين

جملة الإتهامات التي وجّهت إلى الوزير البريطاني كثيرة، إلى الدرجة التي وصفت فيها عضو البرلمان البريطاني كارولين لوكاس ارتباطات البنك مع النظام المصري بأنها quot;تسبب الصدمةquot;، وتثير الشكوك حول حكمة الوزير جرين، وقالت: quot;في ضوء هذا التحقيق فإنه من الأفضل لديفيد كاميرون النظر في كون وضع لورد جرين ممثلاً لهذه الحكومة يعتبر مناسبًاquot;.

ويعدّ بنك HSBC أكثر البنوك العالمية نشاطاً في مصر، هو وبنك سيتي بنك الأميركي، ولكن الأول نجح أكثر من مرة في تأمين أموال لمطوّري العقارات في مصر، التي تقوم ببناء المدن الأكثر رفاهية في مجتمع يعاني أزمة إسكان، حيث نجح البنك في توفير غطاء مالي يقدر بحوالي 450 مليون جنيه استرليني (2.818 مليار ريال سعودي) لشركتي بالم هيلز وطلعت مصطفى، وهو الأمر الذي بينت من خلاله التحقيقات أن هذه الأموال تم تهريب جزء كبير منها للخارج، إلا أنه لم يتم الكشفإن كانت هذه الأموال قد هُربت عبر البنك أم عبر وسيلة أخرى.

صحيفة الغارديان التي كشفت الفضيحة قالت إن البنك لعب دوراً في تأمين مئات الملايين من الدولارات للسياسيين المصريين، فقد نجح البنك في عمليات بيع أسهم لشركة بالم هيلز للتطوير العقاري (وهي واحدة من أكثر الشركات إثارة للجدل) حيث قام بإدارة عملية بيع للأسهم للشركة التي حصلت من خلالها على 128.5 مليون دولار في مارس/آذار 2010.

وبينت الصحيفة أن البنك قام أيضًا بتقديم المشورة لشركة طلعت مصطفى للتطوير العقاري (وهي أكبر شركة مصرية في هذا المجال، وتم سجن مديرها في تهمة التآمر في قتل مغنية لبنانية)، حيث عمل البنك على مساعدتها في بيع أسهم للحصول على نحو 400 مليون جنيه إسترليني (668 مليون دولار).

المثير في الأمر أنه في أكتوبر/تشرين الأول2009 (وفق ما تحققت منه الغارديان) أنه تم وضع حوالي 4 مليارات جنيه استرليني في حسابات quot;بالم هيلزquot; في حسن أن رأس مال الشركة كله لا يتجاوز 700 مليون جنيه مصري (77 مليون جنيه إسترليني)، حيث نقلت الصحيفة عن إنجي الحداد مديرة مجموعة مكافحة الفساد المصري قولها: quot;البنك تعاون مع العديد من الشخصيات المصرية التي أبرمت الكثير من الصفقات المشبوهة، وهذا بالتأكيد مصدر للقلقquot;.

كما إن وزير الاستثمار المصري السابق، الدكتور محمود محيي الدين، وهو الوزير المسؤول عن قطاع الخصخصة في مصر، لمدة ست سنوات حتى عام 2010، كان يعمل مديرًا في فرع البنك مصر، قبل أن ينضم إلى الحكومة، كذلك كان رشيد محمد رشيد وزير التجارة السابق، كما إن الإثنين مطلوبين للسلطات المصرية، وتمكنا من الهرب خارج مصر.

من جهتها، قالت انثيا لوسون من جماعة الحملة العالمية: quot;هذه القضية تثير تساؤلات كبيرة حول نهج إتش إس بي سي نحو الفساد، فإن البنك وافق على إصدار أسهم للمشتري، الذي يزعم أنه اشترى أراض من الدولة، وتباع هذه الأراضي بأسعار عالية جدا، ويجني أصحابها أرباحًا هائلة، وأعضاء مجلس الوزراء هم أنفسهم المساهمون؟ وتساءلت لوسون من هو المسؤول عن اتخاذ القرار بالمضي قدمًا في هذه الصفقات؟quot;.

مصادر صحافية بينت لإيلاف أن التحقيقات التي أجريت مع نجلي الرئيس علاء وجمال، بينت أن هناك إتصالات لهم مع شركات فى قبرص وإحدى الجزر البريطانية التي تعمل فى نشاط إدارة صناديق الاستثمار، ويتم تمويلها من بعض رجال الأعمال. وتشير المستندات إلى أن الشركات التى يساهم فيها علاء وجمال مبارك تقع فى قبرص، إلى جانب شركات أخرى لهما فى بريطانيا ومصر وجزيرتى فيرجين آيلاند وكايمن آيلاند، وهما أكثر مناطق العالم المعروفة بإنشاء ما يسمى بـquot;شركات الأوف شورquot;، وهي الشركات التى تخفى كل المعلومات عن أصحابها، ويديرها آخرون بالوكالة عنهم.

استند ملف التحقيقات إلى وثائق جديدة عن ممتلكات عائلة مبارك في الخارج، وتحديداً فى قبرص، حيث يمتلك ابنا الرئيس السابق شركات عديدة، وهذه الوثائق صادرة من البنك المركزى القبرصي والإسباني.

وعلى الرغم من ذلك، فإن عمليات استرجاع الأموال تبدو مسألة في غاية الصعوبة، خاصة مع إنكار كل المتهمين وجود أموال لهم في الخارج، وعلى رأسهم الرئيس السابق نفسه، الذي نفي في وقت سابق في حديث صوتي لقناة العربية، وجود أموال باسمه في الخارج، إلا أن السلطات السويسرية كشفت أمس عن وجود 470 مليون دولار للرئيس السابق في بنوكها، وهو الأمر الذي يكشف مدى ضخامة ثروة مبارك في الخارج، ويزيد من صعوبة التحقيقات معه.