رأى العقيد السابق في الجيش الجزائري بن اعمر بن جانا أن quot;الاضطرابات التي تحدث حاليًا في ليبيا نسفت كل الجهود التي قامت بها دول الساحل في إطار برنامج مكافحة الإرهابquot;، واعتبر في الوقت نفسهأن quot;القذافي و الثوار منحوا الجماعات المسلحة في هذه المنطقة فرصة ثمينة ونادرة من أجل إعادة تنظيم البيت الداخلي، والتسلح بكل أنواع العتاد الحربي، كما منحوا فرصة للتدخل الأجنبي في المنطقةquot;.


Libya rebels eye OPEC meet as oil minister defects
إعتصام لأهالي الضحايا الذين سقطوا في ليبيا خلال المواجهات مع الجيش

قال العقيد بن جانا، الذي شغل منصب ملحق عسكري للجزائر لمدة ثلاث سنوات في سوريا ولبنان والأردن، لـ quot;إيلافquot;،إن quot;المتغيرات الجديدة التي تحدث في العالم العربي بشكل عام ودول الجوار للجزائر بشكل خاص، تدخل في إطار تأثيرات ظاهرة العولمة، وهي تيار جارف، ولا يوجد أي حلّ أو قوة يتم عن طريقها مواجهة هذا السيل سوى ركوب موجته، وتم في إطار هذه الظاهرة وضع قوانين ومكائد يتم عن طريقها تحطيم أي قوة ناشئة، خاصة الدول المستضعفة وقضية التدخل الأجنبي من أجل حماية الشعوب، هي من ضمن هذه المكائد، ومع تطور الوسائط المتعددة أصبح من المستحيل على الدول أن تحمي حدودها وأمنها من تسلط الأنظمة الغربية، وهو الأمر الذي له تأثير مباشر على قضايا الأمن الوطني للدولquot;.

وحسب العقيد بن جانا،فإن quot;رعاية مصالح المواطنين في كل الجوانب موازاة مع ضرورة تحضير الجوانب الشرعية والقانونية لمواجهة الانفعالات التي قد تحدث في حال عدم القدرة على تحقيق المطالب الشعبية، هو من صميم الأمن الوطني، وما شهدته الجزائر خلال الآونة الأخيرة من حركات احتجاجية مختلفة هو ما يفرض على الدولة الجزائرية إيجاد وسائل لمجابهة هذه التحركات، من خلال تدريب قوات الأمن على كيفية التعامل مع الجماهيرquot;.

وأشار العقيد إلى أن quot;هناك تحديات داخلية عدة تواجه الأمن الوطني، أهمها إعطاء الحق للشعب في المشاركة في العملية السياسية، وإيجاد الشفافية في توزيع الثكنات، مع محاولة تنظيم المنظومة التربوية وتحسين العدالة ومحاربة مظاهر الرشوة والمحسوبة وكل المشاكل التي تزعج المواطنين، وقد تؤدي بهم إلى الخروج إلى الشارع هذه المشاكل يجب على المنظومة السياسية أن تتكفل في حلها، لأنها قد تشكل تأثيرًا ونقاط ضعف ومناطق اختراق بالنسبة إلى الأمن الوطنيquot;.

أما من ناحية المخاطر التي تحدق بالجزائر على المستوى الخارجي، فأكد العقيد أن quot;كل الحدود الجزائرية فيها مشاكل وتوترات، هناك مشكل مع المغرب، يتعلق بمشكلة الصحراء الغربية، التي تبقى دائما نقطة توتر وتحول من دون تحقيق اتحاد المغرب العربي، ومنطقة الساحل، وهي منطقة شاسعة جدًا، ودولها ضعيفة وفقيرة، لا تستطيع التحكم بهذه المناطق الواسعة والشاسعة، وأخيرًا الانتفاضة في تونس، والتي تبقىحتى الآن في حدود القيام بمظاهرات ومناوشات سلمية، لكنها قد تتطور، وتشكل خطرًا يهدد الحدود المشتركة. أما الخطر الأكبر والمباشر هو ما يحدث حاليًا في ليبياquot;.

العقيد بن جانا

واضاف ان الجزائر تعتبر ان ما يحدث في ليبيا شأن داخلي، لكن هذه الاضطرابات قد يكون لها امتداد خارجي يصل إلى الجزائر، لأن الحدود بين الجزائر وليبيا طويلة جدًا تصل إلى 982 كلم، وهذه المنطقة صحراوية جرداء، وهناك بعض الأماكن تتخللها الجبال، وبعض الأماكن تتخللها المناطق الرملية المتحركة، وفيها مناطق عبور للمهربين، لا يحسنها إلا المهربون، وفيها عناصر مياه يستعملها هؤلاء والإرهابيون للعيش لفترة معينة، وهذه المنطقة تقريبًا يستحيل السيطرة عليها بالوسائل المتاحة حاليًا، والإرهابيون يحسنون استعمال الأرض، ويحسنون الطرق والمسالك والفجوات الموجودة بين الوحدات العسكرية على مستوى الحدود.

فمرورهم من ليبيا الى الجزائر لا يشكل صعوبة بالنسبة إليهم، لكنه في المقابل يشكل صعوبة جمة وكبيرة بالنسبة إلى القوات المسلحة الجزائرية ولحرس الحدود، ويستحيل رغم الأعداد الكبيرة للقوات المسلحة المختلفة من أفراد الجيش وحرس الحدود والدرك الوطني والجمارك، وحتى بالنسبة إلى المواطنين الطوارق، الذين هم وطنيون بدرجة كبيرة جدًا، وهم قوة الجزائر الفعلية على الحدود مراقبتها quot;، وهو ما يشكل خطرًا على الجزائر، لأن كل الأسلحة بكل أنواعها وأحجامها موجودة على الأرض، وأي شخص في ليبيا يمكنه أن يتحصل على قطعة سلاح يريدها بكل سهولة.

وفي الوقت السابق كانت المجموعات الإرهابية تشتري الأسلحة بثمن باهظ جدًا عن طريق الحصول على الأموال بطرق عدة، أهمها اختطاف الأجانب وطلب فدية أو عن طريق تجارة المخدرات أو التجارة بالأعضاء البشرية أو الهجرة غير الشرعية، هذه الوسائل كانت مصدرًا ماليًا بالنسبة إلى الإرهابيين، لكن الحاصل الآن هو أن الأسلحة موجودة بدون ثمن وأي نوع من الأسلحة وحتى الأسلحة ذات التقنية العالية جدًا، وكانت هذه الجماعات سابقا تقتني أسلحة تقليدية فقط مثل الرشاش والكلاشينكوف. أما الآن فأصبحت إمكانية حصول هذه الجماعات على كل الأنواع بداية من صواريخ ارض جو إلى الصواريخ المضادة للدبابات إلى الأسلحة الثقيلة بكل أنواع الذخيرة كل هذه الأنواع من الأسلحة تصل إلى الجماعات الإرهابية ممكنة جدًا.

وحول الإحصائيات، التي تقول إن هناك نحو عشرين مليون قطعة سلاح يتم تداولها على الحدود الجزائرية الليبية، قال العقيد بن جانا انه quot;لا يستطيع تأكيد أو نفي الرقم، لكن بالنظر إلى الإرهابيين الذين ينشطون في منطقة الساحل، الذين قدرهم ما بين 30 إلى 200 إرهابيًا، فإن العدد المذكور مستبعد جدًا، لكن هذه الجماعات تحاول تقريب أكبر كمية ممكنة من الأسلحة إلى الحدود الجزائرية في انتظار إدخالها إلى الجزائرquot;.

ووصف العقيد بن جانا، الذي يحدث حاليًا في ليبيا بالفتنة، معتبرًا أن quot;هذه الفتنة تمنح فرصة استثنائية للمجموعة الإرهابية لكي تتسلح وتدعم نفسها بالأسلحةquot;.

أما في ما يخص تأثير اضطرابات ليبيا على الوضع الأمني في دول الساحل، فاعتبر العقيد بن جانا أنquot;منطقة الساحل منطقة واسعة جدًا، وهناك المنطقة الجبلية ما بين ليبيا السودان تشاد والنيجر هي منطقة آمنة مثالية بالنسبة إلى الجماعات الإرهابية، وقد تصبح منطقة تكوين وتدريب وتدعيم وتسليح المجموعات فيكل الاتجاهات بالنسبة إلى الاتجاه الجزائري تجاه دول إفريقيا، أو في اتجاه الشمال، وقد تصل حتى تونس لأن الجيش التونسي الآن أسندت إليه مهام أخرى، هي الحفاظ على الأمن، لذلك فهو غير مركز، ولا يستطيع في الوقت نفسه مراقبة حدوده مع ليبيا، والجزائر، وقد تستغل الجماعات الإرهابية هذا العامل لمصلحتها.

أما من ناحية ليبيا فإن قوات الجيش الليبي انسحبت بشكل كامل من الحدود مع الجزائر، ولا توجد أية قوة لحماية الحدود، وهو ما يشكل تحديًا حقيقيًا للقوات المسلحة الجزائريةquot;. وإعتبر في هذا السياق أن quot;الجزائر قامت بمجهود كبير لجمع دول في إطار منظومة معينة من أجل محاصرة المجموعات الإرهابية والقضاء عليها ومن أجل الدفاع والوقوف في وجه تغلغل القوى الخارجية في المنطقة، لكن للأسف القذافي والثوار منحوافرصة للمجموعات الإرهابية من أجل استرجاع أنفاسها، ومنحوا فرصة سانحة جدًا للتدخل الخارجي في منطقة الساحلquot;.

في ما يتعلق بتنظيم القاعدة في الجزائر اعتبر العقيد أن quot;المجموعات الإرهابية تقريبًا قضي عليها وفقًا للمنظور العسكري بنسبة 90 أو 95%، ومن الناحية السياسية ساهم برنامج المصالحة الوطنية في القضاء على هذه الظاهرة تقريبًا بشكل نهائي، ضف إلى ذلك أن هذه المجموعات منبوذة من طرف الشعب الجزائري، الذي يعتبر أن الإرهاب آفة يجب القضاء عليها بكل الوسائل quot;.

أما العمليات التي تقوم بها الجماعات الإرهابية أخيرًا فاعتبرها عمليات متوقعة، لكنها لا يمكن وصفهابالخطرة، لأنها استعراضية، الهدف منها الظهور الإعلامي، والأصل أن هذه الجماعات لا تملك في الحقيقة قوة التأثير في الميدان، و أحيانًا هذه الجماعات تستغل فترات تغيير الوحدات المرابطة في الجبال، وتقوم بعمليات إرهابية.

وأضاف أنه لا توجد إحصائيات دقيقة عن عدد الإرهابيين الموجودين في الجزائر، لكن quot;عمومًا هذه المجموعات أصبحت غير متماسكة ومنقسمة ومنعزلة،وأصبحت لا تموّل من ناحية الأكل والمشرب والذخيرة والأسلحةوحتى من ناحية التجنيد والتعبئة انخفضت نسبته إلى حدود 98%، لكن للأسف القضية اللبيبة قد تساعد هذه الجماعات على إيجاد حلول لهذه الوضعية، لكن الجيش الوطني بالمرصادquot;.

وحول مدى تأثير مقتل بن لادن على مستقبل هذا التنظيم في الجزائر، اعتبر العقيد بن جانا أن quot;الجماعات المسلحة في الجزائر منذ نشأتها كانت تفتقد قيادة مركزية، ومنذ نشأتها كانت منقسمة ومبعثرة، ودائمًا كانت تتناحر في ما بينها على الزعامة، ووصل الأمر إلى تصفيات جسدية داخل الجماعة الواحدة أو ما بين الجماعات، وأحياناً تسمي هذه الجماعات اسمًا معينًا لاستخدامه إعلامياً فقط، لكن الحاصل أن هناك نزاعًا دمويًا في ما بينهم، ودرودكال الذي يسمى أميرًا للتنظيم في بلاد المغرب الإسلامي لا يملك سلطة مثلاً على بلمختار في الصحراء ولا في مناطق أخرى.

كما إن الجماعات الإسلامية المقاتلة في المغرب العربي لم يكن لها انتماء أو ارتباط عضوي مع تنظيم القاعدة،وأخيرًا فقط حاولوا تبني فكر تنظيم القاعدة، لكن عمومًا المجموعات الإرهابية في الجزائر لم يكن لها أبدًا ارتباط عضوي بتنظيم القاعدة،quot;لكن في المقابل، يضيف العقيد، إن quot;موت بن لادن لا يعني موتالفكر الجهادي، وهذا الفكر لا يموت إلا بزوال الجوانب السلبية للدول الغربية، خاصة سياسية هذه الدول تجاه القضية الفلسطينية، والتي تعتبر أمّ القضايا بالنسبة إلى الشعوب العربية والإسلامية، وهي قضية مركزية في الصراع الحاصل، وكذلك تصرفات الدول الغربية، و خاصة العجرفة الأميركية وظلمها المسلط على الدول، وتدعيم الحكام الديكتاتوريين في الدول العربية والإسلامية، لم يتركوا للشعب العربي والإسلامي حرية التعبير وحرية اختيار حكامهم، وكل هذه الأمراض تؤثر بشكل مباشر على الفكر الجهادي، وسيبقى هذا الفكرحتى انتهاء أسباب نشأتهاquot;.

أما بخصوص اتهامات المجلس الوطني الانتقالي للجزائر بنقل مرتزقة إلى ليبيا، فاعتبرها العقيد بن جانا اتهامات غبية فهل quot;من المعقول أن تقوم الجزائر بشحن مرتزقة، ويتم نقلهم عبر طائرات إلى مطار طرابلس في إطار سري، أنا لا أدري كيف يفكر هؤلاء. العالم أصبح قرية صغيرة. وكل طائرة تطير من الجزائر أو أي منطقة من العالم هي مدونة، و معروف اتجاهها وارتفاعها ونزولها وما إلى ذلك، وكيف تغيب عن وسائل استطلاع الدول الغربية، ومنها أميركا، التي ترعى اتهام الجزائر، بهذا الأمر، ولا يتفطن لها سوى أعضاء المجلس الوطني الانتقالي. فهذا اتهام جزافي باطل، ولا معقول، وإتهام غبي ومحاولة توريط الجزائر بهذه الطريقة محاولة غبيةquot; يضيف العقيد بن جانا.