في خطوة غير مسبوقة، وجه مئير داغان، مدير جهاز laquo;الموسادraquo; السابق، انتقادات حادة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته، ووصفهما بـlaquo;التهور واللامسؤوليةraquo;. لم يكتف بذلك، بل أكثر الثناء على المحاولات العربية الرامية إلى التوصل الى اتفاقية سلام فلسطينية ndash; إسرائيلية.


نتانياهو وداغان في أعقاب تنحّي الأخير عن إدارة الموساد

صلاح أحمد من لندن: شنّ مدير laquo;الموسادraquo; السابق، مئير داغان، هجومًا لاذعًا غير مسبوق على رئيس وزراء بلاده بنيامين نتنياهو بسبب إخفاقه في إحراز تقدم مع الفلسطينيين، ولعدم تورّعه من المضي قدمًا في مشروع مهاجمة إيران.

وقد تنحّى داغان قبل ستة أشهر من منصبه، لكنه يمضي الآن إلى الهجوم على حكومة بلاده في سلسلة من اللقاءات الإعلامية والعامة لأنه ndash; كما نقلت laquo;غارديانraquo; البريطانية ndash; يعتقد أن نتنياهو ووزير الدفاع إيهود باراك laquo;يسيئان إدارة البلادraquo; على حد قوله.

وقال داغان في لقاء مع صحيفة laquo;يديعوت أحرونوتraquo; الإسرائيلية: laquo;يوفال ديسكين، سابقًا مدير الاستخبارات الداخلية laquo;شين بيتraquo;، وغابي آشكينازي، سابقًا قائد الجيش، وشخصي، كان بوسعنا منع نتنياهو وباراك من الوقوع في الخطأ. لكننا تركنا مناصبنا وحل في أماكننا أشخاص اختارتهم الحكومة الحالية (بسبب ولائهم الأعمى لها)raquo;.

وأضاف قوله: laquo;قررت أن أدلي بآرائي إذا كنا ثلاثتنا قادرين على منع نوع المغامرات الخطرة التي يمكن أن يقودنا اليها نتنياهو وباراك. والآن فلا يوجد من يمنع هذا للأسفraquo;. وكان داغان قد حذر لدى تركه منصبه من مغبة مهاجمة ايران عسكريًا بسبب برنامجها النووي.

في أحاديثه الأخيرة تلك، جدد قوله إنه في حال هاجمت إسرائيل إيران laquo;فستجد نفسها في قلب حرب إقليمية تهدد بقاءها هي نفسهاraquo;. ويعتبر المحللون أن خطورة هذه الانتقادات على نتنياهو وحكومته تنبع من حقيقة أن داغان ينتمي ndash; مثل رئيس الوزراء نفسه - إلى اليمين الإسرائيلي، ولذا فهي تندرج في باب laquo;شاهد من أهلهاraquo;.

يذكر أيضًا أن داغان نفسه أشرف على عمليات إسرائيلية خارجية شرسة عديدة خلال السنوات القليلة الماضية، بما فيها اغتيالات في لبنان وسوريا ودبي، وهجوم جوي على ما يشتبه في أنه مفاعل نووي سوري.

لكنه انتقد امتناع الحكومة الإسرائيلية أيضًا عن القيام بأي مبادرة من شأنها حل النزاع مع الفلسطينيين. وقال إن غياب أي خطة في هذا الصدد سيعرض بلاده للخطر، ويضعها في موقف ضعيف في حال سعى الفلسطينيون - وحصلوا - على اعتراف الأمم المتحدة بدولتهم المستقلة في وقت لاحق من العام الحالي.

وقال داغان إنه يؤيد الخطة السعودية القاضية بتطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل إذا توصلت هذه الأخيرة الى اتفاق شامل مع الفلسطينيين. ويلخص الصحافي الإسرائيلي البارز آري شافيت موقف داغان في تحليل له على صفحات laquo;هآريتزraquo; بالقول: laquo;داغان قلق للغاية إزاء سبتمبر/ ايلول 2011. وهو ليس متخوفًا من أن تكتسح عشرات آلاف الفلسطينيين المستوطنات الإسرائيلية، وإنما من أن تجد إسرائيل أنها معزولة، ومن أن يدفع هذا الوضع بقادتها إلى ارتكاب حماقات خطرة ضد إيرانraquo;.

من جهته كتب بن كابسيت في صحيفة laquo;معاريف إن داغان laquo;أحد الساسة الأكثر يمينية وتعنتًا ممن وُلدوا في هذه البلاد. وهو من أشد المعادين للعرب، وكان يفعل بهم ما حلا له. وعندما يحذرنا رجل كهذا من أن قادتنا متهورون ويفتقرون الرؤية الثاقبة، فعلينا ألا نخلد إلى النوم الهانئ ليلاًraquo;.

تأتي انتقادات داغان لنتنياهو في وقت يتمتع فيه هذا الأخير بارتفاع أسهمه في أعقاب زيارته واشنطن ومخاطبته الكونغرس الأميركي. فقد أوضحت استطلاعات الرأي الأخيرة أنه يتفوق على أقرب منافسيه بتسع نقاط مئوية، وأن حزبه laquo;الليكودraquo; هو الأكثر شعبية في البلاد على الإطلاق.

لكن المحللين يقولون إن انتقادات داغان الحادة لرئيس الوزراء تعني أنه بينما يُرى هذا الأخير باعتباره لاعبًا ماهرًا، فإن داغان نفسه يراه غير ذلك. من جهتهم قال بعض المسؤولين الحكوميين لوسائل الإعلام الإسرائيلية إن مدير الموساد السابق laquo;ظل منشقًا على وحدة الصف في المسألة الإيرانية، وهذا يخلّ بقوة الردع، لأن الخيار العسكري يجب أن يكون مطروحًا على الدوام باعتباره بديلاً من العقوبات الاقتصادية الدوليةraquo;.

وقال أحد الوزراء: laquo;إذا عبّرت شخصية بارزة عن أي رأي يقول بالامتناع عن مهاجمة إيران، فهو يقول عمليا إن إسرائيل ضعيفة وخائفة منها، وإن بوسع طهران فعل ما يحلو لها. كما إن تصريحات كهذه ستبعث برسالة الى العالم مفادها أن بوسعه التخلي تمامًا عن مسألة العقوبات الاقتصادية على النظام الإيرانيraquo;.