تتأهب تل أبيب لمجابهة أحداث لا تختلف كثيراً عن ذكرى النكبة والنكسة، إذ تشير التقديرات إلى وقوف اسرائيل على أعتاب تحديات مماثلة براً وبحراً وجواً، فيما نظّمت وسائل الإعلام العبرية حملة لإحباط مواجهات خط التماس مع سوريا مجدداً، معتمدة في ذلك على المعارضة السورية في واشنطن.


أمن إسرائيل يتعرّض لتهديدات غير مسبوقة من محاور مختلفة

تل أبيب: أعلنت أجهزة الأمن الإسرائيلية حالة الاستنفار القصوى، تحسباً لما وصفته بتهديدات غير تقليدية لأمن إسرائيل، وعلى خلفية تلك الإرهاصات اعتبرت الدوائر الأمنية في تل أبيب أن ذكرى يوم quot;النكبةquot;، وما تلاه من إحياء العرب لذكرى يوم quot;النكسةquot;، هما حلقة في سلسلة طويلة من التهديدات التي من المقرر أن تجابهها إسرائيل خلال الأيام القليلة المقبلة.

فبعد تنفس الأمن الإسرائيلي الصعداء، إثر هدوء الجبهة الشمالية، وما شهدته من محاولات شعبية سورية، ترمي الى اجتياز الخط الحدودي الفاصل مع إسرائيل، تستعد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مجابهة ما اعتبرته تهديداً لا يقلّ خطورة عن سابقية quot;النكبة، والنكسةquot;.

تكرار المشهد الدامي

وفقاً لمعطيات نشرتها صحيفة معاريف العبرية، تستعد أجهزة الامن الإسرائيلية لمجابهة ما وصفته الصحيفة بـ quot;تهديدات البر والبحر والجوquot;، في وقت انشغلت فيه اسرائيل بالتعامل مع السوريين الذين حاولوا دخول اسرائيل خلال إحياء ذكرى يوم quot;النكسةquot;.

أسفر ذلك عن مقتل ما يربو على 20 قتيلاً سورياً، لاح في الافق اعتزام الشعوب العربية إحياء ذكرى quot;يوم القدسquot;، المقرر يوم الثلاثاء المقبل، وأمام تلك المناسبة الوشيكة، لا تستبعد اسرائيل تكرار المشهد الدامي عند الاصطدام بالسوريين، بل تعتقد، بحسب تقديرات أجهزتها الامنية، وما نقلته عنها الصحيفة العبرية، ان تكون المواجهة أشد عنفاً وضراوة، سيما انها لن تقتصر على الجبهة السورية فقط، وانما ستطول الضفة الغربية وقطاع غزة.

إذ يعتزم الفلسطينيون وغيرهم من العرب تنظيم مسيرة جماعية، تتوجه - من دون الاكتراث بأية قيود امنية تضعها اسرائيل ndash; الى مدينة القدس، وفي تمام الساعة الواحدة من ظهيرة يوم الثلاثاء المقبل، وفقاً لتقديرات المطبخ الامني في تل أبيب، تقف الجماهير الفلسطينية دقيقة حداد على ارواح الشهداء الفلسطينيين. وتزامناً مع ذلك، تتوجه قافلة مصرية الى قطاع غزة، تحمل على متنها مواد بناء ومساعدات انسانية للفلسطينيين في القطاع.

وتعتقد دوائر الامن الاسرائيلية ان المواجهة المنتظرة آتية من البحر، إذ تستعد قافلة quot;الحرية 2quot; التي تقودها عدد من المنظمات في مقدمتها منظمة IHH التركية والاوروبية لرفع الحصار المفروض على قطاع غزة، ومن المقرر، بحسب تقديرات صحيفة يديعوت احرونوت، ان تقلع القافلة في نهاية الشهر الجاري، على الرغم من محاولات عرقلة طريقها من قبل الولايات المتحدة واسرائيل، إذ اعلن quot;بولانت يلدريمquot; رئيس منظمة IHH انه من المقرر ان يشارك في القافلة المرتقبة ما بين 13 الى 15 سفينة بحرية، تتقدمها السفينة التركية quot;مرمرةquot;، التي كانت في طليعة قافلة المساعدات المتوجهة الى قطاع غزة في العام الماضي، كما إنه من المقرر ان يشارك في القافلة الجديدة 1.500 ناشطًا، وهو العدد الذي يزيد بكثير عن عدد الناشطين الذين كانوا على متن قافلة العام الماضي.

لفت انتباه المجتمع الدولي

تؤكد التقديرات الاسرائيلية ان القائمين على قافلة quot;الحرية 2quot; يسعون إلى لفت انتباه المجتمع الدولي عن طريق ضم عدد ليس بالقليل من الشخصيات العالمية الشهيرة الى قافلتهم، إذ إنه من المتوقع مشاركة quot;اليس ووكرquot; الاديبة الحائزة جائزة نوبل، وفي حديث مع صحيفة quot;يسرائيل هايومquot; العبرية، اكد رئيس منظمة IHH يلدريم انه: quot;اذا منعت اسرائيل قافلة quot;الحرية 2quot; من دخول قطاع غزة، فسوف تواصل سفن القافلة إبحارها في المياه الدوليةquot;.

وترى إسرائيل أن هذا الاصرار يأتي في اطار محاولات القائمين على القافلة لفت انظار المجتمع الدولية وتدويل قضية الحصار المفروض على قطاع غزة، كما إن تركيا التي اعلنت انها لن تتمكن من منع قافلة quot;الحرية 2quot; من مواصلة طريقها باتجاه قطاع غزة، هددت بأنه اذا تعرضت القافلة لاية تهديدات من قبل اسرائيل، فسوف ترد بالأسلوب نفسهعلى تلك التهديدات.

التحديات التي من المقرر ان تجابهها اسرائيل في المستقبل القريب لم تقف عند هذا الحد، بحسب تقرير نشره موقع quot;NFCquot; العبري، إذ تستعد اجهزة الامن الاسرائيلية لمواجهة اخرى مضادة، غير انها آتية في تلك المرة من الجو، ففي الثامن من شهر تموز/ يوليو المقبل، يستعد عدد من النشطاء، للوصول الى ميناء بن غوريون الجوي في اسرائيل، آتين من دول مختلفة في محاولة لإرباك إسرائيل ولفت أنظار وسائل الإعلام العالمية.

ووفقاً للتقرير العبرية، لم ترصد اجهزة الامن الاسرائيلية أسباب زيارة هؤلاء النشطاء لإسرائيل، غير ان الاعتقاد السائد لدى الأجهزة الاسرائيلية هو اعتزام هؤلاء النشطاء دخول الاراضي الفلسطينية، ومشاركة الفلسطينيين بقطاع غزة والضفة الغربية في أنشطتهم المناوئة لإسرائيل.

وينقل التقرير العبري عن هؤلاء النشطاء قولهم: quot;نعتزم الهبوط في مطار بن غوريون الاسرائيلي، بعد هدم السلطات الاسرائيلية الميناء الجوي الفلسطيني الوحيدquot;.

إلى ذلك، اعترفت أجهزة الامن الاسرائيلية بأنه ليست لديها quot;حتى الآنquot; اية معلومات حول احداث مناظرة، قد تواجهها اسرائيل خلال الاشهر القليلة المقبلة، باستثناء ما ينتظره الفلسطينيون انفسهم خلال شهر أيلول/ سبتمبر المقبل، من اعلان لقيام دولة فلسطينية عن طريق الجمعية العامة للامم المتحدة.

وترى صحيفة يديعوت احرونوت انه إذا فشل الفلسطينيون في تحقيق هذا الهدف، واستشعروا الاحباط ازاء فشل المساعي الدبلوماسية للوصول الى هدفهم، فمن غير المستبعد اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية وقطاع غزة، ربما لن تستطيع اسرائيل كبح جماحها.

التحريض على التحرش بـ 1000 دولار

في محاولة لتحجيم التصادم مع الجماهير السورية خلال المناسبات المرتقبة، تبنت وسائل الاعلام العبرية حملة واسعة النطاق، اتهمت فيها الرئيس السوري بشار الاسد بتحريض السوريين على التحرش بإسرائيل، لنقل جبهة الاحتجاجات المناوئة له الى إسرائيل، واعتمدت اسرائيل في حملتها على ما وصفته بـ quot;حزب الإصلاح السوريquot; في واشنطن، وبحسب صحيفة يديعوت أحرونوت، أكد أقطاب الحزب: quot;ان بشار الاسد خصص مبالغ مادية هائلة للمحتجين، الذين انتشروا امس الاحد على خط التماس مع إسرائيلquot;.

وادعى أقطاب الحزب السوري المعارض المقيمون في واشنطن، انهم تلقوا معلومات من دوائر استخباراتية لبنانية مقربة من بشار الاسد، ان السوريين الذين تظاهروا قبالة إسرائيل احياء لذكرى يوم quot;النكسةquot;، هم مجموعة من المزارعين السوريين الفقراء، وانهم هاجروا خلال السنوات القليلة الماضية من شمال شرق سوريا الى جنوب البلاد.

ووصل هؤلاء المزارعون الى خط التماس مع اسرائيل، بعد ان حصل كل فرد منهم على مبلغ الف دولار، كما تعهد النظام السوري بتخصيص مبلغ 10.000 دولار لأسرة كل شخص منهم، يلقى حتفه في المواجهات مع جنود الجيش الإسرائيلي.

ووفقاً لما نقلته الصحيفة العبرية عن كوادر المعارضة السورية، لا يتجاوز الدخل الشهري لهؤلاء المزارعين السوريين سقف الـ 200 دولار، مما يعني أن التظاهر على خط التماس مع إسرائيل يعفي كل مزارع من هؤلاء عناء العمل لمدة ستة اشهر كاملة قياساً بالأجر الذي يتقاضاه شهرياً.