رئيسة حزب quot;الجبهة الوطنية الفرنسيquot; مارين لوبان

أثار تصريح رئيسة حزب الجبهة الوطنية والمحامية الفرنسية مارين لوبان الداعي إلى مناقشة إزدواجية الجنسية في فرنسا، لا سيما الجزائريين منهم، زوبعة لم تهدأ حتى اللحظة في الأوساط الجزائرية، التي اعتبرت تلك التصريحات عنصريّة.


الجزائر:وصفت شخصيات سياسية وحقوقية في الجزائر التصريحات الأخيرة لـ مارين لوبانبـquot;العنصرية والانتقائيةquot;، ففي الوقت الذي إعتبر فيه الناشط الحقوقي مصطفى بوشاشي أن هذه تصريحات quot;انتقائية وموجّهة للإستغلال الإنتخابيquot;،دعا القيادي البارز في حزب جبهة التحرير الوطني quot;لعياشي دعدوعةquot; جميع الجزائريين مزدوجي الجنسية إلى التخلّي فـورًا عن الجنسية الجزائرية.

كلام لوبان ابنة زعيم اليمين المتطرف جون ماري لوبان، جاء في خطاب أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، التي دعتفيه إلى ضرورة مناقشة قضية ازدواجية الجنسية في فرنسا، خاصة بالنسبة إلى الجزائريين، الذين يبلغ عددهم نحو أربعة ملايين جزائري مقيمين داخل فرنسا، مؤكدة في الوقت نفسه أن هذا العدد يهدد الإنسجام الجمهوري، ومطالبة بضرورة إلغاء الإزدواجية الجنسية، مشددة على الجزائريين الذين لم يتخلوا عن ولائهم للوطن، رغم انتمائهم إلى الجيل الثالث، وبرز ذلك بوضوح لدى اليمين المتطرفخلال تصفيات مونديال جنوب أفريقيا الأخير، حيث خرج الآلاف من الجزائريين في فرنسا للإحتفال بتأهل منتخب بلادهم، حاملين الرايات والأعلام الجزائرية، وهو ما لم يعجب أنصار هذا التيار.

ردود فعل مناهضة لموقف لوبان
تساءلت لوبان قائلة quot;هل بإمكاننا التفكير بأن فرنسا ستطلب تدخلاً دولياً في ليبيا لو كنا أحصينا العدد نفسه لمتعددي الجنسية الليبيين على الأراضي الفرنسية، كيف يمكن أن نغفل مثل هذه الحقيقة الخطرة في حال تدخل فرنسا على التراب الجزائري، تحت وصاية حلف شمال الأطلسي، أمام حضور مكثف لمواطنين بانتماءات مزدوجةquot;.

حول موقفه من تصريحات لوبان، أكد quot;العياشي دعدوعةquot; القيادي البارز في جبهة التحرير الوطني، ورئيس كتلة الحزب في البرلمان الجزائري في حديثه لـquot; إيلافquot; أنه ليس غريباً على هذه العائلة أن تصدر منها تلك التصريحات العنصرية المناوئة للمهاجرين في فرنسا، سواء كانوا من الجزائر أو غيرها.

معتبراً أن هذهتصريحات تأتي ضمن المحاولات المتكررة من اليمين المتطرف في فرنسا للإساءة إلىالجزائريين بشكل خاص، نتيجة أحقاد وتصفية حسابات تاريخية متعلّقة بإخراج الثوار الجزاريين المستعمرين الفرنسيين، ودعا كل الجزائريين المزدوجي الجنسية إلى التخلي فـورًا عــن الجنسية الفرنسيةلأنها حسب رأيه ــ جنسية quot; إجرامquot;.

القيادي الجزائري العياشي دعدوعة

ضرورة إعتذارالجانب الفرنسي عن اخطاء الماضي

وحول انتقادات لوبان لوزير المجاهدين محمد الشريف عباس الذي صرح في وقت سابق quot;بأن العلاقات الفرنسية الجزائرية لا يمكنها الوقوف على أسس دائمة من دون إعتذار فرنسي رسمي عن جرائمه المرتكبة في حق الشعب الجزائريquot;.

وأضاف دعدوعة أنتصريحات عباس هي في الإتجاه الصحيحقائلاً quot;نحن مصرّون على ضرورة إعتراف فرنسا بجرائمها المتركبة ضد الشعب الجزائري أيام الاستعمار، وعليها أن تعوّض على كل ضحايا الإنتهاكات المرتكبة في حق الشعب الجزائريquot;.

وتابع قائلاً: quot;قمتأخيراً بزيارة إلى منطقة رقان، ووجدت في حي واحد حوالي 40 طفلاً فاقداً للبصر، بسبب تأثيرات التفجيرات النووية التي قامت بها فرنسا في المنطقةquot;.

من جهة أخرى، إعتبر رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان المحامي مصطفى بوشاشي في حديث مع quot;إيلافquot; أنالحق في الجنسية هو مـن حقوق الإنسـان، والحاصلون على الجنسية الفرنسية هم مواطنون فرنسيون، ولا يمكن سحب الجنسية منهم وحرمانهم منها، إلا إذا ارتكبوا مخالفات خطرة يعاقب عليها القانون الفرنسي.

من الناحية السياسية، يعتقد بوشاشي quot;أن اليمين المتطرف في فرنسا له مواقف ضد الأجانب بصفة عامة، وضد الجزائريين وسكان شمال إفريقيا بصفة خاصة، وهذه المواقف تنم عن نوع من العنصرية، وهي ليست المرة الأولى التي نسمع مسؤولاً من الجبهة الوطنية في فرنسا يدلي بهذا النوع من التصريحاتquot;.

ويضيف مؤكداً أن quot;الشعب الفرنسي والمجتمع المدني في فرنسا لن ينساق وراء هذه الدعوات العنصرية ضد الجزائريين أو ضد الأجانبquot;.

مواقف وآراء حول موضوع quot;حق الجنسيةquot;

رئيس الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان مصطفى بوشاشي

عن إمكانية تأثير تصريحات لوبان، وقبلها دعوة لنائب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية quot;كلود غواسغنquot;إلى مناقشة الحق في الجنسية من خلال تحديد ظاهرة مزدوجي الجنسية، وتحديد الحقوق السياسية لهذه الفئة، اعتبر بوشاشي أنه quot;لا يمكن لأي قانون في فرنسا التفريق بين الذين يملكون الجنسية المكتسبة أو الجنسية الأصلية، لكون كلاهما لديه الحقوق نفسهاوالواجبات المدنية والسياسية عينها،وبالتالي فهي مجرد تصريحات لجلب عدد أكبر من الناخبين،أكثر مما هو برنامج سياسي حقيقي.

ثم يضيف: quot;يجب دائمًا قبل الوصول إلى برنامج سياسي وقانوني حقيقي أن ندين مثل هذا النوع من التصريحات الانتقائية والعنصرية، ضد الجزائريين أو غيرهم بصفة عامةquot;.

وبخصوص تصريحات وزير المجاهدين، قال بوشاشي quot;وزير المجاهدين في الجزائر حر في تصريحاته، وما قاله بأن فرنسا ارتكبت جرائم في حق الشعب الجزائري هي حقيقة، لكن تمنينا لو لم نصل إلى هذا النوع من الاحتقان بين الدولتين، وكانالأجدى على المؤسسات الفرنسية أن تعترف بجرائمها المرتكبة في حق الشعب الجزائري أثناء فترة الإستعمار، وخصوصًا أثناء الثورة التحريرية وهذا ليس عيباً،لأن كل الأمم أخطأت، ومنها ألمانيا، التيأخطأت في حق الكثير من الشعوب، بمن فيهم اليهود، والايطاليون أخطأوا في حق الليبيين، واعتذروا بطريقة ضمنية من خلال تعويض الشعب الليبي عما قاموا به أثناء الفترة الاستعماريةquot;.

وأكد بوشاشي أن مسألة ازدواجية الجنسية يبقى خيارًا شخصيًا للجزائريين أو للفرنسيين أو لأي شخص آخر،وبالتالي ليس من حق أي أحد سحب الجنسية الأجنبية من أحد، سواء الفرنسية أو غيرها، لأن هناك الكثير من الجزائريين يمتلكون جنسية بريطانية، وقال: quot;أعتقد أن الكثير من الجزائريين الذين تجنسوا بجنسيات أجنبية،ليس حباً في ذلك الوطن، بقدر ما هي محاولة لتسهيل تنقلاتهم، واعتبر أن قمع الحريات في الجزائر في ظل النظام التسلطي أصبحت فكرة البحث عن جنسية أخرى بمثابة مشروع يتيح لصاحبه العيش الكريم وبأمان في كل ربوع العالمquot;.

حول أسباب الصمت الرسميتجاه التصريحات العنصرية المتكررة من طرف اليمين المتطرف في فرنسا، قال بوشاشي quot;إن الجزائرالممثلة في دبلوماسيتها ومؤسساتها، قدمت استقالة في الدفاع عن حقوق الجزائريين في الخارج، ليس فقط بالنسبة إلى هذه النقطة فقط،وإنما في كثير من النقاط للأسف الشديدquot;.