عناصر من الحرس الثوري الإيراني

لندن: يُعدّ الحديث عن سلاح نووي إيراني من المحرّمات في الجمهورية الإسلامية، التي تؤكد أن برنامجها النووي برنامج سلمي ذو أغراض مدنية بحتة.

لكن مراقبين لاحظوا أن مقالة كسرت هذا التابو على موقع quot;غردابquot; التابع للحرس الثوري الإيراني متوقعة اليوم التالي على إجراء أول تجربة نووية إيرانية.

وجاء في المقال quot;أن اليوم التالي على تجرية إيران النووية الأولى سيكون يوماً اعتيادياً بالنسبة إلينا نحن الإيرانيين، ولكنه بنظر البعض منا سيكون له بريق جديد. الساعة السابعة صباحًا، والشمس ليست عالية تمامًا بعد، لكن ضوء النهار في كل مكان. وفي نصف الكرة الشمالي بدأت بلدان عديدة يومهاquot;.

في اليوم السابق، ربما في صحراء إيران الوسطى، حيث أراد الاميركيون ودول غربية أخرى ذات يوم أن يدفنوا نفاياتهم النووية، وقع انفجار نووي تحت الأرض. قوة الانفجار لم تكن شديدة، بحيث تلحق ضرراً جسيمًا بالمنطقة، ولا ضعيفة، بحيث يواجه العلماء الإيرانيون مشاكل في اجراء تجاربهم. اليوم يوم اعتيادي مثل أي يوم آخر. ومثل 90 % من أيام السنة هناك أخبار عن إيران، وهناك عناوين يمكن أن نراها على المواقع الأجنبية:

رويترز: إيران تفجر قنبلتها النووية
سي ان ان: إيران تفجر قنبلة نووية
قناة الجزيرة: تجربة القنبلة النووية الاسلامية الثانية
قناة العربية: تجربة القنبلة النووية الشيعية
ياهو نيوز: تفجير نووي في إيران
جيروساليم بوست: الملالي يحصلون على سلاح نووي
واشنطن بوست: تفجير نووي في إيران، صدمة وجزع في تل ابيب

في هذه الأثناء ستقدم وسائل الإعلام المحلية تهانيها الحارة إلى الإمام الغائب والمرشد الأعلى:

كيهان: تجربة قنبلة إيران النووية الأولى
جمهوري إسلامي: إيران تجري تجربة نووية ناجحة
إيران: بأمر من الرئيس تجربة قنبلة إيران النووية محلية الصنع 100 %

اطلاعات: تفجير قنبلة إيران النووية المنتظرة

وأشار معلقون إلى أن هذه المقالة الافتراضية التي نُشرت للمرة الأولىفي 24 نيسان/ابريل تلح المرة تلو الأخرى على إيصال رسالة مؤداها ان التجربة النووية الإيرانية لن تؤدي إلى كارثة، بل على العكس. فالحياة ستمضي كالسابق، سوى أن الإيرانيين سينظرون باعتزاز أكبر الى أنفسهم.

وتمضي المقالة قائلة: إن الضجة الاعلامية لن تخل بميزان الحياة في إيران. الموظفون سيبدؤون الدوام في الساعة المحددة، وسيأتي البعض منهم متأخرًا كالعادة. ان اليوم التالي على اول تجربة نووية تجريها الجمهورية الاسلامية سيكون يومًا اعتياديًا بالنسبة إلينا نحن الإيرانيين، ولكن بنظر البعض منا سيكون له بريق جديد، بريق عزة وقوة وطنية.

المقالة تصور الأمر وكأن ولدًا يلعب بطائرة ورقية. ولعل المقصود بها، كما يرى محللون، هو تعويد الإيرانيين على فكرة التجربة النووية، وألا يخافوا من رد فعل العالم. وقد تكون المقالة بادرة تحدٍ من جانب عناصر متشددة.

وتنقل صحيفة الغارديان عن خبراء مستقلين ان الجهة التي تدير موقع غرداب هي قيادة الدفاع الالكتروني في الحرس الثوري الإيراني، الذي ما زال يستشيط غضبًا منذ الهجوم على اجهزة الطرد الإيرانية بفيروس ستاكسنت. وتقول مواقع المعارضة ان غرداب أداة رقابية بيد النظام تشخص المدونين داخل إيران وتهددهم.

تأتي المقالة في فترة يتسم الموقف الرسمي الإيراني بالتحدي والتوكيد، حيث أعلنت إيران مضاعفة إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 % ثلاث مرات، ونقله الى موقع فوردو تحت الأرض.

وقال الخبير الاسرائيلي ذو الأصل الإيراني في شوؤن النظام الإيراني ماير جاويد انفار، الذي يعمل محاضرًا في جامعة كولومبيا، ان مقالة غرداب مقالة استثنائية لم ير مثلها من قبل. واضاف في تصريح لصحيفة الغارديان ان المقالة تكسر احد التابوات الكبيرة.

واقترح التعامل معها على انها شذوذ عن القاعدة. ولكن إذا أعقبتها مقالات مماثلة فانها ستؤشر إلى حدوث تغير كبير في الطريقة التي تتحدث بها إيران عن برنامجها النووي. وسيعني ذلك ان إيران قررت توظيف فكرة القنبلة النووية كرادع ضد مزيد من العقوبات وضد تعرضها لضربة عسكرية محتملة من الغرب. كما سيكون التوجه الجديد أداة بيد النظام للحدّ من تراجع شعبيته في الداخل.

ويمكن لمثل هذا التغير ان يكون بالغ الضرر على المدى القريب والبعيد، لأنه سيعطي دفعة كبيرة للجهود الغربية الرامية الى عزل إيران، وتعزيز الجبهة الدولية ضد الجمهورية الإسلامية وبرنامجها النووي. ويمكن لمثل هذه العزلة وتردي الوضع الاقتصادي ان يكونا أشد ضررًا بأولوية النظام العليا في البقاء من ضرر هجوم عسكري يشنه الغرب.