ذكر التلفزيون السوري الرسمي مساء الأحد أن الجيش سيطر سيطرة تامة على مدينة جسر الشغور في شمال غرب البلاد. ودخل الجيش الأحد إلى المدينة لطرد ما أسماها النظام التنظيمات المسلحة، يأتي ذلك فيما اتهم البيت الأبيض دمشق بالتسبب بأزمة إنسانية عبر قمع المحتجّين والمعارضين.


جنازة لأحد المحتجّين ضدّ النظام السوريّ بالقرب من الحدود التركية

دمشق: سيطر الجيش السوري الاحد على مدينة جسر الشغور (شمال غرب) حيث يشن عملية واسعة النطاق اسفرت عن نزوح الاف السكان الى تركيا، في حين توالت الادانات الدولية لاستخدام دمشق القوة العسكرية ضد المتظاهرين المناهضين للنظام.

وقالت وكالة الانباء السورية (سانا) ان quot;وحدات من الجيش العربي السوري سيطرت على مدينة جسر الشغور بالكامل وتلاحق فلول التنظيمات الارهابية المسلحة في الاحراج والجبال المحيطة بهاquot;.

واضافت انه بدخول وحدات الجيش جسر الشغور quot;قامت بتطهير المشفى الوطني من عناصر التنظيمات المسلحةquot;، وبعد استعادة السيطرة على المدينة quot;تم الكشف عن مقبرة جماعية ارتكبتها التنظيمات المسلحة بحق عناصر المركز الامني في جسر الشغور (...) كما ارتكبت التنظيمات المسلحة فظائع بجثث الشهداء التي تم إخراجها من المقبرة الجماعيةquot;.

وبحسب دمشق، فان 120 شرطيا قتلوا في السادس من حزيران/يونيو في هجمات شنتها quot;مجموعات مسلحةquot; على قوات الامن بينهم 82 عنصر امن قتلوا في مقر الامن العسكري. غير ان معارضين وشهودا نفوا الرواية الرسمية واكدوا ان القتلى سقطوا اثناء تمرد.

واكدت سانا انه quot;تم إخراج عشر جثث من المقبرة الجماعية معظمهم مقطوعو الرؤوس والاطراف بالسواطير وعليهم آثار اطلاق نار في اماكن عدة على الجثثquot;. وبحسب الوكالة فقد quot;اعترف احد اعضاء التنظيمات الارهابية المسلحة بارتكاب المجازر وبتنفيذ المقابر الجماعية بحق قوى الشرطة والامن في جسر الشغورquot;.

واكدت سانا ان اهالي قرية الكسير في جسر الشغور استقبلوا الجيش quot;بالورود والارزquot; ونفوا تعرض الجيش لهم. ومدينة جسر الشغور التي تعد 50 الف نسمة، شبه خالية منذ اسبوع بسبب معارك دارت فيها. ويتحدث النظام عن مواجهات مع quot;تنظيمات مسلحةquot; في حين يتحدث شهود عن تمرد، وعن تمشيط منهجي ودام من قبل السلطات.

وفي وقت سابق ذكر التلفزيون الرسمي ان الجيش دخل الاحد جسر الشغور لكي quot;يطرد منها المجموعات المسلحةquot;، مضيفا ان صدامات عنيفة وقعت بين قوات الجيش وعناصر من المجموعات المسلحة المتحصنين في محيط المدينة وداخلها.

من جهتها اكدت وكالة سانا ان وحدات الجيش دخلت مدينة ادلب (330 كلم شمال دمشق)، مركز محافظة ادلب حيث تقع مدينة جسر الشغور، quot;بعد تفكيك متفجرات وحشوات ناسفة من الديناميت زرعتها التنظيمات المسلحة على الجسور والطرقاتquot;.

واضافت سانا ان quot;اشتباكات شديدة دارت بين وحدات الجيش وعناصر التنظيمات المسلحة في محيط جسر الشغور وداخلهاquot;، مشيرة الى ان المعارك انتهت بمقتل quot;اثنين من عناصر التنظيمات المسلحةquot; وquot;استشهاد جندي واصابة اربعة اخرين من وحدات الجيشquot;.

وتم بحسب الوكالة السورية القاء القبض على quot;أعداد كثيرةquot; من المسلحين الذي quot;ضبطت اسلحة رشاشة بحوزتهمquot;. من جانبه، قال ناشط لوكالة فرانس برس quot;بدأ الجيش منذ هذا الصباح قبيل الساعة 7:00 (4:00 تغ) بقصف المدينة بشكل مركز بالدبابات والاسلحة الثقيلة، ثم هاجمها من الشرق والجنوبquot;.

وتابع quot;سمع دوي انفجارات وكانت مروحيات مجهزة بالرشاشات تحلق فوق المدينةquot; مؤكدا انتشار حوالى 200 دبابة في المنطقة. وقال ناشط حقوقي اخر نقلا عن سكان في المدينة quot;تسمع منذ هذا الصباح اصوات انفجارات في جسر الشغور وكانت اعمدة من الدخان تتصاعدquot; من المدينة.

واعلن النظام الجمعة انه امر بالبدء بعملية عسكرية في منطقة جسر الشغور quot;بناء على طلب السكانquot;، وقال التلفزيون ان وحدات من الجيش باشرت مهمتها للسيطرة على القرى المجاورة لجسر الشغور واعتقال المجموعات المسلحة، متهما هذه المجموعات باضرام النار في محاصيل.

ودفع القمع العنيف في هذه المنطقة اكثر من خمسة الاف شخص للجوء الى تركيا التي تبعد حوالى اربعين كلم. وعبر اكثر من 400 سوري الحدود التركية ليل السبت الاحد واقاموا في مخيمات اعدها الهلال الاحمر التركي.

وكان ناشطون قالوا ان قوات الامن السورية معززة بمروحيات قتلت 25 مدنيا على الاقل الجمعة خلال تظاهرات مناهضة للنظام في مختلف انحاء البلاد. ومنذ منتصف اذار/مارس، اسفر القمع الدامي لحركة الاحتجاج عن مقتل اكثر من 1200 شخص فضلا عن اعتقال عشرة الاف اخرين على الاقل وفرار الالاف، وفق منظمات حقوقية.

وتوالت الادانات الدولية لاستخدام النظام السوري القوة العسكرية ضد الحركة الاحتجاجية المطالبة بتنحي الرئيس بشار الاسد. وصعد البيت الابيض السبت لهجته متهما دمشق بالتسبب بquot;ازمة انسانيةquot; جراء القمع الدامي للمعارضين في شمال البلاد.

وقال البيت الابيض ان quot;الولايات المتحدة تدعو الحكومة السورية الى وقف هذا العنف والسماح للجنة الدولية للصليب الاحمر بالوصول فورا وبدون قيود الى تلك المنطقةquot;. بدورها، اعربت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون عن quot;قلقها الشديد لتدهور الوضع الانسانيquot; في سوريا، مجددة نداءها الى السلطات السورية من اجل التوقف عن قمع المتظاهرين والسماح بوصول الوكالات الانسانية.

واعرب الامين العام للامم المتحدة بان كي مون مجددا على هامش زيارة لكولومبيا عن quot;حزنه وقلقه العميقينquot; ازاء الوضع في سوريا حيث يقتل quot;الكثير من الاشخاصquot;.

وقالت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان ان quot;فرنسا تدين بقوة مواصلة القمع الذي يزداد قسوة في سوريا بما في ذلك استخدام اسلحة ثقيلة كما حصل في جسر الشغور حيث يهرب العديد من المدنيين من القمع بحثا عن ملجأ في تركياquot;.

واضافت ان quot;هذا الوضع غير المقبول الذي يفاقم حصيلة الضحايا المدنيين في سوريا، يوجد تهديدا للاستقرار الاقليمي. ينبغي ان يتوقفquot;، مؤكدة انه quot;يتعين على السلطات السورية منح اللجنة الدولية للصليب الاحمر حق الدخول فورا ومن دون شرط وايضا الوكالات الانسانية الاخرىquot;.

وصرح وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الاحد لتلفزيون سكاي نيوز ان على مجلس الامن الدولي اتخاذ quot;موقف واضحquot; بشان سوريا باصداره قرارا يدين القمع الذي تمارسه القوات الحكومية ضد المحتجين في هذا البلد.

واعتبر وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي ان العمليات التي يشنها الجيش السوري في شمال البلاد تجعل صدور قرار من مجلس الامن الدولي امرا اكثر الحاحا من اي وقت مضى. كذلك دانت ايطاليا quot;لجوء (السلطات السورية) غير المقبول للعنفquot; وطلبت السماح للصليب الاحمر بالدخول quot;فورا ومن غير قيودquot; الى المناطق السورية.

تركيا تصعّد من لهجتها وموقفها السياسي

هذا وتعتزم تركيا إقامة منطقة عازلة على الحدود التركية السورية لمواجهة تدفق الأعداد المتزايدة من النازحين السوريين هروبًا من القمع والعنف في بلادهم، هو خيار مطروح على أجندة تركيا.

وقد أعدت تركيا نفسها لاستقبال 10 آلاف لاجئ سوري، ولا ترغب في استقبال أكثر من هذا العدد، وتؤكد أنه لا يمكنها أيضًا تحمل الأعباء المالية بمفردها، ولذلك بدأت اتصالات مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين والصليب الأحمر الدولي والاتحاد الأوروبي لمساعدتها في مواجهة موجة الهجرة الجماعية المحتملة من سوريا.

وقالت مصادر تركية إنه إذا شهدت تركيا صورة مشابهة لصورة الهجرة الجماعية من العراق الى تركيا خلال فترة حرب الخليج الثانية، حيث تدفق آلاف النازحين على تركيا، فإنها ستضطر إلى أن تشكل منطقة محايدة داخل الأراضي السورية لمواجهة الهجرة الجماعية، لكن هذا القرار وتنفيذه على ارض الواقع يحتاج موافقة مجلس الأمن الدولي على غرار موافقته على تشكيل تركيا قوة quot;الكشف الجوي فى شمال العراقquot;.

وصعدت تركيا من لهجتها وموقفها السياسي ضد سوريا بعد زيادة أعمال العنف من جانب قوات الأمن والجيش السوري ضد المتظاهرين وإطلاقهم الأعيرة النارية على المدنيين من دون التفرقة بين الأطفال والنساء المواطنين الأبرياء.

واتهم رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان نظام الرئيس السوري بشار الأسد للمرة الأولى بالقيام بأعمال وحشية ضد المحتجين وعدم التصرف معهم بشكل إنساني، إضافة إلى تأكيد وزير الخارجية احمد داود اوغلو أن بشار الأسد لم يتخذ خطوات لتنفيذ الإصلاحات التي وعد بها، وأن وضعه أصبح صعبًا.

عدد السوريين اللاجئين الى تركيا يتخطى خمسة الاف

وافادت وكالة انباء الاناضول ان اكثر من 400 سوري عبروا الحدود التركية ليل السبت الاحد، ما يرفع الى 5051 عدد اللاجئين الذين اتوا من سوريا للعيش في خيم جنوب تركيا. وكان التعداد الاخير المقدم من مصدر رسمي بعد ظهر السبت اشار الى وصول 4600 لاجئ من سوريا الى تركيا.

ومنذ مطلع الاسبوع الماضي، يتوافد مئات السوريين يوميًا الى منطقة انطاكيا الحدودية هربا من قمع قوات الرئيس السوري بشار الاسد. واشار التلفزيون الحكومي الى ان اللاجئين اتوا من مدينة جسر الشغور على بعد نحو 40 كلم من تركيا، حيث دخلت القوات السورية الاحد quot;لطرد المجموعات المسلحةquot;.

وينزل اللاجئون في مخيمين في انطاكيا جهزهما الهلال الاحمر التركي. ويتم تجهيز مخيمين اخرين في هذه المنطقة. ويتولى الدركيون الاتراك الاهتمام بهؤلاء اللاجئين، ويتم نقلهم الى المخيمات او المستشفيات. وادخل نحو ستين شخصًا الى المستشفى السبت للمعالجة من اصابات مختلفة بحسب مصادر محلية.

كما انشأت السلطات مستشفى ميدانيًا صغيرا في ياغلادادي، وهو الاول والاكبر في هذه المخيمات لتأمين العناية الطبية الطارئة للجرحى. واشار المسؤول الرفيع في وزارة الخارجية التركية حاليت سيفيك السبت خلال زيارة ميدانية الى ان تركيا quot;وضعت كل امكاناتها لاستقبال اللاجئين السوريينquot;، من دون توضيح ما هو تقويم السلطات التركية لحجم حركة النزوح المتوقعة في الايام المقبلة.

وتمنع السلطات التركية الصحافيين الدخول الى مخيمات اللاجئين، وهو تدبير يرمي بجسب مصدر في المفوضية العليا للاجئين الى quot;احترام كتمان هويةquot; اللاجئين، وهو ما يشكل quot;اجراء طبيعياquot; في ما يتعلق بحقوق اللاجئين.