انطاكيا: كان نبيل احد اخر مسعفي الهلال الاحمر السوري الذين تحدوا شدة القمع في مدينة جسر الشغور شمال غرب سوريا قبل اصابته برصاصة في الظهر ونقله الى تركيا حيث يروي تجربته ممددا في سرير المستشفى.

يقول الشاب البالغ من العمر 29 عاما والذي نقل منذ الاثنين الى احد مستشفيات انطاكيا جنوب تركيا quot;عملي هو انتشال اقصى عدد ممكن من الجرحى ووضعهم في سيارة الاسعاف، ولم يكن لدي الوقت للنظر الى ما يجري من حوليquot;.

ولا يمكنه بالتالي اعطاء تفاصيل حول القوات والاسلحة المنتشرة في مدينة جسر الشغور البالغ عدد سكانها 40 الف نسمة والتي باشر الجيش فيها الجمعة عملية عسكرية بعد اعمال قمع اوقعت 35 قتيلا بين 31 ايار/مايو و5 حزيران/يونيو بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.

كل ما يذكره هذا المسعف هو سماع تحليق مروحيات.

ويتابع quot;لكنني شاهدت الكثير من الجرحى، بالمئات. وعشرات القتلى، ربما مئةquot;.

ويوضح quot;كانوا من الرجال بمعظمهم. كل النساء وضعن في مامن خارج المدينة. لكن رغم ذلك كان هناك احيانا سيدات مسنات بين الجرحىquot;.

وهو يفيد عن اصابات بالرصاص بعضها من صنف خاص ويقول quot;رايت قتيلا انشق دماغه الى اثنين مثل كتاب. لا بد ان ذلك كان نتيجة رصاصة متفجرة. فرصاص الكلاشنيكوف لا يحدث عادة نتيجة مماثلةquot;.

كما شاهد ضحايا عمليات تعذيب وروى quot;قبل بضعة ايام نجحت الحشود في تحرير متظاهرين كانوا اعتقلوا قبل بضع ساعات. لم يسبق ان رايت شيئا مماثلا: كان جسدهم مكسوا بالكدمات وكان لونهم بنفسجيا بالكامل، وكل ذلك في غضون خمس او ست ساعات فقطquot;.

ومع اطلاق الجيش السوري الجمعة عملية عسكرية في منطقة جسر الشغور بعدما افاد ناشط حقوقي عن ارسال اكثر من ستين شاحنة تنقل دبابات ومدرعات واكثر من عشر ناقلات جند من حلب في اتجاه المدينة، اسف نبيل لعدم وجود اي وسائل لمساعدة الجرحى.

وقال quot;قبل الاضطرابات لم يكن لدينا اساسا في الهلال الاحمر سوى سيارتي اسعاف احداهما معطلة. ومن اصل 200 متطوع كان خمسة منا فقط يستطيعون العمل بسبب انعدام الوسائلquot; مضيفا quot;اضطررنا حتى الى سرقة سيارة من احد المستشفيات حتى نتمكن من القيام بمهامناquot;.

وبالتالي فان المدنيين هم الذين يعملون على وضع الجرحى بمامن فيستخدمون quot;سياراتهم ودراجاتهم الناريةquot; بحسب الشاب.

كما ان ايجاد مكان لمعالجة المحتجين المصابين بالرصاص يطرح معضلة حقيقية على المسعفين.

ويقول نبيل بهذا الصدد quot;في مطلق الاحوال، فان المستشفيات الخاصة لا يحق لها استقبال هؤلاء الجرحى، فهي تجازف كثيرا ان قامت بذلك. وفي المستشفيات العامة لم يعد هناك اطباء، فهم يخشون قتلهمquot;.

لذلك ينقل بعض الجرحى الى الحدود التركية الواقعة على مسافة اقل من ساعة من المدينة، حيث يتكفل بهم الدرك التركي بعد عبورهم الاسلاك الشائكة فينقلهم في سيارات اسعاف الى مستشفيات انطاكيا.

وهي الطريق التي سلكها نبيل نفسه عندما اصيب بالرصاص رغم ارتدائه بزة الهلال الاحمر.

ويقول quot;كنت انتشل جريحا حين اطلق النار علي من الطبقة الثانية من مبنى اجهزة الاستخبارات. اصبت بالرصاص في ظهري فسقطت فوق الجريح، رغم انني كنت ارتدي بدلتيquot;.

اللجنة الدولية للصليب الاحمر تطالب باتاحة quot;الوصول الفوريquot; لمناطق العنف في سوريا

ودعا رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر جاكوب كيلينبرغر الجمعة دمشق الى اتاحة quot;الوصول الفوريquot; الى المناطق التي تشهد اعمال عنف معربا عن استعداده للتوجه شخصيا الى سوريا للقاء السلطات هناك.

وقال كيلينبرغر في بيان quot;نكرر طلبنا الوصول الى كل الاشخاص المعتقلين بهدف تقييم ظروف توقيفهم والمعاملة التي يلقونها والتمكن من نقل وجهات نظرنا بشكل سري الى السلطات المعنيةquot;.

واضاف quot;انا مستعد للتوجه شخصيا الى سوريا لاجراء محادثات مع السلطاتquot;.

وبعد ان عبر عن اسفه لسقوط قتلى وجرحى بسبب القمع العنيف للتظاهرات المناهضة للنظام دعت اللجنة الدولية للصليب الاحمر الى تامين quot;امكانية الوصول فوراquot; الى كل الضحايا بمن فيهم الموقوفون او المعتقلون.

وقال كيلينبرغر quot;نحن مصممون على مساعدة السكان الذين يتعرضون للعنف ونحن مصممون على زيارة الاشخاص المعتقلينquot;.

وبالتعاون مع الهلال الاحمر السوري قامت اللجنة الدولية للصليب الاحمر بزيارات قصيرة الامد الى درعا وطرطوس وحمص في ايار/مايو.

وتابع انه quot;في اطار هذه الزيارات المحدودة، كان من الصعب تكوين فكرة واضحة عن الوضع الميداني وحجم الاحتياجات الانسانيةquot;.

وتسعى المجموعة الدولية الى دفع السلطات السورية الى وقف اعمال القمع التي اوقعت 1100 قتيل على الاقل منذ بدء حركة الاحتجاج في 15 اذار/مارس بحسب منظمات حقوقية، وادت ايضا الى اعتقال اكثر من عشرة الاف شخص وفرار الاف اخرين الى لبنان وتركيا.