أشرف أبوجلالة ووكالات:تعاني المئات من الأسر السورية التي لاذت بالفرار من أعمال العنف التي تشهدها البلاد خلال الأسابيع الأخيرة، مع تواصل الحملات القمعية التي يشنها النظام السوري ضد المتظاهرين المطالبين برحيل الأسد عن الحكم.
وفي هذا السياق، رصدت اليوم مجلة التايم الأميركية تلك المشقة التي يتكبدها الآلاف من اللاجئين، سيما كبار السن منهم، وتحديداً هؤلاء الفارين من منازلهم بالجزء الشمالي الغربي من سوريا، وخصوصاً بلدة جسر الشغور، للقيام بتلك الرحلة عبر الأراضي الجبلية الوعرة التي تفصل سوريا عن تركيا، للنجاة بحياتهم.
وأوضحت المجلة أن المحظوظين من هؤلاء الناجين ينامون في سياراتهم أو في الشاحنات التي يستعينون بها عادةً لنقل المنتجات إلى الأسواق القريبة.
وبينما عثر البعض على أماكن للاختباء بها، لم يجد آخرون أماكن تأويهم من برودة الليل الشديدة أو من الأمطار الغزيرة كتلك التي هطلت عليهم ليلتي الأحد والاثنين، وهو ما أدى لتحول المعسكر إلى مشهد تهيمن عليه الفوضى الموحلة.
وفي وقت تمكن فيه البعض من جلب مواشيهم معهم، استطاع آخرون أن يجلبوا إناء أو اثنين، في حين لاذ كثيرون بالفرار وليس بحوزتهم شيء سوى الملابس الموضوعة على ظهورهم. ويعتقد كثير من السوريين أنهم سيكونوا في مأمن من خلال تواجدهم في مدينة جوفيتشي التركية، وأن قوات جيش الرئيس السوري بشار الأسد لن تطاردهم في مثل هذا المكان القريب للغاية من الحدود التركية.
ورغم منع الصحافيين الأجانب من تغطية الأخبار في سوريا، إلا أن quot;التايمquot; نجحت في المرور عبر الحدود التركية بامتداد منطقة جبلية وعرة كي تصل إلى اللاجئين على مشارف بلدة خربة الجوز السورية.
ومضت المجلة تنوه إلى قلة الطعام والمياه النظيفة التي يمتلكها السوريون في تلك المنطقة. إضافةً إلى عدم وجود حمامات لقضاء الحاجة أو الاستحمام، وبالتالي عدم وجود خصوصية أيضاً. ولفتت إلى وجود مجرى مائي قريب يتم استخدامه للحفاظ على النظافة الأساسية وغسل الأواني والاعتماد عليه كذلك كمصدر لمياه الشرب. وهناك لاجئين آخرين يحاولون تنظيف ملابسهم من الوحل، وغيرها من الاستخدامات.
وأشارت المجلة في الإطار عينه إلى استعانة الشباب بطرق التهريب القديمة التي تُمَكِّنهم من التسلل عبر الحدود إلى تركيا، ومن ثم يعودون بأكبر عدد ممكن من الحقائب المحمَّلة بالخبز، والمياه المعبأة في زجاجات، وبعض الملابس. بينما كان يسافر آخرون في الاتجاه المعاكس، صوب المدن التي لاذوا منها بالفرار، للعثور على طعام.
وأوردت المجلة في هذا السياق عن امرأة في مطلع العشرينات من عمرها تدعى أم أحمد، وهي تداعب رضيعتها الصغيرة نورين التي تبلغ من العمر شهرين، قرب طبق به حفنة من الطماطم وكوب من البلاستيك ممتلئ بالزيتون، بعد أن قضت عائلتها أسبوعاً في الهواء الطلق بعد الهروب من بلدة جسر الشغور، قولها: quot;هل يحب الأسد أن يعيش أطفاله كما يعيش أطفالنا الآن ؟ وإن كان أهل الجسر قد طلبوا من الجيش أن يتدخل وينقذ البلدة، لما كنا هنا، نعيش بهذا الشكل، أليس كذلك؟quot;.
وفي وقت يخشى فيه البعض الذهاب إلى تركيا، بسبب ما يتردد من أقاويل عن أن بمقدور رجال الأسد أن يستهدفوهم هناك، أقامت تركيا معسكرات لحوالي 7000 لاجئ، لكنها تتوقع قدوم المزيد خلال الأيام المقبلة، على حسب ما ذكرته تقارير صحافية محلية.
تركيا تقيم مخيمات جديدة لإيواء اللاجئين السوريين والاربعاء توزع 8421 لاجئًا سوريًا، اكثر من نصفهم من الاطفال، على ثلاثة مخيمات اقامها الهلال الاحمر التركي في محافظة هاتاي (جنوب) القريبة من سوريا، كما اعلنت السلطات المحلية. وتقع هذه المخيمات في بلدتي يلاداغي والتينوزو. وقررت السلطات اقامة مخيمين جديدين للاجئين، الذين وصل عدد كبير منهم من مدينة جسر الشغور شمال غرب سوريا، على بعد نحو اربعين كليومترًا من الحدود، والتي أخلاها عدد كبير من سكانها، وباتت تحت السيطرة العسكرية منذ الاحد. وهناك ستون سوريًا حاليًا في المستشفيات لإصابتهم بجروح مختلفة. وترغب نجمة هوليوود الاميركية انجيلينا جولي سفيرة النوايا الحسنة لمفوضية الامم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين، في زيارة احد هذه المخيمات، وتنظر السلطات التركية في طلبها، كما اوضح دبلوماسي تركي لوكالة فرانس برس. وفي انقرة، تواصل تركيا مساعيها لدى النظام في دمشق لكي يوقف القمع الدامي للحركة الاحتجاجية. ومن المقرر ان يستقبل رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان الاربعاء مبعوثًا للرئيس بشار الاسد غداة محادثة هاتفية اجراها معه، كما افاد مصدر حكومي تركي وكالة فرانس برس. وقال هذا المسؤول طالبًا عدم كشف هويته ان quot;اردوغان سيستقبل حسن تركماني المبعوث الخاص للرئيس السوري لبحث التطورات في سورياquot;. تأتي زيارة المبعوث السوري في وقت تمر فيه العلاقات بين البلدين بظرف صعب، وقد تاثرت العلاقات الطيبة بين البلدين الجارين بالازمة السورية الخطرة.وقد دعا اردوغان الثلاثاء الاسد الى الاسراع في وضع جدول زمني للاصلاحات. وفي مؤشر الى استياء اردوغان من القمع العنيف للحركة الاحتجاجية في سوريا، اتهم رئيس الوزراء التركي أخيرًا النظام السوري بارتكاب quot;فظاعاتquot;، ووصف القمع في سوريا بأنه quot;غير مقبولquot;. وقد توجّه وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو الاربعاء الى هاتاي للإطلاع ميدانيًا على التدابير التي اتخذتها تركيا لاستقبال اللاجئين ولقاء البعض منهم. وقال للصحافيين في مطار انقرة quot;لا يمكننا ان نبقى مكتوفي اليدين ازاء ما يجري لدى جارنا وشقيقنا نأمل ان يبدأ تنفيذ اصلاحات في اقرب وقتquot;. واكد الوزير ان بلاده تقوم بجهود مكثفة لدى دمشق والمجتمع الدولي من اجل quot;وقف ما يحصل ضد المدنيين في سورياquot; وخصوصًا من اجل ان يتوقف تدفق اللاجئين الى تركيا. واضاف داود اوغلو انه دعا الى اجتماع للسفراء الاتراك المعتمدين في الدول العربية وعواصم اخرى الخميس في انقرة بهدف بحث الازمة السورية وquot;الربيع العربيquot;. وتقول منظمات غير حكومية انه منذ 15 آذار/مارس قتل اكثر من 1200 معارض، وتم اعتقال اكثر من عشرة آلاف شخص في سوريا. واعلن اردوغان في الاسبوع الماضي ان بلاده لن تغلق حدودها امام السوريين الراغبين في اللجوء اليها.
هذا وتبني تركيا الأربعاء مخيمين جديدين على حدودها مع سوريا لإيواء اللاجئين السوريين الهاربين من القمع في بلادهم، فيما يتوقع أن يلتقي رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان مبعوثًا من قبل الرئيس السوري في انقرة.
التعليقات