النقاش في فرنسا مستمر حول الترخيص لإستهلاك الحشيش أم منعه بعدما أثاره وزير إشتراكي سابق |
يستمر النقاش منذ أيام في الأوساط الفرنسية حول الترخيص لاستهلاك مخدر القنب الهندي (الحشيش) أو منعه، أثاره أحد الوزراء السابقين الذي دعا إلى رفع كل أشكال المتابعة القضائية بحق المستهلكين، في خطوة جديدة لمحاربة العصابات المتاجرة فيه، بعدما فشلت كل المقاربات الأمنية وباعتراف تقرير أممي.
باريس: يتواصل النقاش في فرنسا حول quot;الترخيص لتناول الحشيشquot; بعد فشل المقاربات الأمنية في وقف التطاحن بين العصابات المتخصصة في ترويج هذا المخدر في الأحياء الشعبية، والتي يذهب ضحيتها من حين إلى آخر أبرياء، نظراً إلى استعمال مروّجي هذه المخدرات للأسلحة النارية، التي تكون في الكثير من الأحيان متطورة، ما يخلق نوعًا من الرعب لدى السكان.
اعتبر عمدة بلدية سوفران، المحسوبة على ضواحي باريس، أن الحرب التي تخاض ضد المخدرات quot;خاسرةquot;، وطالب بلهجة تصعيدية بتدخل الجيش لاستتباب الأمن للقضاء على العصابات المروّجة له، منادياً في الوقت نفسهبحوار وطني وأوروبي quot;للخروج من منع الحشيشquot;.
وكان رد وزير الداخلية الفرنسي، كلود جيو، سريعاً، مستبعداً أي تحول في استراتيجية تعاطي الدولة مع الظاهرة. فالوزير الفرنسي يرى أنه quot;يجب عدم التخلي عن محاربة المخدرات لمجرّد أنها حرب صعبة، كما إن مخدر الحشيش له أضرار صحية معروفة، وترخيصه لا يمكن أن يسمح بمحاربة الجريمةquot;، يقول كلود جيون.
وفي حديث لإيلاف، قال عبد الرحيم مزهر الخبير في ما يعرف بـquot;الوساطةquot;، والذي له إطلاع كبير بما يجري في الأحياء الشعبية التي تمارس فيها هذا النوع من التجارة الممنوعة، أن الترخيص للحشي يقفده قيمته التي هو عليها اليوم في السوق، وبالتالي الكثير من المتاجرين فيه من الشباب يتخلون عنه.
وأضاف مزهر أن الحشيش بوسعه quot;أن يجلب للدولة مداخيل عبارة عن ضرائبquot;، علمًا أن مستهلكيه، اليوم في فرنسا يتعدى عددهم الأربعة الملايين، بحسب بعض التقديرات.
وزير داخلية سابق كان أول من فتح هذا النقاش
الشرطي الأول ووزير الداخلية في الحكومة الإشتراكية سابقاً، دانيال فيو هو أول من أثار النقاش في الدعوة للترخيص للحشيش |
الشخصية السياسية التي كانت سباقة لإثارة نقاش من هذا النوع، هي الشرطي الأول في فرنسا سابقًا دانيال فيو، الذي شغل منصب وزير الداخلية في الحكومة الاشتراكية لجوسبان، حيث أطلق تصريحات بموجب استجواب له سنة 2003 يدعو فيها إلى الترخيص لاستهلاك مخدر الحشيش.
منذ ذلك الحين، قاد فيو إلى جانب البيئيين واليسار الجذري في فرنسا حملة لهذه الغاية إلى حدود الظرف الحالي، إذ أخد الموضوع بعدًا سياسيًا بمروره عبر الجمعية الفرنسية، عقب تقرير برلماني للوزير السابق والنائب البرلماني في باريس شرح فيه حيثيات استبدال المقاربة الأمنية بمقاربة أخرى تراعي المرافقة الاجتماعية والنفسية للمستهلكين.
الوزير الاشتراكي السابق لا يرى أن ما ينشده هو quot;توفير منفذ نحو حق جديد، وإنما يسعى إلى محاربة الحشيش بفعاليةquot;، وهذا ردًا على الذين يرفضون أي ترخيص كيفما كان نوعه لتناول هذه المادة، خصوصًا وأن محاربته بالطرق التقليدية تكلف ميزانية فرنسا، بحسب معطيات، 3 مليارات يورو، كما إن تقرير أممي اعترف سابقًا بفشلها.
الاشتراكيون منقسمون
التقرير البرلماني لدانيال فيو وفريقه الذي سهر على إعداده لمدة شهور، لم يقنع كل الأسرة الاشتراكية، فالبعض منهم تفاعل إيجابًا مع الدلائل التي قدمها لأجل المضي قدمًا في الترخيص للحشيش. لكن هناك من كان له رأي آخر من داخل العائلة السياسية نفسها، وفضل أن يتم العمل وفق المنهجية البرتغالية بوضع تناوله في خانة المخالفات التي يعاقب عليه القانون ونزع صفة الجريمة عنه.
كما إن هناك مجموعة ثالثة داخل الحزب عينه، وعلى رأسها المرشح للانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي فرانسوا هولاند، تعتبر أنه لا يمكن وضع مقاربة ببعد وطني لمعالجة الإشكالية، وإنما ينبغي أن يكون لها بعد أوروبي، لأنها لا تهمّ فرنسا وحدها، بل كل البلدان الأوروبية معنية بها.
quot;الحل يبدأ من البلدان المنتجةquot;
كمال شيبلي برفقة سيكولين رويال المرشحة للإنتخابات الرئاسية 2012 |
كمال شيبلي الساعد الأيمن لسيكولين رويال في معركتها الانتخابية من أجل رئاسيات 2012، عبّر عن quot;حذره تجاه الموضوعquot;، لأنه بحسب تصريح له لإيلاف، quot;يجب أولاً القيام بافتحاص للظاهرة بمعرفة أثر المخدر على المجتمع تحديد الأخطار الذي يلحقها بالصحةquot;.
وقال شيبلي quot;أنا ضد المبدأ القائل بتنظيم مسألة البيع لاستئصال تجار المخدراتquot;، مضيفًا أن المشكل هو أخلاقي، إذ quot;كيف لي أن أقول لمراهق إنه بإمكانه الذهاب إلى متجريبيع التبغ في الحي لشراء الحشيشquot;.
لكن لا يمانع quot;الرغبة في المستقبلquot; من quot;فتح نقاش وطني للوصول إلى مادة تحليلية لكل الفاعلين الموجودين على أرض الميدانquot;، بحسب رأيه.
وquot;يتوهمquot;، يفيد شيبلي، quot;من يعتقد أن مشكل وطني يمكنه أن يحل إشكالية عالميةquot;، وإذا quot;لم يعالج المشكل من أصله، أي انطلاقًا من البلدان المنتجة لهذه المادة، فسوف لن نصل بتاتًا إلى تسوية له...quot;.
ويتابع في السياق نفسهأن quot;هناك مشكلاً كبيرًا في الاقتصاد المحلي ينبغي حلّه بالنسبة إلى البلدان المنتجة لهذا المخدر، وذلك بالعمل إلى جانبهاquot;.
التعليقات