على الرغم من انقضاء فصل الربيع وحلول جيوش الصيف، تستمر فصول الربيع العربي بإصرار المتظاهرين على مطالبهم بأن الشعب يريد إسقاط النظام، غير مبالين بما تعول عليه الأنظمة من أن يحول آب ورمضان دون مواصلة التظاهر. وتوزعت مواقف قراء إيلاف من الحراك بشكل متقارب بين الإحباط والأمل.


رسم بيانيّ يوضح نتائج إستفتاء quot;إيلافquot; الأسبوعيّ

أمستردام: لم يتوقف الحراك الشعبي في الشارع العربي منذ انطلاقه مع بداية العام الحالي 2011 حيث انطلقت طلائعه من شمال أفريقيا في تونس نحو مصر ملقياً على دول المغرب والجزائر بذور حراك لما يزل يتوالى فصولاً تهدئة وتصعيداً، بعد أن دارت دائرته ولما تزل في ليبيا التي تفتك فيها حرب داخلية بين الثوار والنظام مخلفة مئات الضحايا. وعبرت شرقا نحو اليمن وسورية والبحرين حيث الكر والفر بين النظام والمتظاهرين الذين كلما زادت قبضة القمع والعنف ضدهم زاد اصرارهم على التغيير بشكل غريب.

وعلى الرغم من انقضاء فصل الربيع الذي وسمت به الثورات العربية اليوم وحلول جيوش الصيف بحرارتها اللاهبة يصر المتظاهرون على تلبية مطالبهم التي باتت تعويذة بينهم لايملون من تكرارها وهي أن الشعب يريد إسقاط النظام، غير مبالين بما يعول عليه هذا النظام أو ذاك من أن شهر آب اللهاب الذي يحمل معه شهر رمضان بعطشه وجوعه اللذين قد يحيلان دون مواصلة التظاهر في الشوارع العربية المنتفضة.

فهؤلاء يرون في آب ورمضان محفزين آخرين على التظاهر إذ سيجعلون من الليل ميدانا جديدا لثورتهم كما يجري التمهيد له في عدد من المدن المتظاهرة كحماة السورية، وصنعاء اليمنية. ويرون ان الجمعة ستتكرر كل ليلة في شهر رمضان مستفيدين من فتح المساجد، مساءً لصلاة التراويح منطلقاً لتظاهراتهم المقبلة كما صرح غير واحد منهم.

لكن مع هذا الاصرار الشعبي على التظاهر والمجازفة بالوقوف في وجه الخطر يرى عدد من المتابعين له أن نجاح الثورتين التونسية والمصرية لن يتكرر بالصورة ذاتها في دول اليمن وليبيا وسورية مستشهدين بعدد الضحايا المتصاعد اسبوعيا وربما يوميا في هذه الدول. ويذهب بعض هؤلاء المتابعين الى أن الصورة في تونس ومصر ماكانت لتظهر كما ظهرت عليه من سهولة مغادرة الرئيسين زين العابدين بن علي وحسني مبارك للسلطة لو تأخرت التظاهرات فيهما الى اليوم وشاهد الرئيسان مايجري في دول ليبيا واليمن وسورية، حيث يتمسك رؤساء هذه الدول بموقفهم المتشكك في نزاهة هذه الثورات مستشهدين بتدخلات دول كبرى في التحركات الشعبية مثل الدعم العسكري واللوجستي في ليبيا، والدور الأميركي في اليمن حيث اتهم بعض مؤيدي الرئيس صالح أميركا بتفجير المسجد الرئاسي الذي أصاب الرئيس بجروح خطرة ومقربين منه في الثالث من شهر حزيران الماضي، وزيارة السفيرين الأميركي والفرنسي لمدينة حماة السورية يومي الخميس 7 و الجمعة 8 تموز الجاري، ومشككين في وطنية معارضيهم المتربصين فيهم من أجل الانقضاض على كرسي السلطة وحسب، جالبين معهم الاحزاب والحركات الراديكالية للسلطة. وربما أثار نشاط وصعود الاسلاميين في مصر وتونس تخوف عدد من المواطنين في تونس ومصر حيث باتوا يرون ان هذه الاحزاب الاسلامية والمتشددة خاصة تقطف ثمار ثورتهم وبمساعدة غربية. وما مواصلة تخويفهم مخالفيهم في الدين والافكار الا دليل على هذا التخوف الذي قد يتطور مستقبلاً بشكل أكبر.

لكن هذا التخويف يبدده بعض الخبراء والمتابعين لحراك الربيع العربي. فمخاطر ان تغتنم احزاب راديكالية فترة الغموض السياسي الحالية يرى فيها فرهاد خوسروخافار الباحث في العلوم الاجتماعية ان الإسلاميين الراديكاليين سوف يتهمشون أمام الحركة الديمقراطية، معتبرا ان الثورات ستساعد على قيام مجتمعات مدنية. ويطالب الغرب بمساعدة شعوب مثل ليبيا بدأ الاحباط يتسلل إليها. وهو المطلب ذاته الذي ينادي به بعض المعارضين السوريين تجنبا لأي إحباط قد يتسرب لصفوف المتظاهرين.

ويشكك معارضو الانظمة التي تكافح في طروحات قادتها من تخويف الغرب من سيناريوهات المستقبل، وعدم الاستقرار. فهؤلاء يرون أن قادة هذه الانظمة تقوم ليل نهار بالتهجم على دول الغرب - وعلى المجتمع الدولي- خلال صراعها مع معارضيها في الداخل، وتقدم - الآن- تأكيدات الى هذه الدول نفسها بانها الوحيدة التي يمكن أن تحفظ مصالحها، والضامنة للامن والاستقرار في المنطقة.

لكن على الرغم من استمرار مقاومة ما تبقى من الانظمة العربية بعيدا عن لهب الثورات تشكيكا وترغيبا وترهيبا الى اليوم يواصل مواطنوها حراكهم الشعبي كل يوم غير مبالين بما ينتظرهم من خطر من مؤيدي وأتباع السلطة. فهؤلاء يرون في التخلص من انظمة بوليسية وديكاتورية ظلت ممسكة بكرسي السلطة طوال هذا الوقت انجازاً كبيراً، سيفتح الطريق لديمقراطية حقيقية في بلدانهم. ويرون في عدد الضحايا المتواصل اليوم ثمناً لهدف نبيل كان حلما طوال الفترة الماضية وحان الوقت ليتحقق اليوم بأي ثمن.

وقد طرحت إيلاف على قرائها كيفية تقييم مشاعرهم تجاه الحراك الشعبي بعد مرور أشهر على انطلاق الربيع العربي. فكانت الاجابات متقاربة بين حماسة ودعم (26.47 % ) وملل وإحباط (25.21 % ) وتخوف من المستقبل (27.86 % ) وأمل في غد أفضل (20.45 %). وهي إجابات تعكس الصورة في الشارع العربي اليوم الذي تتناهبه جميع هذه المشاعر. وقد بلغ عدد المشاركين في الاستفتاء 6331.