مروان البرغوثي الذي يقضي عدة احكام بالسجن المؤبد في إسرائيل، يسميه الفرنسيون مانديلا الفلسطيني، فيما يعرف في الضفة الغربية وغزة بوريث عرفات في الرئاسة وإن كان خلف القضبان. وهو عضو في فتح لكنه على لائحة المعتقلين الذين تريد حماس مبادلتهم بالجندي جلعاد شاليط.

فلسطينيان يمران بمحاذاة رسم لمروان البرغوثي على جزء من جدار إسرائيلي مثير للجدل قرب نقطة تفتيش قلنديا خارج رام الله- 25 أيار 2011

لندن: يُسمى مروان البرغوثي في فرنسا نلسن مانديلا الفلسطيني ، بوصفه مناضلا مسجونا تحول الى قارئ نهم يتحدث عن السلام حين يُطلق سراحه. وفي الضفة الغربية وقطاع غزة يسميه كثيرون وريث ياسر عرفات ، بسبب شعبيته حتى ان استطلاعات الرأي تبين عادة فوزه بالرئاسة حتى وهو خلف القبضان. ويعرفه الاسرائيليون قاتلا بالجملة يقضي عدة احكام بالسجن المؤبد لإرساله انتحاريين الى اسواق تل ابيب والقدس.

اما في الولايات المتحدة فان قلة من الاميركيين سمعوا باسم البرغوثي الذي يمتد ظله على أشد الأسئلة إلحاحا في الحركة الفلسطينية ، مثل مَنْ المسؤول؟ وماذا بعد؟

وقال البرغوثي في ردود مكتوبة على اسئلة قدمتها مجلة تايم واوصلها محاميه اليه في سجنه quot;ان الأولوية في هذه الأوضاع وفي ضوء التغيرات الجارية هي للمقاومة السلميةquot;. واشار البرغوثي الى quot;ان الفصائل الفلسطينية اوقفت عملياتها المسلحة منذ ما يربو على خمس سنوات باستثناء الدفاع عن النفس. وفي هذه النقطة من الزمن فإن الفلسطينيين يعطون الأولوية للجهود السياسية والدبلوماسية ، والمقاومة السلمية وعزل اسرائيل دوليا لتحقيق الحرية والاستقلالquot;.

وتلاحظ مجلة تايم ان عبارتي quot;في هذه النقطة من الزمنquot; وquot;في هذه الأوضاعquot; تعبران عن الازدواجية التي وسمت الحركة الفلسطينية منذ عقود: التفاوض أم المقاومة؟ التحادث أم القتال؟

البرغوثي مارس كلا الأمرين لكنه يؤكد ان العنف كان خيارا فرضته اسرائيل على الفلسطينيين. وقال quot;ان من الضروري ان نلاحظ ان الانتفاضة الفلسطينية الأولى اعتمدت المقاربة نفسها تقريبا التي اتبعتها الثورات العربية لكنها قوبلت بوحشية اسرائيلية وقمع اسرائيلي شديدين أسفرا عن قتل مئات الفلسطينيينquot;.

حقق البرغوثي رصيده من الشعبية بسنوات من العمل التنظيمي على مستوى القواعد وقدرته على التواصل مع جميع الفصائل. فهو عضو في فتح لكن اسمه على لائحة المعتقلين الذين تريد حماس مبادلتهم بالجندي جلعاد شاليط.

وتقول فدوى زوجة البرغوثي quot;ان من المهم جدا ان نلاحظ ان مروان البرغوثي ليس قائدا يجلس في مكتب. بل هو قائد في الشارع ، في كل مكان من الشوارعquot;.

وكان البرغوثي رشح قبل ست سنوات لخلافة عرفات في رئاسة السلطة الفلسطينية لكنه سحب ترشيحه لصالح محمود عباس الذي يقول البرغوثي انه يدعم استراتيجيته في التفاوض مع اسرائيل لانهاء الاحتلال مع مواصلة العمل على بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية بدعم من رئيس الوزراء سلام فياض.

ولكن عباس (76 عاما) يؤكد انه لن يترشح ثانية في الانتخابات الموعودة في غضون عام.

ويقول الكاتب الاسرائيلي عاموس عوز الذي ارسل إلى البرغوثي نسخة من مذكراته مترجمة الى العربية ان مروان البرغوثي quot;قد يكون اكثر برغماتية من عباس وفياضquot;. وكتب عاموس على النسخة التي ارسلها الى البرغوثي ان quot;هذه القصة قصتنا وآمل ان تقرأها وتفهمنا على نحو افضل فيما نحاول نحن ان نفهمك. أرجو ان اراك قريبا بسلام وحريةquot;.

في السجن يمضي البرغوثي نصف وقته في القراءة أو الكتابة أو تعليم السجناء الآخرين. وتشبه اوضاع السجن من بعض النواحي سجن جزيرة روبن في زمن النظام العنصري في جنوب افريقيا حيث كان سجن الجزيرة ايضا مدرسة لمناضلي حزب المؤتمر الوطني الافريقي.

ولكن مجلة تايم تنقل عن عاموس انه لا يحب المقارنة قائلا quot;ان مانديلا لم يذكر قط ان الطريق الصحيح لانهاء الفصل العنصري هو قتل المدنيين ، والبرغوثي فعل ذلكquot;. ولكن مانديلا أوجد الجناح المسلح للمؤتمر الوطني الافريقي مجادلا بأن اللاعنف بلغ حدوده. واستعدادا لذلك قرأ مانديلا الذي فاز لاحقا بجائزة نوبل للسلام كتاب مناحيم بيغن الذي يروي فيه قصة المقاومة اليهودية السرية التي نفذت عمليات تفجير ضد الحكومة البريطانية في فلسطين إبان الاربعينات. وكان بيغن رئيس وزراء اسرائيل من 1977 الى 1983.

يقول عوز quot;ان هناك العديد من رؤساء الدول كانوا مشاركين في عمل مسلح قبل ان يصبحوا رؤساء دول ، بمن فيهم بعض قادة دولة اسرائيلquot;.

ولكن المقارنة مع عرفات أقرب الى الصواب. وقال الشاب الفلسطيني اسامة شوغان (21 عاما) حين سألته مجلة تايم في احدى اسواق رام الله ان البرغوثي quot;رجل وقائدquot;. وتنتشر صور البرغوثي مع صور عرفات في مناطق عديدة من الضفة الغربية لا سيما صورته وهو يرفع يديه المقيدتين بالاصفاد في تحية لمؤيديه.

من بين زوار البرغوثي المنتظمين في السجن حاييم آرون زعيم حزب ميريتز اليساري المعروف في اسرائيل ايضا باسم quot;معسكر السلامquot;. وكان آرون اعتزل السياسة في وقت سابق من العام الحالي ولكن مجلة تايم تقول ان السياسة الاسرائيلية هجرت معسكر السلام منذ سنوات مشيرة الى دور البرغوثي. ففيما كان البرغوثي يعلن ان لاسرائيل شريكا في اتفاقيات اوسلو ، كان يبني جناحا عسكريا سريا باسم quot;التنظيمquot; نفذ بعضا من اشد الهجمات عنفا في الانتفاضة الثانية.

ويقول آرون ان البرغوثي quot;شريك وهو ايضا صديق. صديق كلمة قوية لكنه صديقquot;. وإذا كانت المسألة تتعلق بالعنف فان لدى آرون سؤالا يطرحه: quot;هل تعرفون مسؤولا فلسطينيا يرفض المقاومة رسميا؟ اعطوني اسماً. فان خيار المقاومة مطروح دائما على الطاولة والمسألة هي اعتماده أم لاquot;.