يشعر الصينيون بالصدمة بعدما انتهى الأمر ببطل رياضي كان موعودًا بالمجد لصًّا ثم متسولاً في شوارع بكين، بعد إصابته في كاحله وتخلي الدولة عنه. واتضح أنه ليس الوحيد الذي يواجه هذا المصير. ولهذا يوجّه الناس، بشكل غير مألوف، اتهامات جادة وخطرة للنظام الحاكم.


زانغ شانغوو

صلاح أحمد: كانت آفاق المستقبل تبدو مشرقة أمام هذا الشاب الصيني الموهوب، وكان موعودًا بالمجد في عالم الأولمبياد، على أن إصابة في كاحله أقعدته، وإذا بمطافه ينتهي به لصّا في بكين أولاً، ثم متسولاً في طرقاتها.

اليك زانغ شانغوو (28 عامًا) الذي تخصص في جمباز الحلقات الثابتة الفني، وحصل فيه على الذهبية مرتين في بطولة جامعات العالم في 2001... اضطر أخيرًا إلى بيع ميداليتيه بما يعادل 15 دولارًا لا أكثر، فقط من أجل شراء طعامه.

انطلاقًا من هذه الحالة وغيرها، وُجّهت اتهامات إلى الصين بأنها تتبع سياسة رياضية تشبه النظام السوفياتي القديم. ونقلت laquo;تليغرافraquo; البريطانية عن زانغ قوله إنه ليس الوحيد الذي انتهي إلى هذا المصير المحزن، لأن هناك عديدين غيره ذاقوا شظف العيش بعد إصابتهم بمختلف أشكال الإعاقة. والسبب في هذا هو أن الهيئة الرياضية التي تديرها الدولة توصد الباب بالكامل أمامهم.

وكان زانغ يتحدث عبر هاتف محمول اشتراه بما يعادل 5 دولارات من أجل البحث عن عمل. وقال إنه تلقى مكالمة قبل أيام من زميل له يعاني الأمرين مثله، وطلب اليه أن يحاول إلقاء الضوء على محنة الرياضيين المصابين. لكن زانغ يقول إنه يجاهد من أجل سد الرمق، دعك من الدخول في حملة ضد الدولة.

زانغ وليد أسرة من الفلاحين في إقليم هيباي، أرسلته الى مدرسة للجمباز، وهو في سن الخامسة. وبعد سبع سنوات من التدريب القاسي، كانت موهبته ومقدراته واضحة، بحيث اختير في المنتخب القومي لبطولة جامعات العالم 2001. وقد اختير في هذا المنتخب بالرغم من أنه لم يتلق أي تعليم أكاديمي رسمي خارج القليل الذي تلقاه في المدرسة الرياضية.

بعد أدائه الباهر في تلك المنافسات وحصوله على الذهبيتين، بدا مؤكدًا أنه سينال مكانًا في المنتخب الصيني لأولمبياد أثينا 2004. لكنه أصيب بعطب في وتر كاحله الأيسر أثناء تدريباته في 2002، ولم يتعاف من إصابته هذه. وهكذا فاتته فرصة الاولمبياد. وفي 2005 اضطر للتقاعد ومنحته الحكومة ما يعادل 5 آلاف دولار.


حتى الذهبية لا تحمي نجوم الصين الرياضيين من براثن الفقر

لكن مبلغ التقاعد هذا كان يعني أيضًا أن هيئة الدولة الرياضية قطعت سائر علاقاتها به مرة وإلى الأبد.

وقال إنه اشتغل قي مطعم صغير لتسليم الوجبات الجاهزة، لكن جراح قدمه ساءت كثيرًا، وما عاد قادرًا على المشي بدون ألم مبرح. وأضاف أن أموال تقاعده laquo;تبخرتraquo; فجأة بعد إصابة جده بنزيف في الدماغ واضطراره لعلاجه على نفقته الخاصة.

بعد ذلك لم يجد بدًا من بيع ميداليتيه الذهبيتين بذلك الثمن البخس، لكن الحاجة لم تترك له بديلاً آخر.

في 2007 توجه إلى بكين طلبًا للرزق. ولما عجز عن الحصول عليه صار لصًّا، ولكن لوقت قصير، إذ قبض عليه، وسُجن حتى أبريل/نيسان من العام الحالي. وبعد الإفراج عنه لم يجد أمامه أي خيار غير التسول في الطرقات والنوم ليلاً في الأزقة الضيقة المظلمة.

والواقع أن حالة زانغ أحدثت صدمة وسط الصينيين الذين يجلّون أبطالهم الرياضيين فوق كل شيء آخر، ويغدقون الهدايا عليهم وعلى أسرهم بدرجة عالية من الكرم. وتعالت أصوات ndash; غير مألوفة ndash; تنتقد الدولة صراحة، وتقول إنه من غير المقبول أن يُلقى بهؤلاء الأبطال الى العراء في حال منعتهم الظروف من الاستمرار في أدائهم الباهر.

في خضم هذا الاحتجاج، اتضح أن زانغ ليس الوحيد الذي انتهى الى هذا المصير المفزع. فهناك ايضًا زينغ اويويي، الذي حاز ذهبية في اولمبياد سيدني 2000 في جمباز الحلقات الطائرة، ولم يُعرف شظف العيش الذي يعيش فيه حتى خرج النبأ على أحد المواقع الإلكترونية الصينية. ولدى سؤاله عن صمته أجاب قائلاً إنه يندفع بالحرص على laquo;سمعة الرياضة. إذا عرف الشباب بمصيري، فربما انصرفوا عن الجمباز، وهذا من أسوأ ما يمكن أن يحدث لنا كأمّة رياضيةraquo;.

وهناك آي دونغماي، بطلة الماراثون السابقة، التي اضطرت لبيع عشر ميداليات من البرونزية الى الذهبية نالتها في منافسات دولية عدة، من أجل دعم أسرتها بعد فقد زوجها وظيفته. وهناك أيضًا زو شونلان، بطلة البلاد في رفع الأثقال، التي تعمل الآن مدلّكة في حمّام عام.