يستقدم العراقيون عمالاً آسيويين لانخفاض كلفتهم ولأن العراقي يأنف القيام بأعمال كالتي يقوم بها العامل الآسيوي، بينما تستخدم العائلات خادمات للقيام بالاعمال المنزلية والاهتمام بالاطفال. وثقافة الخدمة تعتبر جديدة بين العراقيين ولا يخلو الأمر من تعرض بعض العمال للاساءة من قبل مخدوميهم.

العمالة الأجنبية تنتشر في العراق

بغداد: لم يتفاجأ سليم القادم من السويد عند زيارته عائلته في العاصمة العراقية بغداد من عامل بسحنة وملامح هندية، يقدم أطباق الطعام له في مطعم في شارع الشيخ عمر في بغداد.. وسليم الذي زار هذه المنطقة الصناعية لتصليح سيارة والده، اغتنم فرصة الانتظار لتناول الغداء في ذلك المطعم.

وفي حوار غير مقصود مع صاحب المطعم أدرك سليم ان استقدام العمالة الى العراق يجري على قدم وساق، فبحسب ابو أحمد الذي يدير المطعم فان كلفة العمالة الآسيوية منخفضة، لا تتجاوز مائتي دولار شهريا في غالب الأحيان، مقابل عمل ليل نهار وطيلة أيام الأسبوع مع توفير سكن بسيط للعامل في احد ملحقات المطعم. وفي المحال والاسواق التجارية يلاحظ احمد عشرات العمال الآسيويين وهم يقومون بشتى الاعمال حيث يحدث ذلك في وقت ترتفع فيه البطالة بين العراقيين لاسيما قطاع الشباب.

ثقافة العيب

لكن المشكلة بحسب احمد تعود الى الشباب انفسهم، فالعراقي يأنف القيام بأعمال كالتي يقوم بها العامل الآسيوي، حيث تلعب ثقافة العيب دورها في ذلك، إضافة الى صعوبة التعامل مع العراقي. وبحسب ابو احمد، فالعراقي يفهم من التعليمات على انها أوامر ومن الصراحة على انها وقاحة، كما انه لا يرضى بالدخل الشهري الذي يقبل به العامل الاسيوي وفق ما يعتقد أبو أحمد.

رمضان والخادمات

ومع حلول شهر رمضان فان أسعار الخادمات يرتفع كثيرا بسبب الطلب المتزايد وفي الشوارع التجارية في اغلب مدن العراق، وفي شارع السعدون و اليرموك و الجادرية و الكرادة و الكاظمية ( مناطق في العاصمة بغداد) يلمح المراقب عشرات الإعلانات لمكاتب استقدام الأجنبيات.

ويمكن للأسرة الحصول على خادمة إندونيسية بنحو ستة آلاف دولار سنويا. وغالبا ما تفضل الأسر المسلمة خادمات مسلمات. كما تفضل أسر ذات دخل جيد الخادمات من أوروبا مثل اوكرانيا وهنغاريا، حيث يصل سعر الخادمة نحو سبعة آلاف دولار سنويا. وفي الوقت ذاته فان الخادمة السمراء هي الاقل أجرا حيث تصل كلفة الواحدة نحو 1500 دولار سنويا.

ويقول سعيد الحسني وهو متعهد للعمالة الاجنبية في مدينة النجف ( 160 كم جنوبي بغداد) ان بعض الأسر تطلب خادمة لفترة شهر الصوم فقط. ورغم ان هذا يبدو غير عملي الا ان المكاتب مضطرة لتلبية ذلك طالما يوفر ذلك أرباحا.

خادمة أفريقية

وفي منطقة الكرادة استقدمت ام عصام خادمة أفريقية لها من احد مكاتب التشغيل، للقيام بأعمال التنظيف والترتيب، والإدامة.

الخادمة الاوغندية الأصل قدمت الى العراق لأجل العمل في محلات تجارية داخل القواعد الأميركية في العراق مقابل أجور مرتفعة بحسب ادعاءات المتعهد الذي استقدمها،لكنها وجدت نفسها خادمة في البيوت.

وام عصام التي اضطرها مرضها الى الاستعانة بخدامة لا تدع خادمتها تقوم بإعداد وجبات الاكل لأسباب نفسية كما تقول. وتمنح ام عصام الخادمة مائة وخمسين دولارا شهريا. وبحسب ام عصام فان فكرة الخادمة أقنعتها بها صديقتها ام فاهم التي تمتلك خادمتين في بيتها الواسع الذي هو عبارة عن فيلا كبيرة في المنصور (منطقة في بغداد). لكن ام عصام - كما تقول - تعامل خادمتها معاملة إنسانية، على عكس بعض العائلات التي تجبر العاملات على العمل لساعات طويلة حتى منتصف الليل.

وفي شهر رمضان فان اغلب العائلات الثرية في العراقتجد في الخادمة حاجة ضرورية، لاسيما بين الموظفات. ورغم ان اغلب الأسر في العراق يفضل الخادمات المسلمات الا ان البعض يضطر الى الاستعانة بخادمات من جنسية ودين آخر لعدم توفر الخادمة المسلمة.

علاقة انسانية

لكن الخادمة الاندونيسية فاطمة تتحدث عن quot;الطيبةquot; بين الأسر العراقية، فهي تعمل لدى عائلة لمى القاضي وهي مهندسة، و زوجها يعمل في المقاولات، حيث تلبي الاسرة لها جميع احتياجاتها وتمنحها فرصة الاتصال بأهلها في اندونيسيا عبر التلفون أو الانترنت، كما ان أفراد الأسرة يتعاملون معها بلطف،

وفي المقابل فانها تشير الى العمل الكثير الذي ينتظرها بسبب شحة المياه وتلوث البيت بالغبار، حيث يتوجب عليها المحافظة على نظافة البيت الواسع.وإضافة الى التنظيف بدأت فاطمة منذ فترة تعد الطعام للأسرة حيث تأمل ان تتقن اغلب الأكلات العراقية.

اغتصاب خادمة

وعلى عكس فاطمة، يشير سعيد الخفاجي صاحب مكتب تشغيل، إلى ان خادمة فليبنية تعرضت للاغتصاب على يد شاب مدمن على المخدرات حين انفرد بها في بيت أهله، ما اضطرها الى اللجوء الى مراكز الشرطة.

ويتحدث الخفاجي عن عدم التزام الكثير من الأسر العراقية بشروط العقد المبرم حيث تتلقى خادمات معاملة قاسية من البعض.

ورغم أن البعض بحسب الخفاجي يتهم مكاتب استقدام الخدم والعمال باستغلال حاجة الأسر، فان المكاتب مضطرة الى إلزام الزبون بضمانات مالية لضمان حق الخادم والعامل وكذلك المكتب، ولاسيما ان بعض المدن شهدت مشكلة هروب الخادمة او العامل بسبب التعسف الذي يلاقيه، وكل ذلك يقع على مسؤولية المكتب ماديا وقانونيا.

ثقافة جديدة

ويضيف الخفاجي : ان ثقافة quot; الخدمة quot; جديدة بين العراقيين، ولهذا تحدث مشاكل مثيرة، والبعض يتصور ان الخادم ليس quot; بإنسانquot; فيعامله معاملة لا تليق الا بالحيوانات. وتستعين اغلب مآدب النخب السياسية، وأثرياء العراق بالعمالة الأجنبية في إعداد وتهيئة المآدب الكبيرة.

الترف والتباهي الاجتماعي

ومثلما في إقليم كردستان العراق الشمالي حيث اصبحت الخادمة، احد مظاهر الترف والتباهي الاجتماعي، فانه في بعض مدن العراق لاسيما في بغداد، صار موضوع الخادمة مادة تحت البحث لدى اغلب الأسر التي لم تقرر بعد الاستعانة بخادمة.

وتفكر سليمة الجزائري المترجمة في احدى منظمات المجتمع المدني بالاستعانة بخادمة لتدبير شؤون البيت، بعدما أصبح الوقت ضيقا للقيام بأعمال المنزل.

وترغب اغلب الاسر من ذوات المداخيل المرتفعة في العراق بخادمة، وبحسب ريام السعدي الطبيبة في عيادة خاصة فإن وجود الخادمة في المنزل أصبح لا غنى عنه بالبيت لاسيما ما يتعلق بالأعمال المنزلية الشاقة.

رعاية الأطفال

وتعدى استخدام الخادمة لتدبير شؤون المنزل الى رعاية الأطفال، فقد استعان أحمد الصالحي وهو طبيب مع زوجته الطبيبة بخادمة عراقية تكون بمثابة جليسة اطفال، وبراتب شهري قدره مئتا دولار، حيث سارت على ما يرام لبضعة أشهر. لكن الأمر انتهى الى فشل بسبب غياب الانسجام بين الخادمة والأطفال.

والظاهرة الجديرة بالاهتمام هو انه رغم البطالة المرتفعة فإن استقدام العمالة الأجنبية ماض على قدم وساق.

كسل العمالة العراقية

ويقول الخبير في شؤون العمالة ليث منشد ان العمالة العراقية لا تستطيع الدخول في مجالات عمل يقبلها العامل الأجنبي بكل رحابة صدر، ومن ذلك الخدمة في المنزل واعمال التنظيف في الشوارع، وإدامة المرافق الصحية في المؤسسات والمرافق العامة، ما اضطر بعض الجهات الحكومية الى الاستعانة بعمال أجانب لجمع القمامة على سبيل المثال، كما اضطرت المطاعم الى استقدام عمال آسيويين.

وأحد الأمثلة التي يستعين بها ليث، ان ثريا عراقيا طلب من اخته المحتاجة ان تعمل في بيته مقابل مبلغ خمسمائة دولار، بدلا من استقدام عاملة أجنبية لكنها رفضت ذلك.