مجموعة من quot;الثوارquot; الليبيين خلال قتال مع قوات القذافي

مصراتة: بين الكثبان الرملية الساحلية المطلة على مدينة مصراتة يتم اعداد ثلاثة جثامين لدفنها اسلاميا، وكل ما يستدل عليه هو البزات العسكرية الخضراء المخضبة بالدماء مسجاة على خلفية من الرمال البيضاء تشهد على العنف الذي عاينته اللحظات الاخيرة من حياة القتلى.
وتجمع نحو عشرة رجال حول الجثث دون ان تربطهم صلة بأصحابها الذين لم يكن حبيب او قريب بين مشييعيهم.

والقتلى من قوات القذافي وقد تم انتشال جثثهم من ساحات القتال حول المدينة المحاصرة، بينما المشيعون من المتطوعين للقتال ضد القذافي وهم من الملتحين الذين يلبسون الجلباب.
ويؤكد المشيعون ضرورة دفن القتلى اسلاميا بغض النظر عن اي جهة انحازوا اليها في القتال، ويؤكد انهم يحرصون على مواراتهم الثرى رغم ان مقاتلي الثوار تقطع رؤوسهم وتلقى جثثهم على قارعة الطريق.

ويتباهى المشيعون بتقديمهم واجب التشييع للقتلى رغم انهم في حياتهم كانوا على الجانب المناؤئ لهم قتاليا، اذ يقول احدهم quot;هم في النهاية مسلمون، وعلينا ان نعاملهم معاملة اسلاميةquot;.
وبعد نزع ثياب القتال، يقوم احد المشيعين بغسل الجثة بعناية ووضع بودرة التلك المعطرة على جبهة كل جثمان وانفه وذقنه وعلى الجثة، فضلا عن مداواة الجروح ومن ثم لف الجثمان بالكفن الابيض وربطة عند القدمين والجسم والرأس، فيما يتم وضع ما تبقى من متعلقات القتلى في حقيبة تحمل رقما خاصا، وعادة ما لا تعدو مجرد دينارات قليلة ورصاصة حمراء المقدمة.

ويقول احد المشيعين انه بعد انتهاء الحرب سيكون بامكان اسر القتلى ان تأتي الى حيث دفن احباؤهم.
واخيرا تم اعداد الجثامين بانتظار الدفن، وعندها اخذ شاب يصلي على الجثث موجها قبلته الى مكة. وبعد ذلك تحمل الجثامين الى ساحة رمال تضم 12 صفا اسمنتيا تضم اكثر من 650 من جثث مقاتلي القذافي.

وبين لوح خشبي يشير الى الرأس واخر يشير الى القدم يتم وضع رقم بين الاسمنت قبل ان ينشف بما يشير الى هوية القتيل التي قد يستدل عليها من خلال ما وجد من اوراق او هواتف او بطاقات هوية.
يذكر ان الثوار يسيطرون منذ منتصف ايار/مايو على مدينة مصراتة التي تقع على بعد 200 كلم شرق طرابلس بعد ان صدوا هجوما واسعا لقوات القذافي.

وما زالت المدينة الساحلية التي كانت تضم نصف مليون نسمة قبل اندلاع الانتفاضة منتصف شباط/فبراير، تتعرض لقذائف قوات القذافي التي انسحبت لكنها تتمركز على بعد بضعة عشرات من الكيلومترات منها.
وينهمك المشيعون في عملية الدفن، وبينما يوارى الجثمان الثاني -- رقم 422 -- الثرى في تابوت خشبي، تصل شاحنة اخرى تحمل ثلاثة جثامين اضافية لمقاتلين للقذافي قضوا نحبهم.