يعود سبب عدم اصدار المحكمة الجنائية الدولية قرارات اتهام بحق الاسد على غرار القذافي، الى ان ظرف الوحيد الذي يمكن للمدعي العام ان يفتح فيه تحقيقا هو صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي أو إذا قبلت الولايات المتحدة بولاية المحكمة القضائية.
لندن: يتساءل كثيرون لماذا لم تسارع المحكمة الجنائية الدولية الى اصدار قرارات اتهام بحق الرئيس السوري بشار الأسد واركان نظامه مثلما فعلت بحمية لافتة ضد الزعيم الليبي معمر القذافي، لا سيما وان حملة البطش بالمحتجين في سوريا أشد دموية وعشوائية من اساليب القذافي في الأيام الأولى من الانتفاضة على نظامه.
وفي معرض الاجابة عن هذه التساؤلات قال مصدر في مكتب مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية مورينو اوكامبو ان الحالتين تختلفان وان يد المحكمة مقيدة بقدر تعلق الأمر بحالة سوريا.
ونقلت صحيفة كريستيان ساينس مونتر عن المصدر ان الظرف الوحيد الذي يمكن للمدعي العام ان يفتح فيه تحقيقا هو صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي، كما حدث في حالة دارفور وفي حالة ليبيا أو إذا قبلت الولايات المتحدة بولاية المحكمة القضائية، كما في حالة ساحل العاج. واضاف المصدر ان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لا يستطيع حتى التعليق على ما يجري من جرائم خارج اطار هذه الولاية.
ويعزو محللون صمت المدعي العام مورينو اوكامبو حول سوريا بالمقارنة مع تصريحاته القوية ضد جرائم النظام الليبي الى تدخل اعتبارات السياسة الدولية وطغيانها على الاحكام القانونية وبالتالي فان هذا الوضع ليس بجريرة اوكامبو.
ويكمن جوهر القضية وفق هذا التحليل في مجلس الأمن الدولي حيث تتحفظ قوى كبرى مثل روسيا والصين إزاء توسيع سلطة المجتمع الدولي لتشمل قضايا تمس السيادة الوطنية. ورغم الأدلة المتزايدة على ارتكاب جرائم حرب في سوريا، لا يبدو ان هناك استعدادا في مجلس الأمن للتحرك ضد الرئيس الأسد أو حلفائه الرئيسيين. وبالأمس قصفت زوارق النظام السوري الحربية مناطق من مدينة اللاذقية بينها مخيم للاجئين الفلسطينيين حيث نزح اكثر من 5000 لاجئ هربا من القصف.
باختصار ان المحكمة الجنائية الدولية لا تستطيع ان تفعل إلا ما تسمح به القوى الكبرى. ومن المتوقع ان تبقى هذه القيود مفروضة على تحرك المحكمة في شمال افريقيا والشرق الأوسط حيث تونس والاردن هما الدولتان الوحيدتان اللتان صادقتا على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وجاءت المصادقة التونسية بعد ثورتها على الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
تقدر منظمات حقوقية وناشطون ان اكثر من 2000 شخص قُتلوا خلال خمسة اشهر من الانتفاضة في سوريا. وكانت المحكمة الجنائية الدولية فتحت تحقيقا رسميا في ممارسات القذافي واعوانه بعد ثلاثة اسابيع فقط على اندلاع الانتفاضة الليبيبة.
وفي حالة السورية تمثلت اشكال الضغط الدولية المهمة لوقف حملة النظام الدموية ضد الاحتجاجات السلمية، حتى الآن بعقوبات فرضتها الولايات المتحدة ضد الأسد وعدد من اركان النظام، وقرار العربية السعودية مع دول خليجية اخرى استدعاء سفيرها من دمشق. ولكن مراقبين يؤكدون ان ممارسات النظام السوري خلال الأشهر الماضية تؤكد ان هذه الضغوط وحدها ليست كافية لردع النظام وحمله على الكف عن قتل شعبه.
التعليقات