رجل الدين السعودي محمد العريفي غادر بلاده مؤقتًا، وهو الرجل الذي ظل يمارس ذلك الظهور المتكرر عبر شاشات التلفزة الخارجية، ممتهنًا مهنة يحبّها، وهي الإفتاء، المحروم منها سعوديًا، ولم يظل له هناك إلا ممارسة خطبه الهجومية عبر منبره في خطوة تعكس ظهوره quot;الوديعquot; على الشاشات.


الداعية محمد العريفي

الرياض: يعدّ رجل الدين السعودي محمد العريفي أكثر إسلامي في بلده ممارسةً للظهور الإعلامي المتكرر، هذا الظهور quot;المهاجرquot; من خارج وطنه تبعه معه كثيرون. لكن العريفي ظل المطلب الكبير للقنوات والمنتجين والمقر الملائم له حيث يعشق.

رجل الدين الدكتور العريفي الموجود حاليًا في دبي روى عطش أطياف عديدة من المشاهدين العرب، في برامج دينية تناقش الواقع السياسي والاقتصادي، وكذلك الاجتماعي، من وجهة نظر دينية بحتة، خصوصًا من اعتاد منهم الربط بين مجريات الأحداث والنصوص الدينية والفقهية الإسلامية.

لم يكن العريفي وبرنامجه quot;لك صمتquot; الذي تبثه قناة دبي محققًا نسبة مشاهدين كثيرة، إلا لغياب كبير مؤثر خلفه رجل الدين السعودي الآخر الدكتور سلمان العودة وبرنامجه quot;حجر الزاويةquot; الذي كانت تبثه قناة quot;إم بي سيquot;.

ورغم بعد العلاقة مابين quot;دبيquot; وquot;إم بي سيquot;، إلا أن المكان يربطهما؛ ويتشاركان في هدف جذب المشاهد العربي، خصوصًا في منطقة الخليج خلال هذا الشهر. العريفي حمل أمتعته كعادته وانطلق بعيدًا عن منبره الذي يهاجم ويطلق من فوقه أعيرة quot;لفظيةquot; وهجومية بحق العديد ممن يختلف معهم مذهبيًا وفكريًا، وإن كانوا من وطنه.

محمد العريفي بصيغتين، من المنبر حيث التجهم، ومن الشاشة حيث quot;البشاشةquot; والوداعة، هذا الشهر تعددت طلاته، لكن الأكثر جذبًاكانت عبر quot;دبيquot;.

عودة إلى أقرب محاولاته في جذب المشاهدين، خصوصًا من ذوي السنين في مرحلة المراهقة، التي يطلقها دون اعتبار لتبعاتها ومخاطرها، فهو quot;الشيخquot; الخطيب الذي لا يعتذر بعد كل زلة أو هجوم من منبره في جامع quot;البوارديquot; في العاصمة السعودية الرياض. إلا أن زلات اللسان في القنوات الإعلامية يعاود فيها تصحيح المفاهيم وربما الاعتذار. وهي الخطب التي اشتهر بها، واتقدت نارها، بعد خروجه من جامع الكليو الأمنية، وفق ما تمليه عليه إحداثيات الزمان والمكان.

فلماذا يستجيب العريفي للشاشة، ولا يستجيب للمنبر؟، وأين يقع إعراب مسمّى محمد العريفي.. هل هو quot;المنبريquot; أم quot;رجل الشاشةquot;؟.

في أوائل شهر رمضان الحالي quot;نصحquot; العريفي مشاهدي قناة quot;دبيquot; بحذف قناة الـquot;ام بي سيquot; التي تقوم بعرض مسلسل quot;طاشquot; الشهير، نظرًا إلى ما اعتبر أنه شاهد بعضًا من حلقات المسلسل التي فيها استهزاء بالدين والمتدينين وفق وصفه.

هذا الانتقاد أعقبه العريفي بامتداح لبرنامجه وثناء مدير القناة للبرنامج، وفق إحصائيات أعلن أنها قاست ذلك في أول أيام رمضان الخمسة.

ممارسة العريفي لعمله في البرنامج يعتمد كثيرًا على الفتوى، حيث إنه رجل الدين الوحيد الذي جذب الأنظار للإجابة على بعض الأسئلة المستهلكة خلال رمضان، مفتيًا بتلال كبرى من النصوص بــquot;يجوز وما لا يجوزquot;.

ممارسة مهنة الإفتاء، التي حرّكت سيل الاتصالات على قناة دبي؛ حُصرت سعوديًا على أعضاء المؤسسة الدينية الأولى (هيئة كبار العلماء)، بعد أمر العاهل السعودي في آب/أغسطس من العام الماضي بذلك للقضاء على بلبلة quot;حراجquot; الفتاوى.

محمد العريفي هاجر quot;عكسيًاquot; مع برامجه التي منع من الظهور بها في التلفزيون السعودي، واختار من قطر والإمارات ولبنان مقار بث لها، وكأنه يتحدى بجذب المشاهدين عكس ما يراه بأنه quot;الرجل غير المرغوب بهquot; محليًا.

اتهمه كثيرون بأنه يسعى إلى الظهور، مستندين في ذلك إلى وثبته الشهيرة نحو قصد التصوير في القدس، إلا أنه نفاها في وقت آخر، محوّرًا حديثه أنه كان ينوي الذهاب فقط إلى الحدود الأردنية-الإسرائيلية للتصوير من على مرتفع هناك نحو فلسطين، ليعلن نفسه كأول رجل سعودي quot;حاولquot; الذهاب لكن الرياح أبت.

هذه الزيارة التي أعلنها العريفي في أواخر شهر آذار/مارس من العام 2010، حملت ضجة لم تهدأ حتى خروج متحدث مديرية الجوازات السعودية المقدم بدر الملك، الذي قال خلال حديث لجريدة الوطن السعودية في نيسان/أبريل من العام نفسه إنquot;المحاسبة لن تكون على التصريحات الإعلامية التي قد تكون بهدف الظهور،لكنها تتم إذا ما ثبت لوزارة الداخلية؛ بأن مواطنًا سعوديًا تجاوز الأنظمة، وسافر إلى إحدى الدول المحظورة، فإن ذلك يرفع إلى الجهات الرسمية لمعاقبته كائنًا من كانquot;.

مع تقاطر آخر لعلاقة العريفي بالإعلام، تناسى البعض من الصحافيين السعوديين قضيتهم المرفوعة ضد محمد العريفي، بعد إبلاغ وزارة الثقافة والإعلام أن هذه القضية ليست في نطاق حدود وصلاحيات واختصاصات لجنة المخالفات الصحافية، وأنها ضمن اختصاصات وزارة الشؤون الإسلامية.

ووفقًا لعدد منهم، الذين لجأوا إلى المحامين لدعم القضية، أبلغ أحد المحامين أن القضية لن تقبل داخل المحاكم لكون العريفي لم يصرّح باسم صحافي قط، وإنما صرّح فقط في بعض الصحف، وهو أمر لم تقم فيه أي صحيفة بإقامة دعوى قضائية تجاه العريفي، وإنما حرّك البعض من الصحافيين أقلامهم مدافعين ومنتقدين خطبته.

ذلك الدفاع اضطر العريفي معها إلى القيام بالحملة العكسية، ليقوم هو برفع دعاوى عدة على عدد من الكتاب، لم تظهر حتى اللحظة أية بوادر منها للصفين، وكأنها حرب تتقاذفها الألسن والأقلام بعيدًا عن واقع معاش.

آخر تحليق أدّاه العريفي كان في فتوى جديدة، بألا تخلوا الفتاة بأبيها، حيث قال في القناة الحالية نفسهاquot;دبيquot; ينبغي على البنت ألا تلبس لباسا فاضحًا أمام أبيها، وألا تلبس لباسًا ضيقًا من البنطلونات، وربما إذا سلّم عليها أو قبلها أو ضمها، ربما أن الشيطان يؤزه لبعض الأمورquot;.. مما استدعى العديد من الأقلام إلى مجابهة ذلك، بحرب في أركان الصحف المحلية والعربية، إلا أن عين الرضىما زالت تلاحق حتى زلات العريفي من محبيه ومعجبيه.