جنيف: اعلنت الامم المتحدة الاثنين ان اعمال القمع في سوريا اسفرت في حصيلة جديدة عن 2200 قتيل فيما اتهم امينها العام بان كي مون الرئيس السوري بشار الاسد بعدم الوفاء بالتزاماته.
وقتل ثمانية اشخاص على الاقل الاثنين غداة رفض الرئيس السوري دعوات الولايات المتحدة والدول الغربية الى تنحيه.
وندد مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الاثنين اثناء جلسة استثنائية باستمرار عمليات القمع في سوريا التي ادت الى سقوط حوالى 2200 قتيل، مشددا الضغط على دمشق من اجل تشكيل لجنة تحقيق مستقلة.
وقالت مفوضة الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي الاثنين لدى افتتاح الجلسة ان انتهاكات حقوق الانسان quot;مستمرة حتى اليوم في سورياquot;، مشيرة الى سقوط 2200 قتيل منذ بدء الازمة في اذار/مارس الماضي، منهم 350 منذ بداية شهر رمضان.
وقد تمت الدعوة الى عقد هذه الجلسة الاستثنائية بطلب من 24 دولة عضوا، بينها اربع دول عربية من المجلس هي السعودية والاردن وقطر والكويت. وارجئت الجلسة على ان تستانف صباح الثلاثاء للتصويت على قرار يدعو السلطات السورية الى quot;الوقف الفوري لجميع اعمال العنف ضد الشعبquot;.
ويطالب مشروع القرار ايضا بquot;ارسال لجنة تحقيق مستقلة بشكل عاجلquot; الى المكان لquot;اجراء تحقيقات حول انتهاكات حقوق الانسان في سوريا منذ شهر اذار/مارسquot; والى quot;تحديد المرتكبين للتأكدquot; من امكانية محاسبتهم على افعالهم.
وقال مندوب سوريا فيصل خباز الحموي quot;ان اللغة المستخدمة في مشروع القرار مقيتةquot; وان التصويت عليه quot;لن يكون من شأنه سوى اطالة امد الازمة في سورياquot;.
من جانبه، اعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الاثنين ان عدم التزام الرئيس السوري بشار الاسد بوعده بوقف العمليات العسكرية ضد الحركة الاحتجاجية في سوريا امر quot;يثير القلقquot;.
وبعد ان قال بان كي مون ان الرئيس السوري التزم امامه خلال اتصال هاتفي اجراه معه الاسبوع الماضي بانهاء العمليات العسكرية وعمليات قوات الامن ضد المعارضين، قال المسؤول الاممي quot;ان عدم التزامه بكلمته امر مثير للقلقquot;.
واعتبر الاسد في مقابلة بثها مساء الاحد التلفزيون السوري هي اطلالته الرابعة منذ اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظامه قبل خمسة اشهر، ان دعوات الدول الغربية الى تنحيه وفي مقدمها الولايات المتحدة التي عززت من عقوباتها ضد نظامه quot;ليس لها اي قيمةquot;.
وحذر من اي تدخل اجنبي او عسكري على سوريا واكد ان quot;اي عمل ضد سوريا ستكون تداعياته اكبر بكثير مما يمكن ان يحتملوهquot;.
وياتي ذلك فيما نشرت صحيفة البعث الناطقة باسم حزب البعث الحاكم على صفحتها الاولى خبر quot;المعارضة الليبية تسير على طرابلسquot; فيما ابرزت جريدة الوطن الموالية للسلطة نبأ سقوط quot;طرابلس في قبضة الثورة quot;وارفقت الصحيفة بالخبر صورة quot;الالاف من الليبيين يحتفلون في بنغازي بعد اعلان الثوار دخولهم الى طرابلسquot;.
واعتبر المعارض البارز فايز سارة في اتصال هاتفي مع وكالة فرانس برس ان التطورات الاخيرة في ليبياquot; قد يكون لها تاثير ايجابي على الشارع السوريquot;.
وترفض المعارضة السورية تدخلا عسكريا اجنبيا على غرار ما حصل في ليبيا، وتامل في ان تتمكن من اسقاط النظام عبر تحرك داخلي.
في هذا الوقت استمرت عمليات القمع. وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان ان quot;مواطنين قتلا وجرح اربعة آخرون عند الساعة الواحدة من الاثنين (22,00 تغ مساء الاحد) في مدينة مصياف بالقرب من حماة (وسط) اثر اطلاق الشبيحة (عناصر مولية للنظام) المحتفلين بحديث الرئيس السوري بشار الاسد الرصاص الحي في شارع معارض للنظام السوريquot;.
ومساء، اعلن المرصد السوري لفرانس برس ان quot;عدد القتلى في حمص ارتفع الى ستة اربعة منهم سقطوا برصاص الامن الشبيحة لدى تفريق مئات المتظاهرين في شارع عبد الحميد الدروبي اضافة الى قتيل من وادي السايح اعيد جثمانه الى ذويه وقد فارق الحياة تحت التعذيب وقتيل اخر قتل برصاص قناصة في حي عشيرةquot;.
من جهة ثانية، اعلن المحامي ورئيس المركز السوري للدفاع عن معتقلي الراي والضمير خليل معتوق لوكالة فرانس برس ان السلطات السورية افرجت الاثنين عن الناشط عبد الكريم ريحاوي الذي اعتقل بعد ظهر الخميس 11 اب/اغسطس في مقهى في دمشق.
واصدر الاسد الاثنين قرارا يقضي بتشكيل لجنة لشؤون الاحزاب برئاسة وزير الداخلية حسبما افادت وكالة الانباء الرسمية (سانا).
واوضح نص القرار الذي نشرته الوكالة ان quot;اللجنة ستكون برئاسة وزير الداخلية وعضوية القاضي ونائب رئيس محكمة النقض محمد رقية والمحامي ابراهيم محمد وجيه المالكي والمحامي علي ملحم ومحمود حسن مرشحةquot;.
الحراك الشعبي في سوريا يرفض مصادرة إنجازاته
واعطت حركة الاحتجاجات الواسعة في الشارع السوري دفعًا للمعارضة التقليدية، التي لاحقها النظام، وقام باعتقال افرادها لعقود، الا ان الناشطين الذين يقفون وراء الحراك الشعبي الضخم في الشارع لا يريدون في المقابل ان تصادر انجازاتهم التي دفعوا ثمنها غاليًا.
ويقول رئيس المركز السوري للدراسات والابحاث القانونية انور البني لوكالة فرانس برس quot;المعارضة التقليدية كانت موجودة، لكنها فوجئت بالحراك في الشارع، وتحاول الآن اللحاق به واعداد رؤيتها حسب التطورات الجديدة التي نتجت منهquot;. ولفت البني الذي خرج من المعتقل في ايار/مايو الماضي بعد ان امضى فيه خمس سنوات quot;في السابق كنا معارضين ضد النظام، ولم نفكر يوما انه سيسقط، الا ان الحراك الشعبي تفوق اليوم، واثبت ان ذلك ممكنquot;.
واضاف البني quot;اسقاط النظام لم يكن واردًا على الاطلاق حتى انني عندما كتبت رؤيتي حول تغيير النظام، وادرجت فيها ضرورة تغيير الدستور عام 2005 نعتني اصدقائي بالجنونquot;. وغابت المعارضة السورية بمختلف وجوهها عن الساحة السياسة السورية في بداية الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي انطلقت في منتصف اذار/مارس قبل ان تتدارك نفسها، وتبدأ بتنظيم نفسها وتشكيل ائتلافات وتحالفات من اتجاهات مختلفة.
وبرر القيادي في حزب العمل الشيوعي فاتح جاموس غياب المعارضة التقليدية بالقول quot;ان النظام ساهم في فشل معظم الاحزاب في نسج علاقة صحيحة مع الشارع السوري بسبب منعنا من العمل السياسي وسياسة القمع والاعتقالاتquot;. واضاف quot;جرت محاولات لتوحيد صوت المعارضة السورية بالتوافق مع موجة ثورات الربيع العربية، الا ان الامر فشل بسبب خلافات تتعلق بالتغيير الديموقراطي ووسائله اي الموقف من النظام والموقف من العامل الخارجيquot;.
واضاف quot;الا انه وبعد انطلاق الحراك الشعبي في سوريا جرت محاولات جادة لتوحيد صوت المعارضة السورية بصفته امرا مهما جدا لان الحراك انطلق في سوريا بدرجة عالية من العفوية، ولم تستطع المعارضة التقليدية مواكبته ونسج علاقة صحيحة معهquot;.
وسط هذا الغياب للمعارضة التقليدية ميدانيا، اعلنت مجموعات سورية معارضة في بيان صدر في التاسع عشر من آب/اغسطس الحالي من تأسيس quot;الهيئة العامة للثورة السوريةquot; التي تتألف من 44 مجموعة ولجنة تضم تجمعات المحتجين وخصوصًا اللجان التنسيقية في المدن داخل سوريا والمعارضين في الخارج.
جاء في بيان التأسيس ان هذه الهيئة اسست بعد quot;اندماج كل تجمعات الثورة داخل سوريا وخارجها (...) لتكون ممثلاً للثوار في كل انحاء سوريا الحبيبةquot;. ولما عقد معارضون يتألفون خصوصًا من التيار الاسلامي، وغالبيتهم من المعارضين في المنفى، ابتداء من السبت اجتماعا في اسطنبول اعلنوا انه سيمهد لاعلان quot;المجلس الوطني السوريquot;، اصدرت quot;الهيئة العامة للثورة السوريةquot; بيانا قاسيا ظهر وكأنه موجه ضد هذا الاجتماع.
وقالت الهيئة في بيان الاحد ان quot;انعقاد عدد من المؤتمرات والدعوات إلى مؤتمرات اخرى بعضها يدعو الى تشكيل مجالس انتقالية او حكومات منفى سورية (...) كان له تداعيات سلبية على الثورةquot;.
واكدت الهيئة انها quot;تؤيد اي مسعى حقيقي إلى توحيد جهود المعارضة السورية في الداخل والخارج بما يدعم الثورة السوريةquot; لكنها اكدت quot;رغبتها في تأجيل أي مشروع تمثيلي للشعب السوريquot; من اجل quot;المصلحة الوطنية والثورة السوريةquot;. وبررت موقفها quot;بالعمل على التوافقية الكاملة لكل اطياف ومكونات الشعب السوري في الداخل والخارج ما يمكن الثورة السورية من تحقيق اهدافها وتطلعات شعبنا باسقاط النظام وبناء الدولة المدنية الديموقراطية لكل السوريينquot;.
امام هذا الموقف اعلن المجتمعون في اسطنبول انهم سياخذون موقف الهيئة بعين الاعتبار، وانهم مددوا اجتماعهم وتمهلوا في اعلان تشكيل المجلس الوطني السوري ريثما يتم الاتصال بالهيئة. وحرص الناشط السوري المعارض عبد الرحمن الحاج احد المشاركين في اجتماع اسطنبول على التاكيد لفرانس برس ان المجلس الوطني سيضم quot;التيار الاسلامي والاكراد والليبراليين واليساريين وكل اطياف المجتمع السوري وسيكون للمرأة نسبة 16 في المئة من اعضائهquot;.
وفي اطار الجهود الايلة لتوحيد نشاط المعارضين السوريين ،كان اعلن في دمشق في 30 حزيران/يونيو عن تشكيل هيئة للتنسيق الوطني تهدف الى التغيير الوطني الديموقراطي في سوريا، وتمثل المعارضة في الداخل والخارج، حسب ما اعلن منسق الهيئة المحامي حسن عبد العظيم (80 عاما) الذي تم توقيفه لعدة ايام في ايار/مايو الماضي لوكالة فرانس برس.
واشار جاموس الذي يشارك حزبه في هيئة التنسيق الوطني quot;ان هذه المحاولات على شكل مؤتمرات تتصرف في الخارج بطريقة حذرة لانها تعرف ان العمل الفعلي هو في الداخلquot;. واكد على ضرورة quot;توحيد صف المعارضة في الداخل بشكل اساسي وتوحيد صوت المعارضة في الخارج بصفتها داعمة للحراك الشعبي للمعارضة في الداخلquot;.
وذكر الناطق الرسمي باسم حزب الوحدة الديموقراطي الكردي (يكيتي) زردشت محمد لفرانس برس quot;ان ظاهرة المؤتمرات التي عقدت أخيرًا اتت نتيجة غياب قانون ينظم عمل الاحزاب وعدم اعتراف السلطات بقوى المعارضة وتغييب المجتمع عن العمل السياسيquot;. واضاف محمد quot;ان ظاهرة المؤتمرات اتت بعد موجة الاحتجاجات كنتيجة طبيعية لغياب الحريات العامة في سورياquot;، لافتا الى انها quot;بحاجة إلى خطوات لتوحيد التكتلات السياسيةquot;.
الا ان محمد اكد في المقابل quot;ان المؤتمرات يجب ان تكون داخل سوريا للقوى الفاعلة على الارض، على ان تكون الاحزاب وممثلوها في خارج البلاد داعمة لهمquot;. ودعا الى عقد مؤتمر عام لتوحيد المعارضة الغرض منه quot;الانتقال الى دولة ديموقراطية مدنية علمانية تكرس سيادة الشعب والمساواة التامة بين المواطنينquot;.
واشار الى ان quot;التباينات موجودة، الا انه لا يجب النظر اليها بالعمق الذي يدعو الى التباعد، حيث يمكن الالتقاء على النقاط غير الخلافية كالدولة المدنية ورفض التدخل الاجنبي والتاكيد على سلمية الثورة والتمسك بوحدة الشعب وعدم التمييزquot;.
واعلنت المفوضة العليا لحقوق الانسان نافي بيلاي الاثنين ان حصيلة ضحايا قمع الحركة الاحتجاجية في سوريا ارتفعت الى 2200 قتيل، وذلك لدى افتتاح جلسة استثنائية لمجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة. وانطلقت الحركة الاحتجاجية الواسعة في سوريا في الخامس عشر من اذار/مارس الماضي، وهي لا تزال متواصلة، عبر التظاهر اليومي في الكثير من المدن السورية مطالبة باسقاط نظام الرئيس بشار الاسد.
التعليقات