ثوار ليبيا في باب العزيزية في طرابلس

مع قرب سقوط نظام العقيد الليبي معمّر القذافي، بدا أن العمل من أجل بناء مؤسسات خاصة بمجتمع أكثر تحرراً بات ضرورة ملحة، قد تُشكِّل أو تمزق النظام الناشئ الجديد في ليبيا.

واعتبرت في هذا السياق صحيفة quot;الغارديانquot; البريطانية أن الحياة الفاضلة التي لطالما ظلت بعيدة عن مخيلة الليبيين قد ينعمون بها عما قريب.

لكن الصحيفة شددت في هذا الشأن على أن المعركة الأكبر التي يواجهها ثوار ليبيا الآن هي أن يفلحوا في جهود توحيد صفوفهم، ويبتعدوا عن كل ما يثير الخلاف والشقاق بينهم. حيث أوضحت أن المجلس الوطني الانتقالي الذي يمثل المعارضة الليبية يحظى على نحو بطيء بدعم كثيرين ممن قاتلوا تحت رايته.

ففي الوقت الذي انحدرت فيه الحرب الأهلية التي عصفت بالبلاد إلى موجة ركود وتراجع، تكونت ثلاث فصائل مختلفة من الثوار، لكل منها هويتها المتباينة وجذورها القبلية المختلفة.

الفصيلة الأولى تتمركز في الجزء الشرقي، وتتكون إلى حد كبير من أفراد الطبقة المتوسطة المتمردة؛ أما الفصيلة الثانية فتتمركز في الوسط، وهي الجماعة التي خاضت أعنف وأشد معارك الحرب القتالية؛ والفصيلة الثالثة هي التي يقطن أفرادها تلك المناطق الجبلية في الجزء الغربي، وقد لعبوا دوراً بارزاً في جهود اقتحام طرابلس، بعدما نجحوا في اجتياز خطوط القذافي الضعيفة في نهاية الأسبوع الماضي.

وبعيداً عن أي خلافات، رأت الصحيفة أن السباق الحقيقي سيتجسد في مساعي بناء دولة على أنقاض فترة حكم شمولي استبدادي استمرت على مدار أربع عقود، حيث ظلت المؤسسات ضعيفة وغير ناضجة.

لكن الغارديان حذرت في هذا السياق من خطر انجراف ليبيا إلى التيار نفسهالذي أنهك العراق، ولايزال، بعد سقوط الرئيس السابق صدام حسين قبل أكثر من ثمانية أعوام. وقالت إنه رغم مرور كل هذه المدة، لا تزال هناك أجندات متنافسة وطبقة سياسية مفككة ومواطنين لم يعد أمامهم سوى تلك الحقيقة التي تقول إن بلادهم لا تمتلك القدرة أو الرغبة في الاعتناء بهم.

ثم تابعت الصحيفة بقولها إن المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي على علم في ما يبدو بأنه في حالة حدوث هذا السبات نفسهفي ليبيا، فإن مطالبتهم بالسلطة سرعان ما ستتلاشى، وقد تعهدوا بأن يفعلوا كل ما بوسعهم من أجل تمثيل جميع الليبيين تمثيلاً فعلياً. وسبق لمسؤولي المجلس أن قالوا أول أمس إنهم سيحتاجون مدة تصل إلى 20 شهراً، كي يتمكنوا من إنشاء إطار عمل خاص بالحكومة الليبية الجديدة.

ثم تحدثت الصحيفة عن الطبيعة القبلية التي تميز نسيج المجتمع الليبي، وهيأحد القواسم الأخرى التي تشترك فيها ليبيا مع العراق. وهو الأمر الذي يثير المخاوف، كما سبق أن حذر سيف الإسلام القذافي، من احتمالية نشوب حرب قبلية، في مرحلة ما بعد القذافي، خصوصاً بعدما أكدت الصحيفة أن القبائل ستكون أكثر حزماً وحسماً، لاسيما تلك القبائل التي لم تتمتع بمزايا رعاية القذافي.

فضلاً عن هؤلاء المغتربين الذين عادوا أخيراً بأعداد كبيرة، وسيتم استدراجهم ربما بأعداد أكبر حين تسقط طرابلس في نهاية المطاف. وهناك أيضاً الإسلاميون الموجودون في الشرق، الذين كانوا يخضعون لسيطرة القذافي، إلا حين كانوا يريدون السفر إلى العراق أو أفغانستان، وهو ما كان يختار القرويون في الشرق أن يفعلوه بأعداد كبيرة.

وفي وقت يخصص فيه الجهاديون الآن ولاءهم إلى المجلس الوطني الانتقالي، وطموحه في تحويل ليبيا إلى ديمقراطية متعددة تمثل مجموعة من المصالح المتنافسة، تلوح في الأفق مخاوف حقيقية من احتمالية ألا يكون بمقدور أفراد المجلس الانتقالي تنفيذ تلك المهمة.

وأكدت الغارديان في ختام حديثها أن مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس، سيتعين عليه سريعاً اقناع الليبيين بأنه قادر على أن يبلي بلاءً حسناً.