بالقرب من بني وليد: تعبر سيارات العائلات الآتية من بني وليد الحواجز التي ينصبها الثوار الليبيون على ابواب المدينة، فيما يرفع ركابها شارة النصر فرحين بابتعادهم عن المعارك هناك.

وعلى بعد حوالى خمسة كيلومترات من بني وليد التي تعتبر احد آخر معاقل العقيد الليبي الفار معمر القذافي، الذي حكم البلاد بقبضة من حديد لاكثر من اربعة عقود قبل ان تطيح به ثورة شعبية مسلحة، يتمركز الثوار بانتظار شن هجمات جديدة ضد مواقع قوات القذافي في المدينة.

وتعبر منذ الصباح سيارات تنقل عائلات وافرادا وامتعة، الحواجز عند اطراف بني وليد (170 كلم جنوب شرق طرابلس). وقال المقاتل ابراهيم بشير علي (25 عاما) الذي يشرف مع مقاتلين آخرين على حاجز يبعد كيلومترات قليلة عن مدخل المدينة وتتمركز عنده مجموعة من الصحافيين ان quot;عشرات السيارات تعبر منذ الصباح هربا من المدينةquot;.

واضاف لوكالة فرانس برس ان quot;العائلات التي تغادر تخضع للتفتيش خوفا من وجود مندسين فيها ثم تكمل طريقها باتجاه مناطق اخرىquot;. وقال عبد المطلب (42 عاما) العائد من المدينة مع ثلاثة من اقربائه ان quot;الوضع مستقر حاليا وهادىء في بني وليد لكن السكان يشعرون بالخوفquot;.

واوضح عبد المطلب الذي يسكن عند اطراف المدينة ان quot;اذاعة الكذب والفتنة والعمالة تبث تهديدات منذ الصباح ضد اهالي المدينة بسبب محاولة الثوار دخولها، ما دفع المقاتلين الى التراجع عن تمركزهم عند اطرافها خوفا على حياة السكانquot;.

وذكر ان quot;اصوات تبادل اطلاق النار تسمع بين الحين والآخر، الا انه لا معارك كبيرة حتى الآنquot;. وتبث اذاعة موالية للقذافي في بني وليد التي يسكنها حوالى 150 الف نسمة نداءات متكررة الى المواطنين من اجل البقاء في منازلهم وquot;القتال حتى الموتquot;.

ويتحدث المذيع الذي كان من الممكن التقاط اشارة بث اذاعته من المكان الذي تتمركز فيه مجموعة من الصحافيين باتت تبحث عن اي وسيلة للابتعاد عن ملل اصاب عملها بسبب قلة الاحداث هناك، عن ان quot;الموت حق اينما كنتمquot;.

ويقول quot;لا بد ان ندافع عن شرف وكرامة بني وليدquot;. ويتابع quot;تلك العصابات التي تهلل للناتو (حلف شمال الاطلسي) حين يضرب اخوتنا لا بد من مواجهتهمquot;. ويحرض ابناء قبيلة الورفلة النافذة بشكل خاص على مواجهة الثوار بالقول quot;هم يشتمون الورفلة فكيف تقبلون بذلك؟ هل من المعقول ان ترضوا بالاهانة؟ لا بد وان تبقوا هناquot;.

وكان الثوار يجربون في منطقة يتمركزون فيها على بعد كليومترات قليلة من مدخل المدينة، اسلحة جديدة تشمل مضادات الدروع والمدفعية الخفيفة. وقال قائد ميداني للثوار رفض الكشف عن اسمه quot;استقدمنا اسلحة جديدة والمقاتلون يتدفقون من مناطق اخرى ايضاquot;.

وبدت الجبهة هادئة اليوم، حيث لم تجر اي معارك كبيرة، فيما كانت طائرات حلف شمال الاطلسي تحلق في اجواء المنطقة. ولم تشن قوات المجلس الوطني الانتقالي الليبي اي هجوم كبير بعد المعارك التي دارت الاحد في بني وليد.

وقال طبيب جراح من مستشفى ميداني اقيم خارج المدينة الاحد، ان 10 اشخاص على الاقل قتلوا في معارك الاحد، مضيفا quot;نقلت الى المستشفى 10 جثث و20 جريحا بينهم امرأةquot;. وقتل السبت خمسة اشخاص على الاقل واصيب اكثر من عشرة بجروح.

وكان منسق الجبهات قرب بني وليد العقيد عبدالله ابو عصارة اعلن في وقت سابق ان quot;المقاومة شرسة وقوية لكننا نأتي بافضل مقاتليناquot;، مضيفا quot;ان معظم القوات والمرتزقة التابعين للقذافي موجودون في بني وليدquot;.

واشار ابو عصارة الى ان المقاتلين لم يتلقوا بعد امرا بشن الهجوم بينما تجعل طبيعة هذه المدينة الشاسعة، التي تعتبر ممرا استراتيجيا نحو الجنوب بشكل عام، مع تلالها الصغيرة العديدة، اي تقدم سريع امرا صعبا.

ويقلل قادة الثوار يوما بعد يوم من تصريحاتهم الى الصحافيين حيث كانوا في السابق يقدمون ملخصا يوميا عن الاحداث الجارية، الا انهم باتوا اليوم يتحفظون عن الادلاء باي معلومات مهمة، نظرا للثبات الذي يسيطر على الوضع حاليا.

الا ان مسؤول التفاوض عن جانب الثوار عبد الله كنشيل اعلن ان quot;هناك نقاشا مع كتائب القذافي يجري عبر وسطاء ويهدف الى دفع تلك الوقات نحو تسليم اسلحتهاquot;. لكنه شدد في الوقت ذاته على ان quot;لا نتيجة حتى الآن لهذا النقاش اذ تصر الكتائب على القتال وقد قامت مساء امس (الاثنين) بقصف مناطق سكنية في المدينةquot;.

وتابع ان quot;القرار متروك للقادة العسكريين على الارض للتعامل مع هذا الوضعquot;. وذكر كنشيل ان quot;السكان العائدين يؤكدون لنا ان الوضع هناك صعب، وانهم يعانون من نقص في الكهرباء والماء ومواد اساسية اخرىquot;. ويقول احد السكان المغادرين الذي ترافقه ثلاث نساء جلسن في المقعد الخلفي للسيارة quot;الترقب هو سيد الموقف في المدينة، والحمد لله اننا خرجنا سالمينquot;.