لا تستبعد أوساط إسبانيَّة أن تتأزم العلاقة بين الجزائر وليبيا، بل أن تصل إلى نزاع حدودي مسلّح، لا سيما أن خيار الجزائر باستقبال عائلة القذافي ليس سوى الوجه الظاهر من أزمة مكتومة، تخفي في طياتها أبعادًا متشعبة، تبدأ بتقاطعات المصالح السياسيَّة الدوليَّة... وتنتهي بالنفط.


هذه هي الأسباب وراء توفير الجزائر الملجأ لأقارب القذافي

قالت أوساط إسبانيَّة مطّلعة، في البهو السياسي الإسباني، إنَّ ثمة مخاوف حقيقيَّة من أن تدويلاً مقبلاً قد يحدث لما أسمته بالمسألة الليبيَّة، بعد لجوء بعض من عائلة العقيد معمّر القذافي إلى الجزائر، مما اعتُبر خرقًًا لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير، وفسر بأنَّ القوة الحاكمة في الجزائر ترغب فى الاحتفاظ بهذا اللجوء كورقة، مع عدم استبعاد التقاطعات الدوليَّة من قبل بلدان تعتبر خاسرة في التطور الليبي الأخير، وعلى رأسها روسيا والصين، العضوان البارزان فى مجلس الأمن.

وقد جاهر البلدان بعرقلة قرارات لمجلس الأمن آخرها الإفراج عن ودائع ليبيَّة، كما إنَّ موسكوتحديدًا تشعر بأنَّ نفوذها في أكثر من بقعة جرى تقليصه مثل العراق وليبيا أخيرًا وعلى الخط سوريا.

لا تستبعد تلك الأوساط أن احتمالات إثارة الوضع على حدود البلدين واردة، حيث توجد على خط الحدود مناطق عامرة بالغاز الطبيعي، وتعتبر حقولاً مشتركة بين البلدين، مما يسمح بتداخل المصالح الدوليَّة والإقليميَّة.

لا تُعلم الأسباب التى قلبت الموقف الجزائري رأسًا على عقب وأورثت هذا الوله بالقذافي وعائلته، إذ إن الأوساط الحاكمة في الجزائر تكنّ عداءً شديدًا له جراء تأييده استقلال الصحراء الغربيَّة، بينما تعارض الجزائر كالمغرب هذا الاستقلال، وتفضل كالمغرب اعتبارها مشكلاً عالقًا بين البلدين.

أما الاستقلال فخط أحمر تتفق عليه العاصمتان الرباط والجزائر. يضاف إلى ذلك تأييد الحاكم الليبي السابق لقبائل الطوارق، التي تعيش فى مالي والنيجر، ولها علاقة وثيقة بالأراضي الجزائرية. لكن كاتبًا جزائريًا برّر هذا المتغير لجريدة quot;لوموندquot; الفرنسية بأسباب عدة، منها أنَّ البلد يعيش شللاً سياسيّاً وغيبة دبلوماسيَّة، نتيجة الخلاف بين أطراف الحكم حول خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وقال الصحافي أكرم بلقايد إنَّ السبب الثاني هو قناعة الأوساط الحاكمة فى الجزائر أن ثمة اختراقًا من جانب الجماعات الإسلامية للحركة الثورية الليبية، وهذا ما يثير القلق هنا. الأمر الثالث هو أن الحكم الجزائري متخوف من أي اتجاه نحو التغيير والديموقراطية، بل على عداء معهما، وعلى حذر منهما ومن الثورات.

تبقى الأيّام المقبلة حافلة بالتغيير، وربما حبلى بالمفاجآت، مع الأخذ بالاعتبار الأهمية المتصاعدة لليبيا اقتصاديًا. فدول مثل فرنسا وإسبانيا وإيطاليا بنت مصافي مركبة على النفط الليبي النظيف وسهل الانتقال إليها ولدى ليبيا ما يؤهلها لإنتاج كميات نفط إضافية ترفع حصتها إلى 15% من إنتاج أوبك، وتملك حقلاً نفطيّاً كبيرًا مشابهًا لحقل الغوار السعودي.

ويمكن لليبيا خلال السنوات المقبلة أن ترفع إنتاجها إلى نحو 4 ملايين برميل يوميّاً.

المعركة المقبلة على النفط قد تؤدي بالجزائر وغيرها إلى بناء تحالفات مع دول أخرى لم تحسم موقفها من الثورة الليبية لأسباب مختلفة، على رأسها النفط بطبيعة الأحوال والحال.