الساعدي القذافي

يبدو أن المقر الجديد للساعدي القذافي نجل العقيد الليبي المتواري عن الأنظار ما هو إلا فيلا فاخرة في مجمع من دور الضيافة بجوار القصر الرئاسي في النيجر حيث انضم إلى مجموعة من القادة العسكريين في جيش القذافي يقيمون تحت حراسة مشددة في شقق وفيلات فخمة.


لندن: حرص دبلوماسيون أميركيون على إشاعة نبأ الوصول إلى مكان الساعدي القذافي نجل الزعيم الليبي المخلوع، ووضعه عملياً تحت الإقامة الجبرية بعد هروبه الى النيجر. ولكن صحيفة quot;الديلي تلغرافquot; قالت في تقرير من نيامي انها تعقبت تحركات الساعدي القذافي في عاصمة النيجر واكتشفت ان المكان الفاخر الذي يقيم فيه أقرب الى quot;منتجع ينزوي فيه زير نساء مع غانياته منه الى السجنquot;.

واشار التقرير الى ان الساعدي القذافي وهو لاعب كرة سابق، نُقل الى عاصمة النيجر بطائرة عسكرية ليل الاثنين الماضي وأُعطي فيلا فاخرة في مجمع من دور الضيافة بجوار القصر الرئاسي، وان المجمع هو الآن ملاذ الساعدي القذافي الآمن بعيدا عن صخب الحرب التي ما زالت مستعرة في بلده.

وانضم الساعدي القذافي الى شلة من القادة العسكريين في جيش القذافي بينهم علي شريف الريفي قائد قوة القذافي الجوية سابقا ومنصور ضو رئيس جهازها الأمني اللذان يقيمان في فيلات قريبة محمية بأسوار عالية في مجمع يقع على سفح تل يضم شققا فاخرة ذات شرفات لطيفة ومباني ادارية أنيقة تنهض على أعمدة طويلة.

ويحرس بوابات المجمع جنود أشداء ببدلات القتال يتصببون عرقا تحت اشعة الشمس لكنهم يقبضون على اسلحتهم الرشاشة بثبات. وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الاميركية فكتوريا نيولاند ان الساعدي القذافي يُحتجز في دار ضيافة وهو من حيث الأساس تحت الاقامة الجبرية في هذه المنشأة الرسمية quot;في حدود فهمناquot;.

ولكن صحيفة الديلي تلغراف تؤكد ان ما تقوله المسؤولة الاميركية لا يتفق تماما مع ظروف اقامة الساعدي القذافي على اطراف ارقى منطقة في عاصمة النيجر الفقيرة التي استقبلت اللاجئين اليها من اركان نظام القذافي بحفاوة لأسباب منها المال الذي اغدقه القذافي في هذا البلد.

إذ يقول مونكيلا سعيدو الذي يملك مزرعة خضار انه يدين بنجاحه في تجارته الى استثمار العقيد معمر القذافي في النيجر وانه كان يوم الأربعاء بين مستقبلي اعوان القذافي الهاربين.

ويقول مدير المزرعة لصحيفة الديلي تلغراف quot;ان هذا كله بفضل القذافي، فهو الذي حفر الآبار وأقام مضخات الماء على امتداد النهر، وان تعاونيتنا ما كانت لتوجد لولاه. وفي السنوات الثلاث الماضية أخذ على عاتقه تسديد كل نفقاتنا، ما حققه لنا اكثر مما عملته حكومتنا أو الأجانبquot;. وتساءل لماذا لا يأتي مسؤولو نظام القذافي الى النيجر في ساعة الخطر بعد كل ما فعله لهذا البلد.

والحق ان قائمة العطايا التي منحها القذافي طويلة ومعروفة في العاصمة نيامي، وعلى رأسها المسجد الرئيس وطريق معبَّد. وحتى برلمان النيجر المنتخب ديمقراطيا يجتمع تحت قبة مبنى عليه يافطة كبيرة تعدِّد هدايا quot;القائد والشعب الليبيquot; للنيجر.

وقال وزير العدل والناطق باسم حكومة النيجر مارو امادو ان بلاده تجد نفسها محاصرة بين صخرة دبلوماسية وزاوية سياسية صلدة بوصول اعوان القذافي. واضاف الوزير quot;أن الحكومة لا تعرف إن كانوا سيبقون على المدى البعيد لأنهم ليسوا مدعوين، ولكن تذكروا ان ليبيا بلد في حرب وبالتالي فاننا لا نستطيع ان نعيدهم وفي الوقت نفسه سنتقيد بالالتزامات الدولية بعدم السماح لأي أحد مشمول بمنع السفر بمغادرة البلد، وبالتالي فهم عالقونquot;.

وكانت لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة فرضت حظرا على الساعدي القذافي (38 عاما) الذي حاول في السابق ان يكون لاعبا كرويا محترفا في نادي بروجيا، احد اندية الدوري الممتاز الايطالي. وفي حين انه كسب سمعته كمبتدئ عن جدارة فانه كان يقود احدى كتائب القذافي التي استخدمها النظام ضد انتفاضة شعبه.

وأوضح الوزير امادو أن الشروط الصارمة التي فرضتها حكومته على إقامة أعوان القذافي في أراضيها أشد فاعلية من الاحتجاز الصريح. وأشار إلى مصادرة أسلحتهم وهواتفهم الخلوية وكومبيوتراتهم المحمولة ومنعهم من العمل على quot;تقويض استقرار جارتنا بنشاطهم السياسيquot;. وشدد على أن quot;إنعدام الإستقرار في ليبيا هو أكبر خطر على النيجرquot; معرباً عن الأمل quot;بعودة السلام والديمقراطية والإستقرار إلى جارتنا في القريب العاجلquot;.

وكانت النيجر نفسها عادت الى الحكم الديمقراطي في نيسان/ابريل حين تسلم الرئيس محمدو ايسوفو مقاليد السلطة من مجلس عسكري حاكم. وتنظر الحكومة الجديدة بقلق الى العبء الذي ألقاه النزاع في ليبيا على سمعتها.

وقال وزير العدل امادو quot;ان غالبية افراد أسرة القذافي هربوا الى الجزائر ولكن كل الضغط والاهتمام مسلط على النيجر ربما لأنها حكم ديمقراطيquot;. واكد مجددا تعهد حكومته بتنفيذ التزاماتها الدولية لكنه لفت الى quot;ان لا احد يذكر الأعباء التي نواجهها بعد عودة 200 الف مواطن نيجري من لبيباquot;.

وتتعرض حكومة النيجر الديمقراطية الفتية التي تعتمد على دعم الغرب في تنفيذ برنامجها الاصلاحي الى ضغوط سافرة لمنع الساعدي القذافي من القيام بأي نشاط ضد الحكم الجديد في ليبيا انطلاقا من أراضي النيجر.