رغم اثبات الحكومةالسورية قدرتها على اختراق خلايا المتظاهرين في داريا وغيرها من المدن يواصل المعارضون تنظيم الاحتجاجات وتعلموا تكتيكات للتكيف مع بعضهم.

حضر السفير الأميركي روبرتفورد عزاء الناشط السوري غياث مطر

القاهرة: برزت مدينة داريا التي تقع على مشارف العاصمة السورية دمشق، والتي تشتهر بأعمال النجارة وحقولها الخصبة، باعتبارها نموذجاً يوضح وجهين للانتفاضة السورية بكونها: مرنة جداً لأن تفشل، وضعيفة جداً لأن تُحتمل.

فمع مرور ستة أشهر بالتمام والكمال على تلك الثورة التي بدأت من أجل الإطاحة بنظام الرئيس السوري، بشار الأسد، تعلم المتظاهرون والأفراد المنتمون إلى قوات الأمن quot;تكتيكات يمكنهم الاستعانة بها من أجل التكيف مع بعضهم البعض في تلك المواجهةquot;.

وأكدت في هذا السياق اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية أن quot;المأزقquot; الذي أعقب ذلك ليس إلا تعبير لطيف للغاية لوصف حصيلة الضحايا الذين قدرت أعدادهم، وفقاً لإحصاء الأمم المتحدة، بـ 2600 متوفياً. غير أن أزمة من هذا النوع قد برزت، بعدما أثبتت الحكومة قدرتها على اختراق خلايا المتظاهرين في داريا وفي غيرها من المدن المنتشرة بجميع أنحاء البلاد. ومع هذا، واصل المتظاهرون نشاطاتهم على الرغم من حملة الاعتقالات والقوة الساحقة التي استخدمت ضدهم.

وعلى حسابها الشخصي على موقع التدوين المصغر quot;تويترquot; عقب انتهاء تظاهرات يوم الجمعة الماضي، كتبت الناشطة السورية مهجة كهف quot; قوات الأمن في داريا تعيش في حالة ذهولquot;. وقال ناشط آخر بالقرب من داريا يدعى بشير جودت سعيد :quot; اعتقل أكثر من 20 ناشطاً ميدانياً وآخرين ينظمون الاحتجاجات، وتظاهرت المدينة كما هي العادة. وبدا الأمر وكأن شيئاً لم يحدثquot;. ورأت النيويورك تايمز أن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن هو : إلى متى قد يستمر هذا المأزق غير المريح، ومتى ستتحول بالفعل حالة المد والجزر الحاصلة الآن، وإلى أين ستذهب؟

وأوضح الناشطون أنه على مدار الأسابيع الماضية، قامت قوات الأمن في داريا باعتقال أكثر من 20 شخصاً شاركوا في تخطيط وتوثيق الانتفاضة، التي بدأت في منتصف آذار/ مارس الماضي، في مدينة درعا الجنوبية الفقيرة. وكان آخر من ألقي القبض عليهما غياث مطر ويحي شربجي، الذين اعتقلا الأسبوع الماضي، بعد أن تم استدرجهما من منزل آمن كانا يختبئان فيه. وقد تعرضا بعدها للتعذيب، وفقاً لروايات ناشطين.

وبعد مرور 4 أيام، توفي غياث، وأظهر مقطع مصور حقيقة تعرضه لحروق وضربه عن طريق الجَلد فضلاً عن آثار الطلقات النارية التي ظهرت على جسده. وإلى الآن، لا يزال مصير شربجي غير معلوم. وفي بيان لها هذا الأسبوع، قالت منظمة العفو الدولية إن شربجي في خطر استثنائي. فيما نقلت الصحيفة عن أقرباء وأصدقاء له قولهم إنهم يعتقدون أنه (شربجي) قد نُقِل للمستشفى العسكري رقم 601 في منطقة المزة بدمشق، لكن حين حاولت مجموعة مكونة من 15 شخصاً أن تتأكد إذا ما كان موجوداً بالمستشفى أم لا، أنكر الحراس هناك وجوده، ومنعوهم من الدخول.

وتابعت الصحيفة حديثها بنقلها عن إياد شربجي، وهو ناشط سياسي، قوله :quot; حياة الناشطين السوريين أضحت في خطر متزايد. فهم يواجهون خطر الموت والتعذيب والإذلال في كل مرة يغامرون فيها وينزلون إلى الشارع. وهو نفس حال أسرهم كذلكquot;.

وقال أيضاً أحد أقرباء غياث ويدعى أبو عمر، ويبلغ من العمر 35 عاماً :quot; غياث كان يحرج النظام بمبادئه وأخلاقه العالية، بينما يحب النظام التعامل مع الأشخاص المتطرفين كي يبرر حملته العسكرية القمعية. لكن مع غياث، عرف النظام أنه سيكون الخاسرquot;.

وأخبرت الحكومة أسرة غياث بأنه تعرض لعملية إطلاق نار من جانب quot;عصابات مسلحةquot;، وهي الجملة التي أضحت كناية تستخدمها الحكومة عند وصف قوى المعارضة. وبعد أن لفتت الصحيفة إلى ذلك الاتجاه الجديد الذي بدأ يظهر بين المعارضين والناشطين، مع تزايد أعداد القتلى والمعتقلين في ظل استمرار الانتفاضة، بخصوص ترك وصاياهم، تحسباً لاحتمال تعرضهم للموت في أي لحظة، مثلما فعل الناشط غياث مطر، نقلت عن سيدة تدعى حنان، تشارك مجموعة من الناشطين البحث عن شربجي، قولها quot; الشعب السوري مبدع بما فيه الكفاية لإيجاد سبل يمكنه أن يتغلب من خلالها على القمع ومواصلة المسيرات الاحتجاجيةquot;.

وقال لؤي حسين، الناشط السياسي البارز في دمشق quot;يعتمد المستقبل على الوضع الحاصل على أرض الواقع. فكلما زاد قمع النظام، كلما كانت فرص العنف أكبرquot;.